عُرض فيلم "الجميع يحب تودا" المغربي في مهرجان كان السينمائي في دورته الـــ 77 لأول مرة، في قسم كان بريميير، وفيه تُعرض أفلام لأول مرة لإلقاء الضوء عليها.
تهاجر بطلة فيلم المخرج نبيل عيوش ، نسرين الرّاضي من قريتها في جبال الأطلس نحو مدينة الدارالبيضاء بحثاً عن فرصة الشهرة كـشيخة تؤدي فن العَيْطَة الشعبي. في فيلم "الجميع يُحب تودا"، ينقل المخرج من خلال شخصية تودا معاناة مؤديات هذا النوع الموسيقي في المغرب في حبكة مُتقنة، أشاد بها النقاد.
في المشهد الذي شاركه المخرج على صفحته على الإنستغرام من الفيلم، تظهر تودا وهي تصعد سلالم الكازينو الذي صارت تشتغل فيه بعد انتقالها إلى الدار البيضاء بقفطانها مرفوقة بعازف الكمان، ليُقدّمها المقدّم ويسألها عن ماذا ستُغني، وتجيب: "سأفاجئكم" لتبدأ الغناء: "وها الله الله دابا يحن مولانا الله دابا يحن مولانا، يا الميمة راني بنتك وسمحيلي ويلا عذبتك، ويا الميمة شحال بكيت على الغربة وتبرانيت...".
شخصية تودا هي محور قصة الفيلم ومحط إعجاب، بالرغم من الرفض الذي تتلقّاه من محيطها الصغير، إذ أنها تتحدّى كل العراقيل التي تحيط بها وتلاحق حلمها بأن تصير شيخة عَيْطَة معروفة. كذلك فهي الأم لطفل يعاني من صعوبة في النطق ويعتمد عليها في كل شيء، ما يجعلها تعيش بين حلمها بالوصول إلى الشهرة عبر الغناء ومسؤولية ابنها.
وقال عنه النُقّاد في مجلة Screen International: “الموسيقى هي كل شيء بالنسبة لتودا. يستكشف الفيلم موضوع الموسيقى كوسيلة نابضة بالحياة للتعبير عن الذات، ولكن هناك أيضًا علاقة قرابة بين هذا الفيلم وفيلم عيوش السابق "الكثير من الحب". "يشتعل الفيلم بالطاقة في كل مرة تفتح فيها الراضي فمها لتغني... جاذبية الراضي هي التي تحمل الفيلم." أما في مجلة The Hollywood Reporter، فقيل عن الفيلم: "يتناول عيوش قصة تودا بواقعية راسخة وشجاعة. الفيلم من تأليف المخرجة مريم توزاني، صاحبة فيلم القفطان الأزرق، وهو عبارة عن صورة ممتعة لامرأة مصممة على تغيير حياتها. قصة حول كيفية تغلب المرأة على قيود المحافظة على النوع الاجتماعي. بعض اللحظات الأكثر تأثيرًا في الفيلم هي تلك التي تغني فيها تودا العيطة، وهو نوع فلكلوري من الموسيقى المغربية متجذر في شعر التحرير. الممثلة لها حضور مؤثر على الشاشة."
يُعتبر غناء العَيْطَة فنًا موسيقيًا تراثيًا تؤديه النساء ويُطلق عليهن لقب الشيخات. وتروي أشعار هذا الصنف الموسيقي قصص المقاومة والتحرر من تاريخ استقلال المملكة المغربية،وقصصاً حول الحياة اليومية للناس البسطاء وقصص الحب والعشق. لطالما كان هذا الفن شكلاً من أشكال النضال الذي تمارسه المرأة ضد تسلط المجتمع على حريتها بالتعبير، وهذا ما صوره لنا فيلم "الجميع يحب تودا" من خلال مشاهد سينمائية استطاعت أن تلقى ترحيباً ويُصَفّقَ لها طويلا من أول عرض.