ساري هاني والخلطة المناسبة للفانتازيا الشعبية في مسلسل العتاولة

نستعرض موسيقى مسلسل "العتاولة"، وكيف استطاع المنتج الموسيقي ساري هاني الإسهام في رسم الصورة التي يستقبل بها الجمهور المسلسل
No Image
Change Font Size 20

رغم الطيف الواسع الذي يعمل ضمنه المنتج الموسيقي ساري هاني، من أعمال درامية وأعمال كوميدية إلى الأكشن والأعمال الاجتماعية، إلا أنه نجح مع ذلك في ترك بصمته في كل عمل شارك به، خاصة أنه لا يخلق موسيقى تعكس الجو العام للعمل، لكنه أيضًا يخلق خطوط وقطع موسيقية تعبر عن بعض الشخصيات الدرامية في الحبكة كأنها موسيقى تعريفية لهم. في "العتاولة" سواء كنت في فريق شخصية "نصار"، أو فريق شخصية "خضر"، أو حتى مجموعة معجبي "عيسى الوزان"، فبالتأكيد صاحبت مشاهدك المفضلة نغمة أو مقطع من الموسيقى ذات لحن الربابة الحاد الملتقط لتمبو المشهد والسياق، والذي لقي إشادة كبيرة من العديد من المتابعين للمسلسل.

اعتمد اللحن الرئيسي الذي استندت إليه معظم التوزيعات والمُدخلات الآلاتية للموسيقى على الربابة الحادة من حركة متدفقة، قد يصحبها عود، مع الدُف والطبول. جمع هذا اللحن بين اللمسة الشرقية المعبرة عن القصة الشعبية القادمة من عالم الجريمة في ضواحي الإسكندرية كمدينة ساحلية، مع الآلات الصعيدية التي تعطي حسًا من الأسطورية والغموض النابع من تراكم تراثي يخصُّ مسلسلات الصعيد التي تتناول مواضيع مشابهة لصراعات العائلات الكبرى على النفوذ، خاصة وأن محل الصراع الأساسي في المسلسل يتعلق بتجارة الآثار.

تأتي القطعة الرئيسية الموسيقية التي حملت اسم العمل موازنةً بين الآلات ولحن الدريل من نوتة عالية، معطية مساحة للناي لموازاة هذا الامتداد الإيقاعي خاصة مع تسارع البايس. وفي "الحب، الكره، الإنتقام" يأخذنا ساري في تخبط من المشاعر المتضاربة، بينما يبدأ اللحن بإيقاع متتابع مثل إيقاع العد التنازلي، لينتقل بعضها إلى مقسوم عنيف من المهرجان المصحوب بالبوق مع الجيتار الإسباني والترمبون. يضاف شيء من الموود الملحمي بالدق المتتابع للطبول، مع حضور صوت بشري على شكل صيحات متتابعة منغمة.

يجتاح الفراغ وصدى الصوت مساحة ضخمة من حيز المقاطع المعبرة عن الريبة، أو المتعمقة في مشاعر الحزن أو المصاحبة لتصوير الحالة النفسية مثل "الأسرار المدفونة"، أو "الندم"، أو "الفقدان". أما في "نصار" فيستعين هاني بالبوق الفرنسي الصرف مع مفاتيح النوتة العالية من البيانو ونصف حركة من التشيلو، وأصوات كورس كخلفية، صانعًا موودًا أوركستراليًا. يضفي نفس الملحمية على "حتى النهاية" مع التبطيء والتسريع في المدخل، أو في "بدم بارد"؛ حيث يشارك نواح الكورس في مرحلة الفقدان بالموت. أما في "في وقت ومكان مختلف"، فيستعين بكوردات صاخبة من الجيتار الإلكتروني.

وبخلاف حضورها كجزء من اللحن دون جُنرا واضحة في بعض الأحيان، تظهر تنويعات عديدة مستعملة للموسيقى الإلكترونية مثل التكنو المتصاعد والإلكترو، والإلكترو هاوس، والذي يتم توظيفه توظيفًا مشابهًا للإيقاع المتسارع المستعمل في مقطع "عربيات وحركات" الذي اشترك فيه مع هودز من فيلم "الخلية" 2017، إخراج طارق العريان. كما لا يغيب حس الطرافة بألحان خفيفة سريعة الرتم مثل "الإسكندرية"؛ المعتمد على توليفة بين البوب والشعبي، أو "امسكني لو تعرف" حيث يتحرك العود والدفوف في إيقاع أكثر تحررًا، أو "لا تترك أثر"، حيث تتداخل التقطيعات مع سرينة مختلطة بين سرائن مختلفة.

+ اقرأ المزيد عن
أحدث المواضيع