مثّلت سنة 2023 نقطة تحول في مسيرة سمر طارق، التي بدأت تجربتها الموسيقية قبل سبعة أعوام تقريبًا، ولكن شهرتها ظلّت محدودة النطاق، قبل أن تتفجر نجوميتها العام الماضي، بسبب الأعمال الدرامية الناجحة التي استخدمت صوتها وعرّفت الجمهور على الموهبة الشابّة.
بدأت سمر طارق رحلتها الفنية عام 2017، بإصدار أغنية الصبح قال لليل، التي كتبها عادل العش ولحنتها سمر بنفسها. تؤنسن في الأغنية الليل والنهار وتخلق حوار بينهما، لتُعلن مع تجربتها الأولى عن ولادة فنانة مختلفة كليًا عن كل ما هو سائد في موسيقى الإندي العربية. ظلّت تجربة سمر طارق الأولى يتيمة لعدة سنوات، حتى عادت عام 2021 وتقدّم كوفر لأغنية حبيتك بالصيف لفيروز؛ بأسلوب استعادة غير تقليدي تختزل فيه كلمات الأغنية إلى الحدود الدنيا مع التركيز على جماليات الصوت والتوزيع الموسيقي، يذكّرنا بالنسخ التي قدّمتها فيروز عن الأغنية ذاتها مع زياد الرحباني في ألبوم معرفتي فيك. انتظم بعد ذلك إنتاج سمر طارق الموسيقي، فأصدرت أغانٍ منفردة يفصل بينها فترات زمنية متقاربة، لتستهل المرحلة المثمرة من مشوارها بواحدة من أفضل أغانيها: عتمة.
تملك سمر طارق قاموسًا خاصًا من المصطلحات التي تستخدمها في كتابة أغانيها ضمن سياق ضبابي، لترسم في كل مرة صورة مشوشة وجذابة لحالة درامية خاصة، نشعر بها وتلمسنا حتى قبل أن نفهمها. يأتي ذلك بفضل صوتها المشحون بالمشاعر، وأدائها الذي لا يقل جودةً عن كلماتها، وبالطبع بفضل الموسيقى المصاحبة، ولاسيما في الأغاني التي تعاونت في مع الوايلي بالإنتاج. تميزت من هذه التعاونات أغنية لو، التي صدرت في شهر رمضان الماضي وتم استخدامها في مسلسل الهرشة السابعة وتسببت في حدوث تغيير ملحوظ في مسيرة سمر طارق التي ضخت بصوتها جرعة عاطفية إضافية في المسلسل. كما تعاون الاسمان في أغنية عتمة، التي صدرت في نهاية عام 2021، وأعاد المخرج هادي الباجوري استخدامها في مسلسله سفاح الجيزة، الذي عُرض قبل أشهر، والذي قام الوايلي بتأليف موسيقاه كاملةً. سمح ذلك بإعادة اكتشاف الأغنية وتصدرها للتريند، بعد أن اقترنت بأجواء الرعب والإثارة التي رسمها مسلسل سفاح الجيزة، واكتسبت معانٍ جديدة ضمن سياق جرائم العنف ضد المرأة.
يكمن عنصر الجاذبية في أغاني سمر طارق في كونها غزيرة بتفاصيلها، تعتمد دائمًا على لحن بطيء يُتيح للمستمع المجال لمعايشة كل جزئياته، التي تتداخل فيها الأصوات المحيطية مع النغمات الرقيقة والذبذبات الحادة والهمسات، فترسم خلفية المشهد الموسيقي، ليكون أثر صوت سمر طارق أكبر عندما يصدح بكلماتها. لكن اكتشاف جماليات أغاني سمر طارق قد يحتاج في بعض الأحيان إلى سياق وحكاية إضافية تتفرع عنه، تشرح خلفيات الحالة العاطفية والنفسية للجمهور قبل أن تستحوذ الأغنية على وجدانهم، لذلك جاءت نجاحاتها الأبرز مرتبطةً بعمل درامي.
لربما كان هذا الربط هو ما دفع سمر طارق إلى التفكير في أن تسلك في خطوتها التالية دربًا مختلفًا، حيث ترغب في الأغاني القادمة أن تبتعد عن الثيمات الدرامية التي لازمت صوتها، وأن تُقدم أغاني إيقاعية مُبهجة، حسبما أشارت في مقابلاتها التي ذكرت فيها أيضًا أنها تعمل على العديد من الأغاني، على رأسها أغنيتي يا غايب ورهان.