أصوات فريش: صولا عمر ومسيرة مختصة بالأغنية الكوميدية الساخرة

إن خفة الدم والقدرة على صناعة وجبة كوميديا متكاملة بأغنية ليست السمة الوحيدة التي تُميز صولا عمر، فهي أيضًا تمتلك صوتًا جميلًا حقًا وتُجيد استخدامه لأداء ألوان متعددة
صولا عمر (بيليف)
صولا عمر (بيليف)
Change Font Size 20

بدأت صولا عمر باختبار أدواتها من خلال نشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، واستطاعت أن تلفت انتباه الجمهور بفضل أفكارها الفكاهية وأدائها الساخر، لتتمكن خلال السنوات الثلاث الماضية من الصعود بسرعة إلى عالم النجومية وتوسيع دائرة متابعيها، من خلال ما قدمته في التمثيل والغناء. ومع أغنية "أبو أحمد" بدأت صولا عمر تتذوق طعم النجومية سنة 2021، وهي أغنية استوحت موضوعها من أغنية "Sugar Daddy" لكفين هيربي، التي كانت ترندًا في ذلك الوقت. بدا لافتًا حينها أن صولا لم تكتفي بترجمة الكلمات ولم تقم باستخدام لحن "Sugar Daddy"، بل قامت بصناعة أغنية مختلفة عن الأصل، تُلامس روح الشارع المصري وتستلهم كلماتها وتفاصيلها منه.

استخدمت صولا عمر هذا النهج مرارًا لصناعة الأغاني الكوميدية التي قدمتها ضمن الإعلانات أو التي قدمتها بشكل مُنفصل كأغاني منفردة. يبرز كمثال على ذلك أغنية "كل الناس بتحسدني على اختياراتي"، التي أصدرتها مؤخرًا كأغنية مُرافقة لإعلان مُصفف شعر، وسرعان ما تعدّت شهرتها سياقها الإعلاني وأصبحت تريند على التيك توك بالآونة الأخيرة، بسبب كلماتها المُعبرة والمُثيرة للسخرية التي تنفع كخلفية موسيقية لعدد كبير من المشاهد الحياتية المختلفة. الأغنية التي روّجت لها صولا عمر بهاشتاج "ده مش إعلان، دي حياتك"، يُمكن تصنيفها كأغنية نقد ذاتي، وفيها إشارات للعديد من الأغاني والمراجع المختلفة التي شكّلت الأرضية الخصبة لموضوع الأغنية، بما فيها أغنية "New Rules"، حيث تقمصت صولا عمر بالأغنية دور الفتاة التي تضع القواعد الجديدة للعلاقات العاطفية وتُسدي النصائح ليستفيد الجميع من خبراتها. ومن خلال الملامح الكوميدية التي التقطها من الأغاني العالمية الشائعة، والتي أعادت تدويرها بما يتناسب مع الثقافة المصرية المحلية، رسمت صولا عمر شخصيتها الغنائية المميزة.

يُمكن فهم شخصية صولا عمر من خلال حكاية طريفة روتها في إحدى مقابلاتها عن بدايتها في عالم الفن، عندما ذهبت للغناء في الأوبرا، ورفضت المشاركة بالغناء مع الكورال بعد أن أمضت فترة من التدريب والعمل، لأنها كانت على قناعة بأنها أفضل ممن تم اختيارهم للغناء المنفرد. الحكاية تُبين أن صولا عمر واثقة بنفسها إلى حد الغرور، وأنها تملك من الذكاء والجرأة ما يكفي لتتمكن من تحويل المواقف السلبية التي تعرضت لها بحياتها إلى مواقف طريفة وتستخدمها بالتسويق لنفسها.

إن خفة الدم والقدرة على صناعة وجبة كوميديا متكاملة بأغنية ليست السمة الوحيدة التي تُميز صولا عمر، فهي أيضًا تمتلك صوتًا جميلًا حقًا وتُجيد استخدامه لأداء ألوان متعددة، وتبرع بتقديم أغاني درامية كبراعتها بتقديم أغاني التهييس والكوميديا. قدمت صولا عمر منذ بداياتها العديد من الأغاني الدرامية المُؤثرة، مثل "ضحى بيا" و"راجع ليه"، ففي هذا النوع من الأغاني تعرف كيف تخرج من جلدها تمامًا لتُغني بطبقة صوت رخيمة وإحساس مليء بالشجن، وتُقدم عن نفسها صورة مختلفة عن نفسها، تتعارض كليًا مع كل الانطباعات الأولى التي أخذناها عنها. ولعل أفضل ما يميز تجربتها هو أنها تُعطي كل أغنية ما يناسبها تمامًا دون زيادة أو نقصان، فلا تستعرض مثلًا جماليات صوتها دون طائل في الأغاني الكوميدية؛ بل تعرف كيف تُقدم لكل أغنية الأداء الذي يناسبها تمامًا بما يخدم موضوعها.

نجحت صولا برسم شخصية محبوبة وساخرة، وعرفت كيف تفتتح مسيرة فنية بأسلوب مثيل للاهتمام، تبدو بالموسيقى والمواضيع امتدادًا لمشاريع مُثيرة للاهتمام لم تُعمّر طويلًا، مثل أبو الليف وفرقة طاخ وغيرها، مما يثير فضولنا حول إمكانياتها للذهاب بمسيرتها إلى ما هو أبعد ممن سبقها في الفترة القادمة.

+ اقرأ المزيد عن
أحدث المواضيع