في الفيلم الوثائقي الذي قدّمته منصة لقطات عن عبدو، يظهر عبدو في حيّ الأطلس المكان الذي عاش وتربى فيه، وواحد من الأحياء الشعبية في مدينة القنيطرة، مدينة معروفة بتاريخها المقاوم والصناعي، هي واحدة من المدن المهمشة التي تبعد عن العاصمة المغربية. يقف عبدو في الحيّ مع أصحابه الذين يعرفهم فردًا فردًا، وهم نفس الأشخاص الذين يظهرون معه في أغلب كليباته. يسرد بعدها حياته الروتينية في هذه الأحياء وكيف أن الراب هو الشيء الوحيد الذي بقي معه. جاء صوت عبدو لنقل هذه الأصوات البعيدة عن مركزية العاصمة، وهكذا صارت إصداراته توثيق حقبة من حياة الشباب المغربي في الأحياء المهمشة.
حملت تأثيرات عبده الموسيقية أسماء عالمية من جي يونيت إلى فيفتي سنت وتوباك، كما تأثر أيضًا بالأسماء المحلية مثل كازا كرو ودون بيغ. كان حلمه أن يكون رياضيًا ويصل إلى العالمية، ولكنه اختار بعدها الراب إلى جانب الدراسة التي أصرّ على إكمالها. أطلق عبدو عددًا من الإصدارات قبل تراك "زمبابوي" وهو التراك الأول على قناته، إلا أنه مسح ما قبله واعتبره نقطة البداية في مسيرته الرسمية. أسّس تراك "زيمبابوي" لأسلوب عبدو المختلف عن باقي المشهد المغربي، سواء عبر أسلوب الكتابة المستلهم من حياة أبناء جيله في الشارع، أو الإنتاج الموسيقي الذي ميّز صوته الفني بعيّنات إلكترونية ومزاج عبثي. تعاون عبدو مع جوناس وجوزيف في إنتاج ومزج أغلب إصداراته، وقد ساهما ببناء هوية صوتية متمكنة، كما كشف عبدو فيها عن الدليفري والأداء الصايع.
"قلبي حاطه في مدينتي" تشغل المدينة حيّزا كبيرًا من أفكار عبدو، يترجم انتمائه الثقافي لها عبر الراب وهو الوسيلة الأقرب للتعبير عنها وعن نفسه. كما يقول في تراك "موري" والتي تعني العائلة "مابقيناش عارفين الخوف" في إشارة إلى الانتماء إلى جماعته التي تقويه، حيث يظهر في الكليب محاطًا بأصدقائه في الحيّ الشعبي، وقد شارك عبدو بإخراج الكليب مع زاهر سفيان، واحد من أبرز المصورين في المشهد المغربي.
ترتبط هوية عبدو البصرية والفنيّة بحياته اليومية والشخصية، وفي كل كليب نجد بصمة واقعية عن شخصيته، قد يخيّل للمشاهدين أن اللقطات متشابهة، لكن إن ركزنا قليلًا نجد أن كل لقطة بصرية تحمل قصة، من الحركات الراقصة البسيطة والعفوية إلى لقطات من ألتراس نادي القنيطري، ومن الحلاقة في الشارع إلى الأزياء والملابس، وحتى شرب المشروبات الغازية ورفع الأثقال، كلها مشاهد قد نراها إن مريّنا بالحي في يوم عادي. شارك عبدو مع سفيان بإخراج معظم هذه الكليبات، كما تطوّر أدائه أمام وخلف الكاميرا مع كل تجربة.
افتتح عبدو تراك "مارك" بالزغرودة المغربية، قبل أن يباغته إيقاع الكلوب راب ويفتتح ببار "في الحفلات في الأزمات في القلب في الرأس كدمات". يعتبر هذا التراك نقطة مفصلية في مسيرته الفنيّة، خاصة وأن أسلوبه قد بدأ يتبلور مع الموسيقى وطريقة الأداء، كما ظهر النضج في أسلوبه الكتابي. عرّف هذا الإصدار عبدو على باقي المشهد المغربي، كما قام بإخراج الكليب بنفسه وقد حمل المزيد من المؤثرات البصرية الخاطفة، مع الإبقاء على روح الحيّ والشلة نفسها التي رافقته من الكليب الأول "بقي نفس النمرة نفس الوجوه / نفس الراية ما كينش رجوع".
ليست غزارة الإنتاج هي الوقود الأساسي لمسيرة عبدو، بل التأني والمضمون في كل إصدار. بعد اختفائه عن الإصدار لعدة أشهر عاد في نوفمبر 2023 بتراك شكون، وتعاون على إنتاجه مع بيبي بوي وريتالييايت، فحافظ فيه على أسلوبه بالضربات المستوية على الإيقاع والعيّنات المشوشة في الخلفية. أما على صعيد الكليب، فأخرج عبدو لنفسه كليب غني ومميّز من ناحية اللقطات التشويقية وحركة الكاميرا السريعة واستعان بالغرافيكس، ما كشف عن تطور مهاراته الإخراجية.
قدم عبدو خلال مسيرته عددًا من التعاونات التي ساهمت في دفع المشهد المغربي، منها تراك "نماري" بالتعاون مع لمهدي وإنتاج سُفيان إي زد، بالإضافة إلى مشاركته في ألبوم ستورمي "آسيبرغ" والذي يعتبر من أبرز الألبومات الصادرة هذا العام 2024 في المشهد، حيث قدما سويّة تراك "رالي داكار" والتي استلهم فيها ستورمي من أسلوب عبدو بالكلوب راب، وقد دخل هذا التراك قائمة هوت 100 في بيلبورد عربية.
في واحدة من مقابلاته مع راديو ستون، نشرت المقابلة تحت عنوان "قصة الرابور عبدو اللي كبر في أخطر الأحياء في القنيطرة"، امتد تأثير هذا الحيّ على إصدارات عبدو حتى صار كل ما يقدمه رحلة توثيقية وتجميعية لمعاناة الشباب من جيله وأحلامهم وتطلعاتهم. تميّز أسلوب عبدو بالتنوع من الكلوب راب إلى الدريل، واستثمر بكل ما حوله ليقدم أسلوبًا كتابيًا لاسعًا، كما ساهم بتشكيل هويّته البصرية حتى صار حالة فريدة في عالم صناعة الهيب هوب المغربي.
