لم يكن جون نيومان يتوقع يوماً نجاح أغنيته الأولى "Love Me Again" والتي مر عشرة أعوام على إطلاقها. فعندما يتذكر العقد الماضي بجل ما فيه من عقبات وإنجازات، لا بد أن تكون تلك الأغنية التي حلت في المرتبة الثلاثين على قائمة Billboard Hot 100 حينها، من أبرز ذكرياته. "ليس بالإمكان توقع ما إن كانت أغنية ما ستشهد نجاحاً، وأنا بالتأكيد لم أتوقع يوماً نجاحها، كما لم يتوقع أحد لها ذلك مع أن الجميع يقولون بإنهم توقعوا الأمر، لكن لم يكن لأحد أن يتوقع ذلك."
يسترجع نيومان محطات مسيرته المهنية مع بيلبورد العربية التي التقته في دبي مؤخراً، حينما استضافته استوديوهات FIVE Music للعمل على موسيقاه، ولتقديم حفل لم يكن الأول له في الإمارات، إنما بداية زيارات عديدة له مستقبلاً، على حد تعبيره. "من المضحك أنني كنت آتي دوماً إلى دبي، وكانت زيارات سريعة في كل مرة، من ثم جئنا في نهاية العام، كنا قد ذهبنا للهند وبانكوك في اليومين السابقين، فكان كل شيء سريعاً، لكننا أخذنا سكوترات في جولة، فذهبنا للتسوق وكان الأمر كافياً بالنسبة لي كي أقول لنفسي بأنني أحب دبي فعلاً، وهي مكان جميل جداً في هذا الوقت من العام، فقلت لما لا أعود في عطلة إلى هنا؟"
لم يتطلب الأمر مجهوداً كبيراً لجمع محبيه في مكان واحد لحضور حفله، لكن وصول موسيقاه إلى شتى أطراف العالم هو أمر لازال يذهله، ,يؤكد بأن الموسيقى لغة عالمية، قائلاً:" أغنية "Blame" مثلاً مع كالفين هاريس هي من أكثر الأسباب رقياً لكتابة أغنية، وهو ما لم أفسره يوماً، لكنني لو قمت بذلك يوماً ما فالناس سيتفاجؤون، وأعتقد أن هنا يكمن جمال الموسيقى، لا أعتقد بأن علي يوماً أن أشرح الأسباب، فالناس يتفاعلون معها بطرق مختلفة."
التعاون مع كالفين هاريس في العام الذي يلي إطلاقه أولى أنجح أغانيه، ليحل في المرتبة التاسعة عشر على قائمة بيلبورد Hot 100 في العام 2014، وأصبحت الأغنية تتردد على مسامع الجميع منذ وقتها وإلى يومنا هذا، لتكون بمثابة تذكير دائم لجون بأن الأحلام تتحقق فعلاً. "أمر جنوني باعتقادي تقديم كالفن لأغنيتنا حول العالم في كل مكان، أمر مذهل أن أرى ردات الفعل في كل مرة، لذا أعتقد بأنها الأكثر تميزاً،" يقول جون. "أذكر في إحدى المرات كان العرض الأخير في مهرجان كوتشيلا، وأتيحت لي الفرصة للصعود على المسرح بعد ريهانا وإنهاء المهرجان بتلك الأغنية، كانت تلك لحظة رائعة وكبيرة بالنسبة لي، ومخيفة بعض الشيء." يضيف ضاحكاً.
لكن ذكريات جون نيومان السعيدة اختلطت بالقلق والصعوبات في مرحلة ما من حياته، عندما ابتعد عن الأضواء لعام كامل ليركز على صحته النفسية والجسدية، فعاد بأغنية "Waiting for a Lifetime" التي بدأ معها نمطاً موسيقياً جديداً أعطاه الدافع والشغف الذي افتقده عبر الطريق. لكن كما أخبرنا، جاء هذا التغيير والسلام الداخلي بالتزامن مع أسوء خبر تلقاه في حياته. "أشعر أنني قطعت شوطاً كبيراً منذ إطلاق هذه الأغنية، لكنها حملت شيئاً مميزاً بالنسبة لي، ولن تفارقني أبداً لهذا السبب، كنت أقول سابقاً بإمكاني كتابة كلمات لأغاني فيتم الشعور بأنها ذات صلة بشخص آخر في الطرف الآخر من العالم حتى ولو لأسباب مختلفة، وأنا لم أشعر بذلك يوماً سوى مرة واحدة مع موسيقاي حين لامستني بشكل شخصي، فقد كتبت فكرة وأطلقتها ثم لامستني عندما استمتعت لها مجدداً، وهو أمر كئيب، لكن في الليلة التي سبقت إطلاقي لها توفي والدي،" يذكر جون. "ترك والدي المنزل عندما كنت في الرابعة من عمري، وكنت غاضباً منه طوال حياتي، ثم كبرت وبدأت رحلة العلاج النفسي وأخذت وقتاً من الراحة، وأردت أن أصبح والداً، وقررت أنا وزوجتي في مرحلة مُتقدمة لقاء والدي، ولم أشعر في حياتي بالقرب من أحد بالقدر الذي شعرت به معه، وكأننا فهمنا قلوب بعضنا البعض."
بسبب الألم الذي شعر به جون عند فقدانه لوالده، لم يرد لإبنته أن تمر به أو ألا تعلم مدى حب والدها لها، فكان ذلك الدافع خلف أغنيته الجديدة "Guiding Light" التي أصدرها في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023، وأهداها لها. الأغنية جمعت بين البيغ روم والتكنو، ليتوضح النمط الجديد لموسيقى جون من خلالها، ولتبرز شخصيته الجديد كأب من خلال كلماتها. "فقدت والدي، ولأنه لم يكن موجوداً معظم حياتي، أعطاني جيتاراً عنى لي الكثير وأنا أنظر إليه بشكل يومي، إنه لأمر رائع تمكني من رؤيته إضافة للصور القديمة التي أعطاني إياها، لكن بشكل عام عندما يحدث خلاف في عائلتك، من الصعب إيجاد ما يذكر به، خاصةً وأنه لن يكن موجوداً هناك،" يقول جون، ويضيف: "عندما أصبحت أباً، علمت بأن هذا قد يحدث معي، قد يحدث في علاقتي، وقد يصبح هناك فتاة صغيرة تتساءل أين أبي؟ هل أحبني؟ لكن الأمر المذهل أن بإمكانها الدخول على الإنترنت وسماع رسالة كتبتها لها، أقول لها فيها كم أنني أحبها فعلاً."
يُكمل جون حديثه عن ابنته ليكشف لنا عن السبب في قلة إصداراته الموسيقية، فهو لا يكتب أو ينتج إلا ما يلامس قلبه. "أريد أن أكون الأفضل، أريد أن أتصدر العروض في كل مكان، لقد وضعت نفسي في مشهد الموسيقى الإلكترونية الراقصة ذو أساس صلب وناجح عبر السنوات كما رأينا، فجميعنا نعرف الأسماء المتواجدة في كل مكان بالحفلات الكبرى، لذا فالأمر يأخذ وقتاً لكنه يستحق فعلاً، فقد عشت لحظات رائعة مؤخراً وأنا أعمل على الموسيقى، أنا دائماً أعمل على موسيقى جديدة وتلك ليست المشكلة، المشكلة بأنني أحب المثالية ما يجعلني أتردد في إطلاق الأغاني. فالجميع يخبرني بأن علي إطلاق ثلاثين أغنية شهرياً ولكن ليس بإمكاني فعل ذلك، عليها أن تكون مثالية."