"لمّا نسمع موسيقى منكون عم نحس بشي معين، يعني اللي بكون زعلان مرتاح عم بفضفض عم يرقص، هاد كلو علاج، لا؟" تشرح الفنانة الشابة في حديثها مع بيلبورد عربية ضمن لقاء أجرته في القاهرة قبل بدء شهر رمضان. تتجسد هذه الفكرة في الموسيقى التي تقدمها غالية؛ حيث تسرد كلمات أغانيها حكايات تعبّر عمّا يدور في ذاتها، كما في "إلك وبس" وCause" "You Trouble وأغنية "بدي أحكيك" التي تنتمي إلى فئة الأغاني العاطفية الحزينة.
يمكن وصف ألحان غالية وموسيقاها المتنوعة وكأنها الرفيق المقرب الذي يمكن للمستمع اللجوء إليه في جميع الظروف؛ سواء كان غارقًا في بحر الحب والرومانسية أو كانت يواجه تعقيدات الحياة. في سن التاسعة عشر فقط، استطاعت الهيت الأولى التي قدّمتها غالية باللغة الإنكليزية "Why" أن تحصد انتشارًا سريعًا. مع ذلك، قادتها لحظة محورية من حياتها إلى الغناء باللغة العربية لتعزز الرابط العميق مع جمهورها، إذ ذكرت مفاجئتها بالأصداء والانتشار الواسع الذي حقّقته أغنيتها الأولى باللغة العربية والتي كانت بعنوان "كل العالم"، وهنا أدركت أن الجمهور يفضل اللغة العربية مقارنة بالإنجليزية.
إلا أن البراعة والموهبة التي تتمتع بها غالية تتجاوز أية حدود لغوية بكل الأحوال. بل وتتجاوز قوة أدائها الصوتي حدود الجنرا الواحدة، حيث استمعنا إلى تنويعات من الآر-أند-بي في أغنيتها "Why"، وتنويعات الإندي-بوب في "شو بدك". في عام 2019، أطلقت غالية ألبومها القصير "Amygdala"، وتعني اللوزة الدماغية أو الجزء المسؤول عن المشاعر في الدماغ. تركب الألبوم من أغاني باللغة العربية وأخرى بالإنجليزية، ونجحت عبره بالوصول إلى دهاليز جديدة من المشاعر والأحاسيس، واستمعنا فيه للمرة الاولى إلى هيت "عبالي" التي تعاونت فيها مع سامر ضومط، والتي تحولت إلى أكبر هيتاتها محققة 31 مليون مشاهدة على يوتيوب لتصبح أكثر أغانيها مشاهدة إلى يومنا هذا. علّقت غالية على نجاح هذه الأغنية قائلةً: "كتبتها ولحنتها ومابعرف شو خطر عبالي، وأبدًا ما كنت مفكرة أصلًا انو هي الغنية ممكن حدا يحبها، لأنو كتير سهلة وكتير عادية، يعني بينك وبين حالك بتكون هيك قصة لزيزة، بعدين العالم كتير حبوها… خلتني فكر انو كل ما كنت عم بكتب ببساطة أكبر كل ما رح توصل أسرع".
أطلقت غالية ألبومها القصير التالي بعنوان "كل يلي صار" في عام 2020، والذي شكّل رحلة أخرى تخطف الأنفاس إلى عوالم الحب والفقد والاشتياق. عبر أداء صوتي أخّاذ وتوزيعات موسيقية معقّدة، كشفت كل أغنية من أغاني هذا الألبوم عن طبقات جديدة من المشاعر تؤثر في المستمعين بعمق. نسمع ذلك ضمن أغنية "لو شفتك" بالاشتراك مع نويل خرمان، التي امتزجت فيها طبقاتهما الصوتية مع الآلات الموسيقية الكثيفة في توزيعات الأغنية، لتكشف عن أبعاد جديدة من إبداعها الفني وتقدّم أقوى أداءاتها الصوتية. موسيقيًا، تعد أغنية "كل يلي صار" التي تعاونت فيها مع الدومري من إصداراتها الغنية والزاخرة بالمنعطفات غير المتوقعة، حيث تجمع بين الموسيقى المستقلة والهيب هوب: "بحس فيها شوي من الجاز شوي من الإندي شوي من البوب. هيك كوكتيل. شوي آر-أند-بي أوقات مع إني ما كتير بحبا بس بحس حالي إني عم اعمل نغمات من الآر-أند-بي جنرا. كمان كتير الشرقي… هاد أكتر شي بحبو بموسيقتي فيكي هيك تلعبي فيه متل البازل متل الليغو".
شهدت مسيرة غالية الفنية منعطفًا مهمًا في العام 2022 مع إطلاق ألبومها "إلك وبس" الذي لمسنا فيه تطورًا ملحوظًا في قدراتها الصوتية وموهبتها في كتابة الأغاني، خاصةً في أغنية الكنتري الافتتاحية للألبوم "Why Lie to Me" التي غنتها على الجيتار مع جوقة مرافقة. لربما شكّلت جنرا الكنتري لونًا غير مألوف المقارنة مع مجمل الأعمال التي قدّمها غالية حتى الآن؛ ولكن لدى سؤالها عن مصادر التأثير بالنسبة لها، فقد أكّدت أن الكنتري كان من بين جذور إلهامها الأساسية. "بعطي الفضل لموسيقى الكنتري" تقول غالية شارحةً مصادر إلهامها: "تعلمت الكتابة من هاد الجنرا مع إنو في كتير عالم بتكرهو بس كتير بسمعو. عنجد بستهلك موسيقى الكنتري كتير يوميًا. لأن بيكتبو بطريقة بتغطي كلشي يعني بعد ما تخلص الغنية بتعرفي شو صار مع الزلمة بتعرفي شو قصتو."
وفي العام 2023 وبعد اندلاع الحرب في غزة، شاركت غالية في التعاون الأيقوني "راجعين" إلى جانب 25 فنانًا كرسوا مواهبهم الموسيقية لجمع المساعدات للعمل الإغاثي ضمن ما شكَّل بيانًا تضامنيًا موسيقيًا قويًا. علّقت غالية على هذه التجربة قائلةً: "كتير فخورة بهاد المشروع وكتير مبسوطة إني اشتغلت مع فنانين من مصر من الأردن، كان كأنو سحر… لأن كلنا سوا تحت سقف واحد، 48 ساعة سوا عم نفكر سوا عم نغني عم نمثل الغنية، وبعزّ المشكلة فكلنا هيك كأنوا قلوبنا كلنا سوا عرفتي؟"
تعمل غالية في الوقت الحالي على ألبوم قصير بعنوان "اللعبة"، وأطلقت حتى الآن أغنيتين منفردتين الأولى بعنوان "يا خسارة" والثانية تحمل اسم الألبوم وتندرج تحت ثيمة الأبيض والأسود الخاصة بالألبوم. نرى في الأغنيتين كيف تحاول غالية تدفع حدود موسيقى البوب العربية وتصل إلى أعلى درجات أدائها الصوتي تفوقًا في تاريخها الفني. "كل ما اعمل مجموعة من الأغاني بحب اختار لون معين. علمت بنفسجي وبرتقالي. والعالم اختاروا معي يعني المستمعين بعطيهن خيار انو هاد الألبوم أيا لون هالمرة بدنا نعملوا؟ واختاروا الأبيض والأسود" تعلّق غالية شارحةً ثيمة الألبوم وسبب تسميته، وتتابع قائلةً: "كنت عم اشرح إنو كلشي بحياتنا هو لعبة، يا بتاخدي خطوة وبتفوزي يا بتخسري."
لا يتوقف الأمر على الموسيقى بالنسبة لغالية، ففي شهر فبراير/ شباط بدأت بتسجيل أولى حلقات البودكاست الخاص بها بعنوان Gen Wow Talk Show، حيث تستضيف مشاهير عالميين من قطاعات مختلفة بالإضافة إلى أصدقائها الفنانين مثل مُلهَم وفادي طبال، إلى جانب شخصيات ملهمة أخرى، ليرووا قصصهم ويشاركوا في ألعاب ويتحدّثوا عن الحياة والمجتمع والمستقبل، وبالطبع عن الحب.