ليست الثنائيات الغنائية أمرًا جديدًا على المستمع العربي، فمنذ ثلاثينيات القرن الماضي تشارك المطربون والمطربات أدوار البطولة في الأفلام المصرية جنبًا إلى جنب دون أن يخلو فيلم كلاسيكي من الأغنيات المشتركة. حققت ظاهرة الثنائيات الغنائية نجاحًا كبيرًا دفع منتجي الأفلام إلى تكرارها في الكثير من الأفلام من بطولة كبار النجوم مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وليلى مراد وشادية وفريد الأطرش وغيرهم. وصلت هذه التجربة الفنية إلى لبنان في مسرحيات وأفلام جمعت بين فيروز ونصري شمس الدين، ثم بينها وبين وديع الصافي في السبعينيات، كما اجتمعت هذه الثلاثية في سهرة حب.
بالرغم من ألفة هذه التجارب في الموسيقى العربية، إلا أن مفهوم الديوهات تطور مع الوصول إلى التسعينيات وأوائل الألفية الثانية، فجاءت تلك الفترة محملة بكم كبير من التعاونات في مشهد البوب، بالتزامن مع الانتشار المتزايد للفيديو كليبات التي عززت من نجاح هذه الأغاني وطبعتها في ذاكرتنا صوتًا وصورةً، فنستعيدها اليوم مدفوعين بنوستالجيا كبيرة. جمعنا لكم في هذه القائمة أبرز هذه الثنائيات، فيما طالعتنا مع كل منها على يوتيوب تعليقات من نوع: "نحن لا نبحث عن الأغاني القديمة، ولكن نبحث عن الذكريات".
نوال الزغبي ووائل كفوري - مين حبيبي أنا
العام: ١٩٩٦، المكان: مسرح استوديو الفن. يطل وائل كفوري على الجمهور بتسريحة شعر إلفس بريسلي وبدلة حمراء على المسرح الذي انطلق منه عام ١٩٩٢ عن فئة الأغنية الشعبية، وإلى جانبه نوال الزغبي، خرّيجة استوديو الفن أيضاً دفعة ١٩٨٨، بشعرها الذهبي المميز. لست دقائق، قدّم وائل ونوال أغنية لن يكون لها مثيل في عالم الثنائيات ويمكننا القول أنها أعادت فكرة الديو إلى العالم العربي لما أتى من بعدها من تجارب مشابهة تأثرت بنجاحها. جاءت فكرة الأغنية من المخرج سيمون أسمر، صانع النجوم ومخرج وصاحب فكرة برنامج استوديو الفن. لم تسجل الأغنية مرة ثانية أو تلحق بأي ألبوم للنجمين، ليكون هذا الأداء الحي هو مرجعنا الوحيد للأغنية التي تبدو كحوارية بين وائل ونوال، بين سؤال وجواب.
راغب علامة وإليسا - بتغيب بتروح
تقول إليسا في البودكاست الخاص بها على منصة أنغامي عن الديو أنها سمعت فنانة تركية تؤدي الأغنية وأرادت الحصول على حقوقها، لكن الموزّع ناصر الأسعد أخبرها برغبة راغب أن يقدّم هذا العمل معها. وأن ذلك كان بمثابة حلم لها في بداياتها الفنية مع نجم كبير. وبالفعل، كانت أغنية بتغيب بتروح أنجح ديو آنذاك وكان أحد أغاني ألبوم وآخرتا معك لإليسا الصادر عام 2000، كما ضم راغب علامة الأغنية في ألبوم سهروني الليل بعد النجاح الواسع للأغنية والفيديو كليب الخاص بها. لحن الأغنية مأخوذ بالفعل من أغنية تركية باسم Delice Bir Sevda صدرت عام ١٩٩٥.
سميرة سعيد والشاب مامي - يوم ورا يوم
تقول سميرة سعيد في إحدى مقابلاتها عام ٢٠٠٢ التي أجرتها ترويجًا لألبومها، أنها كان تود أن تقدم أول ديو لها مع مطربة لتفاجئ الجمهور، لكن رغبتها لم تتم ليكون هذا التعاون مع الشاب مامي عوضًا عن ذلك. تواجدت جميع العوامل لتحقيق نجاح أغنية يوم ورا يوم بشكل مثالي ابتداءً من جمع المنتج محسن جابر لنجمين في ذروة تألقهما في ذلك الوقت، انتقالًا إلى كلمات الأغنية من توقيع خالد تاج الدين ولحن عمرو مصطفى، ووصولًا إلى توزيع طارق مدكور الذي مزج موسيقى البوب محافظًا على خصوصية مصرية/ مغاربية. بعد الانتهاء من تسجيل الأغنية، تم تصوير الفيديو كليب من إخراج شريف صبري، الذي اعتمد على التأثيرات البصرية لإضفاء أسلوب خاص جذب الجمهور في مصر والعالم العربي.
بعد مرور عقدين من الزمن، يمكننا أن نجزم أن الأغنية كانت من الأغاني التي أسست الطريق لستايل موسيقي جديد مع بداية الألفينيات، وشكلت حالة مميزة بتفاصيلها كالإنسرتات لأصوات الحاسوب والبرامج، وحتى الغناء السريع في اللازمة.
كارول سماحة ومروان خوري - يا رب
كان مروان جزءًا من انطلاقة كارول في عالم الغناء فيما قدّمه لها من كلمات وألحان عبر ثلاث أغانٍ من ألبومها الأول حلم عام ٢٠٠٣، وأشهرها اتطلع فيي. في تلك الفترة، كان مروان قد بدأ رحلته ليتربع على عرش الرومانسية مع إطلاقه أغنية كل القصايد وما تلاها. كان تعاون الفنانين إذًا أمرًا لا مفر منه خاصةً مع الصداقة التي جمعتهما على الصعيد الشخصي. جاء هذا التعاون أخيرًا مع أغنية يا رب من كلمات وألحان مروان عام ٢٠٠٦، وضمّها مروان فيما بعد إلى ألبومه أنا والليل مطلع عام 2008. أخرج تيري فيرن الفيديو كليب للأغنية وحقق الديو انتشارًا واسعًا في لبنان والعالم العربي، ليؤديه كل من كارول ومروان في كل الحفلات الغنائية التي يتشاركون فيها أو حتى في جلسات عفوية، وقد تابعنا الفيديو الذي انتشر قبل مدة وهم يستعيدون ذكريات الأغنية.
شيرين عبد الوهاب وتامر حسني - لو كنت نسيت + لو خايفة
قدم المنتج نصر محروس للجمهور العربي وجهين جديدين في ألبوم فري ميكس 3 تامر وشيرين عام ٢٠٠٢. ضمَّ الألبوم ضم عشر أغانٍ قُسّمت بإنصاف بين الاثنين، فأربع أغانٍ لشيرين وهي آه يا ليل ولا يا حبيبي وسيبني وبحبك أوي، وأربع لتامر وهي حبيبي وانت بعيد ولا انسى وراحت حبيبتي وحاجات علمتهالك. كما تشارك الاثنانين في أغنيتين هما لو كنت نسيت أفكرك حبيبي ولو خايفة. حقق الألبوم نجاحًا كبيرًا وبقيت أغنياته وديوهاته حاضرة دومًا في أذهان جيل التسعينيات مع تطور المسيرة الفردية لكل من الفنانين.
عاصي الحلاني وكارول صقر - قولي جاي
كانت كارول جزءًا من ثنائية موسيقية قبل عاصي، فاكتسبت شهرة كالمغنية الرئيسية للفرقة الموسيقية ZED المؤلفة من كارول والمحلن هادي شرارة. شارك الثنائي في عدة مهرجانات موسيقية دولية وأطلق ألبومًا واحدًا عام ١٩٩٦. بعد انفصال الفرقة، استمرت كارول بمسيرة موسيقية فردية ليكون ديو قلي جاية بوابتها إلى الغناء باللغة العربية.
قدم عاصي الحلاني وكارول صقر هذا الديو في ألبوم من إنتاج روتانا عنوانه ميوزيكانا ١٠ عام ٢٠٠٤، وكتب كلماته الياس طانيوس ولحنه لطارق أبوجودة وسلامي شاهين.
راشد الماجد ويارا- الموعد الضائع
في نهاية العام ٢٠٠٩، اختار الفنان راشد الماجد يارا لتشاركه في ديو أغنية الموعد الضائع من كلمات الشاعر ساري، وألحان أحمد الهرمي، وتوزيع سيروس عيسى. نجحت يارا في أن تحتل مكانة رفيعة في قلوب جمهور اللهجة الخليجية عبر عدة أغانٍ، والتي كانت قد عبّرت أن الساحة الخليجية صعبة والجمهور الخليجي لا يرحب إلا بمن يكون قادرًا على إيصال الإحساس. وبالفعل استطاع كل من راشد ويارا تقديم الديو برومنسية عالية، وصدر مع فيديو من إخراج ليلى كنعان.
كاظم الساهر وأسماء المنور - المحكمة + أشكو أيامًا
كانت بداية أسماء المنور في الغناء عام ١٩٩٥ وهي في السابعة عشر من عمرها مع أغنية من إنتاج الإذاعة الوطنية المغربية. ثم أطلقت أول ألبوم لها بعنوان وا ناري عام 2002، إلا أن اسمها انتشر عربيًا بثنائيتها مع الفنان كاظم الساهر عبر تجربتين. كانت الأولى أغنية أشكو أيامًا، والثانية والأشهر هي أغنية المحكمة. ظهرت الاغنية كملحمة غنائية عبر الكثير من المعايير الاستثنائية، بدايةً من الغناء باللغة العربية الفصحى، أو طولها، أو اتخاذها شكل حوارية حملت الكثير من المصارحات والتفاصيل، واعترافات الرجل بعلاقاته الكثيرة في الماضي، ضمن لغة واقعية غير مألوفة في أغنيات البوب.
عبدالله رشاد ونوال - كان ودي نلتقي
أبصر هذا العمل الغنائي النور عام ١٩٩٦ وأثمر نجاحًا استثنائيًا وانتشارًا واسعًا، ليكون نقطة تحول في الأغنية الخليجية. في تلك الفترة، كانت فكرة الديوهات غير منتشرة كثيرًا في الموسيقى الخليجية، ولكن نوال الكويتية قررت تحدي القواعد وابتكار شكل جديد من التعاون الفني، فقدّمت إلى جانب المغني والملحن عبدالله رشاد الأغنية التي حملت توقيع علي عسيري في الكلمات وخالد عبد الكريم في الألحان. وبالرغم من أنها كانت تجربة جديدة في ذلك الوقت، إلا أن الجمهور الخليجي تقبلها بصدر رحب، فقد اتسمت الأغنية بانسياب كلماتها التي عبّرت عن مشاعر الشوق والتمني دون لوم.
ديانا حداد وشاب خالد - ماس ولولي
شاركت المطربة ديانا حداد ملك الراي شاب خالد في أغنية ماس ولولي عام ٢٠٠٦، ورغم أنها كانت قد قدّمت أكثر من ديو غنائي قبل ذلك، إلا أن هذا التعاون كان الأنجح مع انتشاره على مستوى العالم العربي وحتى أوروبا. وبحسب تعبير ديانا فإنها كانت تطمح إلى التواصل مع الجمهور الجزائري بشكل كبير من خلال الغناء له أو بالاشتراك مع فنانيه فجاء هذا التعاون مع المغني العالمي الشاب خالد.
راشد الماجد وحسين الجسمي - الغرقان
في صيف ٢٠٠٩، أطلق راشد الماجد وحسين الجسمي ديو الغرقان باللهجة الخليجية، فانتشرت الأغنية بشكل واسع وعلى امتداد العربي بمجرد صدورها. كان الجمهور العربي حينها قد تآلف مع صوت راشد الماجد بعد العديد من الهيتات الخليجية المتتابعة، كما كان الجسمي يشق طريقه إلى قلوب الجمهور مع تصاعد نجوميته خلال سنوات قليلة. ظهرت خامتا الصوتين بقمة التناغم فيما تناوبا على أداء المقاطع المكتوبة بتعابير وأسلوب مميز من كلمات محمد بن سلطان آل نهيان وألحان وليد الشامي وكأن كل منهما يعاتب الحبيب بدوره: "انت في دنياك لاهي/ وعن حبيب القلب ساهي/ التغلي مو تباهي/ حس في شوقي وتذكر… يادروب الحب صيحي/ ويادموع العين طيحي/ صرت من بعده جريحي/ وقلبي عن غيره تسكر".
حميد الشاعري وهشام عباس - عيني
امتلك حميد الشاعري "الكابو" مفاتيح موسيقى التسعينيات وعرف كيف يديرها ومع من، سواء كان ذلك بالتلحين أو التوزيع أو الكلمات، أو حتى التعاونات الغنائية. لكنَّ نجاح ديو عيني الذي قدمه مع هشام عباس فبالفعل ”لا كان على الخاطر ولا كان في النية“. ذكر الشاعر عنتر هلال مؤلف وملحن الأغنية في أحد التصريحات أنه كان يغني الأغنية مع حميد وهشام قبل أن يقوما بتسجيلها بحوالي عشر سنوات، وأثناء عمل الشاعري على ألبومه، حدث خلاف بينه وبين المنتج محسن جابر. وفي محاولة للانتهاء من الألبوم وطرحه في موسم الصيف، ضمَّ المنتج محسن جابر الأغنية إلى الألبوم، ومنحه اسمها، فكانت المفاجأة أن انتشرت الأغنية كالنار في الهشيم، رغم أن تضمينها جاء بمحض الصدفة. ساهم الفيديو الذي أخرجه طارق العريان في ازدياد شعبية الأغنية، وشاركت في بطولته حينها الممثلة والمطربة نيكول سابا والفنانة مي سليم. بالعودة اليوم إلى الأغنية نجد أنها حالة تسعينياتية بامتياز، تفيض النوستالجيا من كل تفاصيلها التي أدهشتنا في ذلك الحين كاللوازم الجذابة، والتصفيق في مطلع الأغنية، وديكور الفيديو النابض الألوان.