من مقاهي القاهرة ونواديها الشعبية عام ٢٠٠٣ انطلقت فرقة كايروكي إلى العالم، ومع انتشارها البسيط في البدايات، ابتدأت رحلة المغني الأساسي للفرقة أمير عيد، بالصعود نحو القمة. فإلى جانب كونه اليوم صاحب الصوت الرئيسي لإحدى أهم فرق الروك العربية، كانت عشرون عامًا كفيلة بتبلور هوية أمير الفنية في العزف والكتابة والتلحين، ومؤخرًا في التمثيل. شهد هذا العام تطورًا في مسيرة أمير عيد الفردية، مع صدور ألبومه لو كان الذي تبع صدور الموسم الثاني من مسلسل ريفو، كما ظهر إلى جانب 25 موسيقيًا في أغنية راجعين. أما مع صدور قوائم بيلبورد عربية في الأسابيع الماضية، فظهر اسم كايروكي على قائمة 100 فنان وتبعها ظهور اسم أمير منفردًا. كما كانت أغنيتا بسرح وأتوه وأنا نجم من ألبوم روما على قائمة هوت 100 إلى جانب أغنية تلك قضية الصادرة الشهر الماضي.
ربما كانت نوستالجيا التسعينيات سببًا أساسيًا لجذب الجمهور لمتابعة مسلسل ريفو، الذي قدم من خلاله أمير عيد شخصية شادي، العازف والمؤدي الرئيسي في فرقة موسيقية يحمل العمل اسمها. جاءت متعة الطرح واختلافه، إضافةً لأداء الممثلين ضمن العوامل الرئيسية التي زادت من نجاحه. بدأت فكرة ريفو بحسب أمير عيد مع صديقه الكاتب محمد ناير، والذي حاول إقناعه بشخصية شادي لسنوات قبل أن يصبح المشروع الدرامي قيد التنفيذ، حيث لم تكن التجربة الجديدة قرارًا سهلًا بالنسبة لأمير. لكن التأني لسنوات كان كافيًا ليعدل أمير عن رأيه، خاصةً بعد أن اعتاد أمير على شادي ولمس جوانب التشابه بينهما: "قابلت ناير صدفة، عجبني المشروع لما قريته جدا الورق لأن القصة أنا منجذب ليها شوية و في نفس الوقت فيها حاجة حلوة اننا بعمل أغاني وفرق و وروك ستار و باند و ريفو والتسعينات فيها كل الحاجات, فاللي شدني إننا حبيت العب الدور"
كأي تجربة جديدة، لم يكن هذا الانتقال سهلًا بالنسبة لأمير، فإلى جانب التحدي الذي يطرحه دخول مجال جديد بالنسبة له، والذي استلزم تدريبات ودروسًا في التمثيل، راودته الكثير من المخاوف المتعلقة بمدى التأثير الذي يمتلكه على نجاح العمل: "أنا في الفرقة بعمل أغنية وبكتبها وبلحنها متحكم في المهارة دي اوي في الأغنية انها تطلع لكن السينما وكدة الموضوع مختلف تماما الموضوع فيه عوامل كثيرة جدا كل عامل مهم جدا اللي هو بيخلي الموضوع ده وحش أو حلو".
إلا أن نجاح المشروع أصبح محتماً ما أن اعتاد أمير على شادي فأصبح جزءًا منه وشبيهًا له في جوانب عدة: "أنا أعتقد أن كل الفرق المغني الرئيسي بتاعهم بيبقوا شبه بعض في مقومات كثيرة لها علاقة بالرؤية بيبقى عندهم رؤية أكثر بيبقى عندهم جانب اللي بيكتسبوا قيمتهم في الحياة و ده الجانب المعقد يعني بيكتسب قيمتوا من الفن اللي بيقدموا فبيحاول ان هو يوصل و يحقق الحلم ده " يتابع أمير وصفه لشادي قائلًا: "حسيت أن هو متمرد شجاع بيواجه شعرت ان الحاجات دي متقاربين فيها مع بعض و لكن هو مش شخصيتي برضه في نفس الوقت".
وربما كانت إحدى أبرز نقاط الاختلاف بين الشخصيتين، هي رومانسية شادي بمقابل أمير، على حد قوله: "أنا من في مسيرتي الفنية أكثر عارف ان الموضوع ده هيعطلني فما كنت بضيع وقت فيه اتنين كنت مش حساس اوي زيه ممكن يفكر بمشاعره بتاعت بليل دي مش عندي اوي ".
أما فيما يتعلق بالموسيقى التي أخذت مساحةً كبيرة من حياة شادي كما في حياة أمير المهنية، فقد كانت أربع أغانٍ كافية لكي يتلهف الجمهور لأحداث الموسم الثاني من ريفو. صدرت أغنيات طاير ووحشتيني ومتكتف ولو كان بحيث تتماشى كل منها مع إحدى زوايا القصة بحسب رؤية أمير الخاصة، ثم بالتشاور مع المخرج يحيى إسماعيل. اختار أمير أن تكون وحشتيني من كتابة وألحان عمرو جلال، أما متكتف فكتبتها هبة رافع ولحنها أمير بنفسه.
باستمرار الحديث عن نقاط الالتقاء والاختلاف بين شادي وأمير، وبين كايروكي وريفو، نتابع في الحكاية كيف كسر شادي وفرقته العديد من الصور النمطية ليقدموا موسيقى لم يعهدها جيلهم. ينطبق ذلك على تجربة كايروكي في الواقع، إذ كسروا العديد من القواعد المتعلقة بالمشهد الفني السائد خلال السنوات الماضية، فتميزوا بهويتهم الفنية المختلطة والتي كان لها أثرها على موسيقاهم، والتي يصفها أمير بلهجته بقوله: "سمك، لبن، تمر هندي" من ثم يتابع: "احنا خمسة متربيين مع بعض من واحنا أطفال كل واحد فينا بيحب نوع من المزيكا شبه بعض بالمزيكا بس كل واحد مايل لحتة أكثر كل واحد بيحط الinput بتاعه, هواري الجيتار بتاعه بيبقى في سحر معين كدة هو بيعيش فيه,شريف في الإنتاج الموسيقي، آدم وتامر في الجروف وأنا في الكلمات، نتقابل نلعب".
مع ذلك، يؤكد أمير على أنه يصنع المحتوى الموسيقي المتعلق بريفو وهو يفكر بفرقة مختلفة كليًا عن كايروكي، وبحقبة زمنية مختلفة أيضًا، لا سيما وأنه ألّف وفقًا لدراما مكتوبة، عوضًا عن التأليف من محض الخيال. لعل التزاوج الفني الذي جمع الموسيقى بالدراما في سياق خدمة المحتوى في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة، هو الأمر الذي زاد من ألفة تجربة التمثيل بالنسبة لأمير، إذ كانت كلماته وموسيقاه حاضرة في أعمال متنوعة إلى جانب ريفو منها الهرشة السابعة وتغيير جو، وكان لها دور أساسي في رواية الأحداث ومجاراتها.
كذلك، استعان العمل بالموسيقى لإيصال رسائله، حيث كان لنصه أثر في تسليط الضوء على الصحة النفسية، إذ تتطرق مجريات ريفو لمواضيع عدة منها الاكتئاب، وهو الأمر الذي يأمل أمير أن يصل أثره للجمهور ويزيد من وعيهم حوله، فهو لطالما كان منفتحًا في الحديث عن رحلته الخاصة في التعامل مع صحته النفسية: "محدش يتكسف من حاجة كلنا في الدنيا عندنا مشاكل كبيرة ومن الشجاعة انك تقول ان عندك مشكلة احسن من انك تكون بتكابر".
بالعودة إلى طفولة أمير عيد وسنوات مراهقته، اختلطت موسيقى الروك الغربية بالموسيقى المصرية الشعبية في ذاكرته لتشكل مزيجًا كان له الأثر الأكبر على موسيقاه لاحقًا. يذكر أمير شقيقه الأكبر عند الحديث عن هذه الفترة من حياته، والذي كان من محبي البيتلز فيما كان أمير من محبي فريق الرولينج ستونز، ويبرر أمير ميله لفرقة الروك الشهيرة لإعجابه بتمردهم، إضافةً للشكل الذي امتازوا به. "أنا نفسي يعني إن كايروكي، يبقى عندك ستين سنة أو سبعين سنة وبتلعب عادي زي ما إنت وشكلك صايع وبتعمل تورز وبتكتب أغاني وعايش الحياة دي، فمش مرتبطة باللوك واللبس أو الشكل قد ما مرتبطة بإن هم الأتيتيود بتاعهم forever young".