"اكتشفت إنو ما تكفي إنو تكون أسبابك الميوزك، لازم يكون عندك حوافز ثقافية ليتطور صوتك"، تلخّص هذه العبارة التي جاءت على لسان إنتايتلد خلال لقاء بيلبورد عربية معه، العامل المشترك بين خمس نجوم ظهروا على الغلاف لهذا الشهر. في صورتهم الجماعية، وإن بدوا فيها كأقران مقربين، إلا أن كل واحد منهم شق طريقه الخاص وقدّم تجربة فريدة لا تشبه تجربة الآخر، بدءًا من الجنرا التي اختاروها مرورًا بذائقتهم الموسيقية وانطلاقتهم في المجال، ووصولًا إلى خططهم ومشاريعهم للمستقبل.
أما العوامل الحقيقية المشتركة في عمق تجربتهم، فهي هويتهم كشباب سعودي نشأ في الثقافة ذاتها، وأنهم عاصروا مرحلة تاريخية عند بداية مسيرتهم، انفتحت فيها الثقافة السعودية بكافة جوانبها الفنية والإعلامية والاجتماعية، للمرة الأولى في تاريخها، على العالم بأكمله. وإن كان لهذه المرحلة أثرها على حياة وتجربة مجتمع بأكمله في كافة جوانب حياته، فقد تتبعنا في حديثنا الخاص مع هؤلاء الفنانين الشباب خصوصية هذا الأثر على الطريق الذي اختاره كل منهم، لتقديم نتاج يتأثر ويؤثر في الثقافة السعودية.
في حالة عبد العزيز مانع أو جوري قطّان، انطلقت مسيرتهما عبر برامج مواهب وأوصلتهما إلى الجمهور بعد إثبات قوة صوتهما وفرادة موهبتهما، وبقي أمامهما تحدٍّ آخر الآن وهو ما سيقدّمه هذا الصوت من تجارب فنية في الفترة القادمة ضمن لون البوب. مع تتابع أولى إصداراتهما الخاصة، فتحت الممارسة الفنية أمامهما المزيد من الأبواب، حيث خاضت جوري في السنوات القليلة الماضية أولى تجاربها في التلحين، فوجدت فيها ما يشبهها ويعبّر عنها وقررت المتابعة في هذا الطريق. أما عبد العزيز مانع فكانت له تجربة في التمثيل المسرحي من سن صغير، أدرك من خلالها تنوع هويته الفنية.
ينطبق الأمر ذاته على همس فكري التي فازت بنسخة الموسم الأول من برنامج سعودي أيدول، بعد أن أبهرت أبرز قامات أغنية البوب العربية مع كل أداء. بالتعرّف إلى همس عن قرب أكثر، نرى أن انطلاقة مسيرتها كانت أمرًا محتمًا يسري في دمها، وقد ورثته عن والدتها أماني الشافعي، وتمرّست مثلها بتقديم الألوان الموسيقية الشعبية في المقام الأول. فبغضّ النظر عن الألوان التي اختارت همس تقديمها اليوم، إلا أن صوتها مُشبع بأصالة وخبرة الفنان المتمرّس بألوان بيئته.
يختلف الأمر في حالة إنتايتلد وتام تام، فالتحدي الخاص بهما لم يرتبط بالتطريب أو اتّباع أصول الغناء الشرقي للوصول إلى الجماهيرية، حيث اختار كل منهما طريقًا اختبر فيه جنرات أكثر تنوعًا واختلافًا، لتقديم تجارب محلية تتطبّع بجنرات عالمية. ولا يمنع أن تتداخل اللغة الإنجليزية بأدائهما بالعربية أو حتى لغات أخرى، فقد شاركتنا تام تام أنها ستُدخل اللغة الإسبانية حتى في إصدار قادم لها، قبل المتابعة فيما وصفته عام الإصدارات العربية في مسيرتها.
إلى جانب الموسيقى، تهتم تام تام بأسلوبها الكتابي والكلام الذي تغنيه قبل كل شيء، ويندرج اسمها تحت تصنيف المغني/ كاتب الكلمات، وقد افتتحت مسيرتها بإصدار بعنوان "Gender Game". ركزت في أغلب أغانيها على ثيمات متقاربة منها رفع صوت المرأة ونقل تجاربها، ليكشف أسلوب كتابتها عن شخصية جريئة ومتمردة، وهي لا تكترث بقلّة إصداراتها أو تباعدها بقدر ما تركّز على تطورها.
ورغم صغر سن إنتايتلد، إلا أن اسمه لا يمكن أن يفوت أي مطّلع على مشهد الهيب هوب السعودي، وقد أسّس في فترة زمنية قصيرة شراكات متينة ضمن المشهد في المنطقة، عبر تراكات شارك في أدائها مثل "وين يبو" مع دافن شي و"عدن" مع مؤيد النفيعي وكالي بي و"لك لك" بالاشتراك مع المنتج خياط، أو تجارب نفّذ بنفسه الإنتاج الموسيقي فيها. استحوذت موهبته كذلك على اهتمام النجم العالمي سويس بيتز خلال زياراته الأولى إلى السعودية، وقد تحدّث عن تعاونه مع إنتايتلد في لقاء له مع بيلبورد عربية في يناير/ كانون الثاني 2024، فيما أعلن إنتايتلد في حديثه معنا أن الألبوم الذي جمعهما سيصدر في وقت قريب.
