بدأ الأمير بدر عبد المحسن حياته الفنيّة كفنان تشكيلي، أمّا مسيرته المهنية فقد بدأت مع تعيينه أول رئيس لمجلس إدارة الجمعية السعودية للثقافة والفنون، ما بين عامي 1973 و1977، بالإضافة إلى منصب رئيس لتنظيم الشعر في السعودية. وبما إنه تربّى في منزل يحب الشعر مع والده الأمير الشاعر عبد المحسن بن عبد العزيز، كانت أشعاره المكتوبة من أجمل وأكثر أشعار المملكة تميّزًا، وقد تعاون مع عدد من الفنانين البارزين في المشهد السعودي والمنطقة.
امتدت مسيرة الأمير إلى ربع قرن، خلّد فيها أسلوبًا شعريًا متفردًا ومميّزًا عن أبناء جيله من الشعراء. نشر خلالها أربع دواوين شعرية هي ديوان "ما ينقش العصفور في تمرة العذق" في العام 1989، و"رسالة من بدوي" في العام 1990، و"لوحة ربما قصيدة" في العام 1996، و"ومض" في العام 2010. لم تبقَ هذه القصائد حبيسة الورق، فقد خص بها مجموعة من الفنانين وتحوّلت إلى قصائد غنائية، وإصدارات مميّزة كشفت عن تأثيره الكبير في عالم الأغنية السعودية.
كتب الشاعر واحدة من أبرز الأغاني الوطنية للمملكة "فوق هام السحب"، وتم تقديمها لأول مرة في عام 1987 خلال افتتاح استاد الملك فهد الدولي. القصيدة التي ظلّت حبيسة الأدراج لـ 3 سنوات، أصبحت الأغنية الوطنية الأكثر شعبيةً وتأثيرًا في السعودية مع مرور الوقت، وبات السعوديون يرددونها في مناسباتهم واحتفالاتهم، وذكر الفنان محمد عبده أن الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - أطال الله في عمره- قد طلب منه أن يغنيها في أي حفل ومهرجان جماهيري، نظرًا إلى مكانتها بين الناس.
ومن الجدير بالذكر أن أغنية "فوق هام السحب" حلقت بعيدًا بالفضاء، عندما وقع عنوانها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على أول قمر صناعي للاتصالات. كذلك خصّ المملكة بمجموعة من القصائد والأشعار التي تغنت بمدنها وهويّتها الثقافية وطبيعتها المميّزة، منها مدينة الطائف في قصيدة "وألقى اليوم يالطايف" ومدينة الرياض في قصيدة "آه ما أرق الرياض"، وغيرهم من المدن مثل جدة وحائل.
اقترن اسم الأمير بدر بعدد من الأعمال التي نقلت الأغنية إلى مستوى جديد على صعيد الكتابة، وقد غنّى من كلماته أبرز فناني المملكة واشتهرت أعماله خارج حدودها ووصلت إلى كل المنطقة. فتح الأمير باب التجديد في النصوص الغنائية، وقدم بنيّة مختلفة للقصيدة الشعبية تتوافق مع شروط الأغنية، وقد تجلّ هذا بوضوح في قصيدته "لا تجرحيني" التي كانت فاتحة هذه الأعمال، وقدمها الفنان محمد عبده.
كما تعامل مع الفنان محمد عبده بعدد من الأعمال أهمها "أبعتذر" و"وين أحب الليلة" و"موعد الأحباب"، وقدم قدم للفنان عبدالرب إدريس كلمات أغنية "ليلة لو باقي ليلة" سنة 1996، وقد حققت صدىً كبير على صعيد المنطقة، ما ساهم بانتشار الأغنية الخليجية.
أمّا على صعيد التعاونات مع فنانين من باقي المنطقة، فقد قدم الأمير بدر كلماته للفنان كاظم الساهر بأغنيتين "آه يا صاحب" و"ناي"، كما تعاون مع أنغام في أغنية "سلامة رماحك"، ومع أصالة في أغنية "ما تغير شي"، وتطول القائمة لتشمل فنانين بارزين مثل سميرة سعيد وحسين الجسمي وغيرهم الكثير.
في ختام مسيرة الأمير بدر عبد المحسن، يمكن القول إنه جسّد بموهبته الشعرية والفنية قامةً راسخة في الأدب والفن الخليجي. ساهم في نقل الأغنية السعودية والخليجية إلى مستويات جديدة، وكان أسلوبه المتميز في كتابة النصوص الشعبية والإبداعية بوابةً للتجديد والتغيير، ما جعل من اسمه رمزاً للتأثير الثقافي في المنطقة. ومع استمرار تأثير قصائده وأعماله، يظل الأمير بدر عبد المحسن جزءاً لا يتجزأ من ذاكرة الفن السعودي والخليجي، وكلماته ستظل شاهدة على عمق إبداعاته ومحبته لوطنه وتراثه.