المراجعة الكلاسيكية: ألبوم "ويلي" لـ راشد الماجد

في المراجعة الكلاسيكية هذا الأسبوع، نختار ألبوم "ويلي" لراشد الماجد الذي صدر سنة 2001، وكان ثمرة أهم حقبة في مسيرته، ساهم برسم ملامحها الملحّن مشعل العروج.
راشد الماجد (روتانا)
راشد الماجد (روتانا)
Change Font Size 20

نعود في المراجعة الكلاسيكية هذا الأسبوع إلى بدايات سنة 2001، حين أصدر راشد الماجد ألبوم "ويلي"؛ الذي يُعتبر ثمرة واحدة من أنجح المراحل الفنية التي مرّ بها راشد الماجد، وتميزت بتعاونه مع الملحّن مشعل العروج للإشراف فنيًا على ألبوماته. تميزت أيضًا بالتعاون مع الموزّع الموسيقي طارق عاكف، الذي استورد نغمات وإيقاعات غريبة عن الأغنية الخليجية، ليُغني بدوره تجربة راشد الماجد؛ الذي كان قد وصل إلى هذه المرحلة بعد النجاح الكبير الذي حققه مع أغنية "المسافر" سنة 1996. كانت "المسافر" قد مهّدت الطريق أمام راشد وسلّطت عليه الضوء قبل أن يخوض هذه التجربة الفنية المُثيرة التي تفجّرت معها نجوميته، وتجاوزت حدود الخليج إلى باقي بُلدان الوطن العربي.

أما ألبوم "ويلي" فهو الألبوم الرابع والأخير من بين الألبومات التي تعاون بها راشد الماجد مع مشعل العروج، وهو الأكثر نُضجًا بينها. بدأت تلك المرحلة من مسيرة راشد مع ألبوم "شمعة حياتي"، الذي تم العمل على تسجيله سنة 1997 وصدر في مطلع سنة 1998، وتلاه ألبوم "تضحك الدنيا" بذات السنة وألبوم "على مين تلعبها" سنة 1999، قبل أن يصل ألبوم "ويلي" بعد سنتين والكثير من التأني.

من الملاحظات العامة على هذه المرحلة في مسيرة راشد الماجد، أن دوره كمُلحن انحسر فيها، ففي الألبوم الأول "شمعة حياتي" لحّن راشد الماجد بنفسه خمسة من أصل الأغاني الثمانية التي يتكون منها الألبوم، في حين أنه لم يلحن أي أغنية ضمن ألبوم "ويلي". ويتضح من خلال ألبوم "ويلي" أن راشد صار أكثر رغبةً وانفتاحًا على التنوع؛ حيث تعاون في الألبوم مع سبعة ملحنين، ولم يتكرر اسم أي مُلحن بأكثر من أغنيتين، باستثناء مشعل العروج. ضمت قائمة الملحنين أيضًا نبيل شعيل وأحمد الهرمي وصلاح الهملان ومحمد الجمالي وخالد ناصر وعلي منصور. كما انعكس الميل للتجريب والتنوع على كلمات الألبوم أيضًا، حيث تعاون راشد الماجد مع تسع شعراء غنائيين، أخذ من كل واحد منهم أغنية واحدة، باستثناء العاني الذي تعاون معه بثلاثة أغاني. وضمت قائمة الكتّات أيضًا: محمد بن راشد آل مكتوم ومساعد الشمراني وناصر الشمري وبدر المليحي والوافي وعبد الله حماد وعبيد الدبيسي وفيصل بن تركي بن ناصر. وبالمقابل تكفّل طارق عاكف بالتوزيع الموسيقي لجميع أغاني الألبوم.

"يلا نعيش بدنيا غير/ مليانة حب مليانة خير"، بهذه الكلمات يفتتح راشد الماجد الأغنية الرئيسية التي يحمل الألبوم اسمها، "ويلي"، لتعكس البداية الرغبة بالحب والفرح مع دعوة صريحة للحياة والحب والخير؛ لكنها بذات القدر تعكس أيضًا الحزن والخيبة من الواقع، الذي يرغب بتغييره كليًا. كتب كلمات الأغنية العاني ولحّنها مشعل العروج، وتمزيت بقدرتها على تقديم المشاعر المتضاربة الكامنة في الأغنية بذات القدر من الجودة، ليؤديها راشد الماجد بصوت يحاول التحرر من بحته الحزينة. تعكس صرخات "ويلي من حبه ويلي" في لازمة الأغنية كل المشاعر المتضاربة، ما بين الواقع والعالم المثالي الذي يتوق إليه.

ثنائية الشاعر العاني والملحّن مشعل العروج، تتكرر في الألبوم بأغنية "تحدوه البشر"، فتنزلق فيها المشاعر نحو الحزن بشكل أوضح، ليضع راشد الماجد نفسه مجددًا في اتحاد مع الحبيب في وجه العالم الواقعي: "تحدوه البشر كلهم وصاروا/ ضده بالهوى ولله صاروا/ ولا هموا حبيبي/ أبيك وما أبيهم". تتسع الفوارق بين الأغنيتين بفضل توزيعات طارق عاكف، الذي يُجسد صوت الألم في خط الوتريات بأغنية "تحدوه البشر"، بينما تلعب الآلة الوترية بأغنية "ويلي" دورًا معاكسًا، ليُمثل صوت الجيتار الرغبة بالحياة والفرح التي تتغلب على حزن الكمنجات.

تلعب توزيعات طارق عاكف دور البطولة في بعض الأغاني، التي تتميز بمقدماتها الموسيقية الطويلة نسبيًا، مثل أغنية "إنتِ غير الناس"، التي يُقدم فيها واحدًا من أجمل صولوهات الألبوم الافتتاحية. تتناغم علامات الأورج مع خط وتريات الأقواس، الذي يستكمل الأغنية ويرسم لون الحزن فيها. فعليًا حاول طارق عاكف أن يخرج من عباءة الأغنية الخليجية التقليدية في معظم أغاني الألبوم، ويستعير نغمات من موسيقى البوب المصري الدارجة وأحيانًا من الموسيقى اللاتينية أو اليونانية، ولكن يبقى هناك استثناءات، مثل أغنية "إنتي مثل ما إنتي"، التي كتبها محمد بن راشد آل مكتوم ولحّنها خالد ناصر، ففيها يُقدم أغنية خليجية بتوزيع كلاسيكي يُلائم روح القصيدة، التي تكتسب المزيد من الحيوية والإثارة بالاعتماد على إيقاع الرومبا.

من بين الأغاني الأكثر إثارة للاهتمام في الألبوم تأتي "تأخرتي"، التي يتحرر فيها صوت راشد الماجد من بحة صوته التي تُجسّد روح صحراء الخليج العربي، ويُقدم نفسه بقالب مختلف كليًا. يغني كلمات عبد الله الحماد العاطفية التي منحها لحن أحمد الهرمي الرقيق إحساسًا خاصًا، والتي اعتمد طارق عاكف بتوزيعها على التناغم بين جيتارين يتبادلان الأدوار، وكأنهما في حوار موسيقي يقول ما لم تَقله كلمات الأغنية.

+ اقرأ المزيد عن
أحدث المواضيع