جاء ألبوم "طال السكوت" عقب ألبوم "أستاهلك" الصادر عام 1992، ويتكون الألبوم من ست أغاني لحّنها عبادي الجوهر بنفسه، وتعاون فيها مع ستة شعراء غنائيين، ليأخذ قصيدة من كلٍ منهم؛ فيجمع مفردات شعرية مختلفة ويضعها معًا في سياق رومانسي شديد الرقة والعذوبة، ليسرد حكاية عاطفية من ستة فصول.
تميّز ألبوم "طال السكوت"، بكونه مثّل التعاون الأول بين عبادي الجوهر ورابح صقر، الذي قام بتوزيع أغاني الألبوم كلها، وساهم بإضفاء لمسات عصرية عليها، مع الحفاظ على روح الأغنية الخليجية الكلاسيكية. من خلال هذا التعاون، دمج عبادي الجوهر بين طابعه الموسيقي التقليدي والتوزيعات الموسيقية الحديثة، مما أضفى على الألبوم طابعًا مميزًا يعكس الأصالة والابتكار بآنٍ معًا. وقد عُرف رابح صقر كيف يترك بصمته الموسيقية على الألبوم بخفة، لتُحافظت الأغاني على الانسيابية الموسيقية الكامنة في الجمل اللحنية التي وضعها عبادي الجوهر، والتي تتنقل بين الإيقاع الهادئ والعذب وبين الحماس الموسيقي؛ ليكون الألبوم قطعة فنية متكاملة، ويُشكّل علامة فارقة في تجربة عبادي الجوهر الموسيقية. استطاع الألبوم حين صدوره جذب جيل جديد من المستمعين الذين تفاعلوا مع الحداثة الموسيقية، دون التخلي عن التراث الخليجي العريق.
يفتتح عبادي الجوهر الوجه الأول من شريط الكاسيت بأغنية "وضّح المعنى"، التي كتب كلماتها عبد اللطيف البناي، وتتميز بأسلوبها المباشر بالتعبير عن الهواجس والأفكار التي تُسيطر على العقل وتؤدي إلى حالة من الارتباك والقلق. تبدأ الأغنية بطلب لتوضيح المعاني لفك أي التباس: "وضّح المعنى وقل لي/ كلمة مع رد الغطا/ قلتلي كلمة حبيبي/ ولا أنا سامح خطأ". هذه الكلمات المباشرة التي تعكس حالة القلق والحيرة العاطفية، ليست إلا مقدمة لجملة من الطلبات التي يجعلها صوت عبادي الجوهر تحمل صيغة الرجاء. تتجلى عبقرية اللحن بأنه ينقل الحوار ذو الطابع الواقعي بكل بساطة، ويجعل المستمع يُصدق كل كلمة تُنطق، ولاسيما في النصف الثاني من الكوبليهات، مع الغناء: "علمني فهمني"، التي تختلف فيها نبرة الصوت بشكل مفاجئ. يبدو حينها أن عبادي قد فقد السيطرة على انفعالاته بعض الشيء، قبل أن يعود للغناء على ذات الوتيرة، ويُكمل سرد التساؤلات المنطقية ظاهريًا، والتي تعكس الصراع الداخلي لدى عاشق مُتردد، لا يعرف الحدود التي يجب أن يقف عندها في العلاقة العاطفية.
الأغنية الثانية، "قلبي يكلمني عنّك"، التي كتب كلماتها محمد العبدالله الفيصل، يواصل عبادي الجوهر التعبير عن حالة القلق، ولكن بأسلوب مختلف. تبدأ الأغنية بالكشف عن الهواجس التي يحضر بها الحبيب دائمًا رغم عدم وضوح العلاقة، لتبدو كمكاشفة بالحب، مصحوبة بالتعبير عن الشعور بالقلق والخوف من الفقد. يستمد هذا الفقد مشروعيته من التجارب العاطفية السابقة: "قلبي بيكلمني عنك/ إنك إنت اللي فخيالي/ بس آه يا خوفي منك/ منك إنت والليالي/ ياما قبلك إنجرجت/ بعد ما شفت وفرحت/ ومهما يا خلي شرحت/ ما تصدق وش جرالي".
يختتم عبادي الجوهر الوجه الأول من الشريط بأغنية "بكلمة"، التي كتب كلماتها مبارك الحديبي؛ وتبدو استكمالًا بدورها للحالة العاطفية التي رسم ملامحها بالأغنيتين السابقتين، ولكنها تفوقهما شاعريةً وجمالًا. قد يكون للمقدمة الموسيقية الطويلة، والتي يزيد طولها عن دقيقة ونصف دور بذلك، فيترك عبادي مساحة للعود ليُعبر عن مشاعره برقة أكثر، بتناغم بين صوته ووتريات الأقواس والبيانو والإيقاعات الخليجية التقليدية، ليرسم جوًا عاطفيًا سحريًأ، يُجسّد كلمات الأغنية قبل بدئها.
في هذه الأغنية يحاول عبادي الهروب من هواجسه من خلال الجلسات مع الأصحاب، ولكن كلمة واحدة تكفي لتعيده إلى ذات النقطة، ويغرق مجددًا بعواطفه وحيرته: "بِكِلمة من عَرض السّوالف ذكّروني فيك/ ألا يا ليت الشّفايف ما حكوا طاريك/ ذكّروني حيّروني وأجبروني أجيك/ بِكلمة من عَرض السّوالف". تأخذ الأغنية منحى تصاعدي وتزداد إثارة بالوصول إلى المقطع الأخير، الذي يُبين فيه أن الفشل مصير أي محاولة للنسيان وأن كلمة واحدة تكفي لتجديد المشاعر والعودة إلى نقطة البداية: "الهوى فيني تجدّد/ والصّبر راح و تبدّد/ وأعتقد اللّي تكلّم/ كان قاصد ويتعمّد/ كلمة من عرض السّوالف/ فجّرت فيني العواطف".
الوجه الثاني من الشريط يبدأ بأغنية "من عذابي"، التي تُعتبر أكثر أغاني الألبوم نجاحًا في وقت إصداره، وهي من كلمات الأمير خالد الفيصل. لا تتغير الحالة العاطفية مع تغيير وجه شريط الكاسيت، ولكن عبادي الجوهر يبدو أكثر تصالحًا مع فكرة الحب من طرف واحد، ليزول الارتباك وتذهب الحيرة، مُخلفةً وراءها عاشق يُسلم قلبه لحب غير مشروط، ويُدرك أن العذاب مصيره. تبدأ الأغنية بتحية للعيون والتسليم بواقع الحب، الذي يبدو أكثر لوعةً: "من عذابي قلت لعيونك هلا/ يا هلا بك يا عذابي يا هلا/ ما يكفي لوعتي بك من غلاك/ رحت تبعد عن عيوني يا غلا".
ومنها ينتقل عبادي الجوهر إلى الأغنية الرئيسية التي يحمل الألبوم اسمها، "طال السكوت"، التي كتب كلماتها يوسف ناصر، والتي تعتبر أطول أغاني الألبوم، حيث تزيد مدتها عن 7 دقائق ونصف. يواصل عبادي هنا البكاء على أطلال الحب في البعد. لوهلة يبدو أنه يبتعد عن خط العلاقة العاطفية الذي رسمه جيدًا منذ مطلع الألبوم، ليوحي بأن علاقة الحب لم تكن دائمًا من طرف واحد ببعض مقاطع الأغنية. إلا أن الأغنية تحمل في طياتها بعض الأفكار المتضادة، مما يُشير أنه يخلط ما بين الأمنيات والواقع في كلماته؛ التي تبدو أكثر تفاؤلًا من باقي أغاني الألبوم رغم البعد وطول السكوت. وفي الأغنية الأخيرة "كنك على قولك"، التي كتب كلماتها سعود بن بندر، يرسم عبادي خاتمة مثالية مع إعلان الرغبة بتجاوز علاقة الحب، وطلب المساعدة من الحبيب لنسيان حبه. ولكن يظل متمسكًا بأفكاره عن فرادة مشاعره والألم الذي أحس به، وذلك ما يتجلى حين يصف حبه: "حبي لك أبلغ من جميع الأساطير/ ماله بقاموس الهوى وصف تاني".