"سهم" لا يخطئ: تجارب فارقة في خارطة الأغنية الخليجية

دخل سهم عالم التلحين مع بداية الألفية الجديدة وهو في بداية عشرينياته، تدرّب وامتص خبرة الجيل الذهبي في الأغنية الخليجية وبحث عن كيف يطوّر ويزيد على ما قدّموه
سهم
سهم
Change Font Size 20

جاءت انطلاقة سهم عبر تلحينه لأغاني أيقونية عرفها العالم العربي ورددها مثل "تحملتك" لرابح صقر و"ليالينا" لعبدالمجيد عبدالله اللذان بقيا رفيقا مسيرته الأقرب. لكن ما لم يعرفه الجمهور حينها كان هوية الملحن المجهول، الذي بقي حبيس اسم "سهم" طوال خمسة عشر عامًا.

يتحدّث النجم عبدالمجيد عبدالله كيف طوى وصول سهم صفحة في الموسيقى الخليجية، وافتتح صفحةً أكثر حداثة في أسلوب التلحين والتسجيل والتنسيق مع التوزيعات. تأتي هذه الشهادة بعدما شهد عبدالمجيد انطلاقة وتطور هذه الموهبة تحت ناظريه، إذ كانت المرة الأولى التي دخل فيها سهم إلى استديو تسجيل على الإطلاق هي في استديو عبدالمجيد عبدالله. دخله سهم في العشرينات من عمره متسلحًا بموهبته الخام، وهبة كبيرة متمثلة بسرعته في التعلم حيث جلس بين أيقونات الموسيقى الخليجية يتعلم ويتشرب ويصطفي ما يريد تضمينه في رحلته الموسيقية، وأخذ بتوجيهات عبدالمجيد بعدم الاكتفاء بالعود، بل وتضمين الكيبورد في ذهنيته عند التلحين. انطلق بعد ذلك ليلحّن أربعة تجارب لأصالة يعرضها عليها، معلنًا أنه أكثر من محلن هاوٍ، بل هو صاحب رؤية شاملة قادر على تقديم الكم والنوع. ازداد بذلك إيمان وثقة عبدالمجيد فيه ليضمّه إلى قائمة الملحنين في ألبومه "مليون خاطر" عام 2008، ليلحّن فيه تسع أغاني. 

مابين العام 2008 والعام 2018، كان سهم قد لحّن لعبدالمجيد عبدالله ما يزيد على أربعين لحنًا، ومثلها لرابح صقر أحد عرّابي انطلاقته، ومدرسة الإلهام الأولى خلف تعلّم سهم لعزف العود في المقام الأول. أما أصالة، والتي كانت من الفنانات العربيات السبّاقات بتقديم ألبومات متكاملة باللهجة الخليجية في بداية التسعينيات بلمسة كلاسيكية، فقد كانت تبحث مع دخول الالفية الجديدة عن أغاني خليجية أقرب للصوت الشعبي. وجدت أصالة ضالتها حين عرض عليها سهم "سوّاها قلبي"، الأغنية الرئيسية في الألبوم الذي حمل اسمها. تكاملت فيها التوزيعات الإيقاعية مع الألحان الحيوية المتناسبة مع الكلمات التي وضعها خالد المريخي، وتحولت إلى واحدة من أبرز هيتات ذلك العام، وتتوالى تعاونات سهم وأصالة لتصل إلى أكثر من عشرين لحنًا في الأعوام التالية. كما ترك بصمته خلال هذه السنوات في مسيرة العديد من الفنانين عبر تعاونات متكررة ومنهم الفنان راشد الفارس الذي غنّى العديد من ألحانه في ألبوم "راشد الجديد" عام 2007 الذي ضمَّ أغاني مثل "عزاه و"أتعبتني" وألبوم "شي ثاني" عام 2010 الذي ضمَّ أغنية "أبوك في الجنة". كذلك تكرر عمله مع أسماء لمنور التي لحّن لها في أول تعاوناتهما أغاني مثل "الشباك" و"ويل" وكانت هذه الأغاني نافذة عبور لها إلى المشهد الخليجي.

 

في صيف العام 2019، كشف سهم للمرة الأولى عن الهوية الحقيقة خلف الاسم المستعار، ليصرّح أنه الأمير أحمد بن سلطان بن عبد العزيز. حدث ذلك خلال أمسية احتفت بأرشيفه الفني بعنوان "ليلة سهم" ضمن موسم الرياض، وكشفت أن الشاب الذي مازال في ثلاثينياته كان الموهبة خلف عشرات الألحان لرموز مثل محمد عبده وأحلام ونوال الكويتية وماجد المهندس وأنغام والعديد النجوم الآخرين. فيما يلي هذا التوثيق لهويته والتكريم لتجربته حينها، توسعت في السنوات الماضية دائرة تعاوناته مع المواهب الشابة، فلحّن لأميمة طالب أغاني ضاربة مثل "خاطرك" و"لا تحزن". كما لحّن لفؤاد عبد الواحد أغاني مثل "غلطتك" و"عصى موسى" وغيرها، ولعايض "حلو الكلام".

الإعلان عن هوية سهم سمح له بالظهور الإعلامي بعد سنوات من العمل في الظل، فاستغل الفرصة في لقاءاته المتباعدة للحديث للإعلام للمرة الاولى عن علاقته بالفنانين عبر السنوات، وخاصة أولئك الذين دعموا بداياته ووثقوا بموهبته. ومن زاويتهم، تحدّث الكثير من الفنانين عن تجربة عملهم مع سهم، فلخّصت أسماء لمنور مثلًا الجانب التقني في التعاون الفني معه، حيث يحرص أن يكون أكثر من ملحن العمل فقط، بل وأن يكون له أثره على الكلمات والتوزيع، بحيث يخرج العمل الذي يشارك فيه متكامل الجوانب. فيما أشاد عبدالمجيد عبدالله مرارًا بمجمل تجربة سهم التي شهدها مصنفًا إياه بالعبقري الذي لا يقل إبداعًا عن العباقرة الذين سبقوه في تاريخ الأغنية الخليجية.

+ اقرأ المزيد عن
أحدث المواضيع