لكل من كان يعتقد أن الحرب بين الثلاثة الكبار من مشهد الهيب هوب العالمي لربما انتهت مع الفيرس الناري لكندريك لامار في "Like That"، أو لكل من شعر أنه بيف مزيف ليحصد الثلاثة مزيدًا من الاهتمام، فكروا مجدّدًا لأن جاي كول من الواضح سهر الليالي يفكر بالرد المناسب على الإهانة.
تعود جذور هذا البيف المستمر من مدة طويلة إلى العام 2013، وطوال عشرة أعوام تلت استمرت الفيرسات الهجومية والديسات والتلمحيات العدائية المباشرة والغير مباشرة بين كل من دريك وكندريك لامار، فيما كان جاي كول يتجول ذهابًا وإيابًا في انحيازه إلى أحد الطرفين، محافظًا في كل الأحوال على جمهوره الخاص، ونشاطه الفني المنفصل عن الاسمين، حيث قدّم خلال هذه العشر سنوات ألبومات مثل "KOD" و"The Off-Season". ضمّت هذه الألبومات تعاونات مع رابرز مختلفين ومتنوعين مثل 21 سافاج وليل دُرك وبلاك. إلا أن تراك "First Person Shooter" الذي أصدره مع دريك في نهاية العام 2023 والذي بدا وديًا في الظاهر، بدا في باطنه، وفي مجمل تفاصيل صناعته، أقرب إلى محاصصة بين النجمين يقتسمان فيها غنائم حرب أعلنوا أنفسهم الرابحين فيها، منصّبين أنفسهم ملوكًا للهيب هوب عالميًا. كان على كندريك حينها اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعلان أن الحرب لم تنتهي، وإنما بدأت للتو، ليقدّم فيرس في تراك "Like That" الذي صدر ضمن ألبوم فيوتشر الأخير، ليسمي الأشياء بمسمياتها، ويضع كل منهما في حجمه الصحيح، ويقدّم للجمهور فلاش باك أعادهم لفترة ذهبية في تاريخ الهيب هوب حين كان التحدي الأساسي هو تقديم فيرس تبجح لا يهزم ولا يتفوق عليه أحد.
اقتنع جمهور الهيب هوب عالميًا أن هذا ما فعله كندريك في "Like That"، مترقبين ما سيأتي بعد ذلك وإن كان أغلبهم قد سلّم مسبقًا أن ما يأتي لن يتجاوز ما سمعوه بأي شكل. إلى أن خرج جاي كول مساء أمس بمكستايب ظهر فجأة دون سابق إنذار على منصات البث بعنوان "Might Delete Later". العنوان نفسه يريد أن يخبرنا أنه لم يفكر كثيرًا في هذا المشروع، وأنه إصدار إرتجالي خطر بباله فجأة، لكن الرابر الذي لم تتجاوز إصدارات ألبوماته الرسمية أكثر من 6 ألبومات طوال مسيرته، كان عنده نية خفية من هذا الإصدار (في الواقع ليست خفية لهذا الدرجة).
ضم الميكستايب الجديد إحدى عشر تراكًا متنوعًا بأصوات وتعاونات مختلفة مع أسماء مثل آري لينوكس وجوتشي ماين وغيرهم. أما التراك رقم 12 والذي حمل عنوان "7Minute Drill" فينفرد فيه جاي كول بالأداء، ليخصَّ بالحديث شخصًا محّدًا. لم يهاجم جاي كول اسم كندريك بحدّ ذاته، لكنه تناول الحادثة الأخيرة شارحًا: "تلقيت اتصالًا بأن أحدهم دسّني/ من يريد الاهتمام فليتحمّل التبعات" ثم خصَّ بالهجوم الرابر الذي "يخرج بفيرس واحد كل 30 شهرًا مثلًا/ ولو الديسات لما ذكر أحد اسمه".
مؤخرًا وبعد صدور "Like That" أشاد الجميع مهارات كندريك وأسلوبه في صياغة باراته، لكنّ رد جاي كول اليوم جاء ليدعم وجهة نظر الشريحة من الجمهور التي لطالما انحازت لأسلوب الكتابة الخاص بجي كول. فما موقع دريك وجمهوره بعد الأحداث الأخيرة؟ هل سيملك النجم الأكبر من ناحية الأرقام والنجاح التجاري القدرة على المجاراة في هذا النزال الذي يبدو أنه عاد إلى الواجهة ليضع الأمور في نصابها ليذكّر الجميع أن الهيب هوب لطالما تمحور قبل كل شيء حول مهارة صياغة الكلمات؟
