يعود تاريخ الكي بوب إلى منتصف التسعينيات، عندما بدأت المحطات الكورية بإذاعة برامج مخصصة لمواهب الغناء والرقص. بدأت مع هذه المواهب الجديدة حكاية الجنرا الموسيقية التي تنامت شعبيتها سريعًا، لتصبح بحلول العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين الأكثر انتشارًا وتأثيرًا على مشهد الموسيقى العالمية.
خلال هذه الفترة، طوّرت 5 أجيال هذه الجنرا الموسيقية وغيّرت ملامحها تدريجيًا، حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم. إليكم حكاية هذه الأجيال الخمسة.
نبدأ مع الجيل الأول من التسعينيات وحتى عام 2005، يعتبر هذا الجيل بمثابة الأساس الذي بُني عليه الكي بوب الحديث. كانت سيو تايجي أند بويز من أبرز الفرق التي غيّرت مشهد الموسيقى الكورية، من خلال دمج المؤثرات الغربية مع الكلمات الكورية. تبعتها فرق مثل إتش.أوه.تي وبوا وسيش كيز ورين وإس.إي.إس، التي ساهمت في ترسيخ مفهوم الكي بوب.
تأثر هذا الجيل بشكل كبير بالثقافة الأمريكية من حيث الموسيقى والأزياء، لا سيما بموسيقى الهيب هوب وفرق البوي باند الأمريكية التي كانت تشهد طفرة في التسعينيات، حيث كان شباب الكي بوب يرتدون ملابس فضفاضة، وكان اللون الأبيض مفضلًا لديهم.
أما الجيل الثاني من عام 2005 إلى عام 2012 شهد تطورًا كبيرًا في عالم صناعة الكي بوب، حيث تم تأسيس نظام التدريب الصارم للفنانين الذين بدأوا في الانفتاح على الأسواق العالمية، وظهرت فرق مثل تي في إكس كيو وسوبر جونيور وبيج بانج وغيرلز جينيريشن.
ساهمت هذه الفرق في التوسع إلى خارج حدود كوريا الجنوبية، لتكون هذه الفترة بداية العروض العالمية والجولات الدولية للكي بوب. كما ساهم انتشارها الواسع على منصة يوتيوب في زيادة شهرة الجنرا عالميًا مع نجاحات كبيرة مثل أغنية "Gangnam Style".
يعتبر الجيل الثالث من عام 2012 إلى عام 2018 الجيل الذهبي للكي بوب، والذي ساعد هذه الجنرا على احتلال مكانتها العالمية مع فرق مثل بي تي إس وبلاك بينك وإي إكس أو، حيث بعد أن أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البث الرقمي عوامل رئيسية في انتشار الموسيقى، انتبه الجمهور في كل أنحاء العالم إلى فرادة الموسيقى التي يقدّمها الكوريون وتأثر بهم جيل الألفية الجديدة.
اهتموا بشكل خاص بفيديوهات العروض الراقصة الملحقة مع فيديو كليبات الهيتات، وبدأت تظهر موجة من المراهقين الذين أعادوا تقديم الرقصات في فيديوهات بطريقتهم الخاصة. أضافت فرق الكي بوب التي تنتمي إلى هذا الجيل صبغة العالمية، وشهدنا تعاونات عابرة للقارات مع فنانين عالميين مثل نيكي ميناج وسيلينا جوميز وليدي جاجا.
في الوقت الذي صار نجوم الكي بوب من الجيل الثالث يقدمون أغاني كاملة باللغة الإنكليزية، ظهر الجيل الرابع بين عام 2018 وعام 2023 متأثرًا بالتنوع الموسيقي الكبير في المشهد والذي أضاف العديد من اللمسات الجديدة التي أثّرت على صناعة الكي بوب، حيث تم استخدام الذكاء الاصطناعي واللجوء إلى تقنيات حديثة في الموسيقى.
وتعتبر فرق ستراي كيدز وإتزي وايسبا ونيو جينز وتومورو إكس توغيذر أبرز الفرق التي تنتمي إلى هذا الجيل، والذي يُعتبر الأقل حظًا بسبب تأثير جائحة كورونا على جولاته العالمية. لكن هذا الظرف الاستثنائي كان له جانب إيجابي بدوره، حيث دفع هذه الفرق إلى التركيز على إنتاج موسيقى عالية الجودة مع عناصر بصرية متطورة.
وفي النهاية يأتي الجيل الخامس الذي بدأ عام 2023 وما زال في مراحله الأولى، وهناك نقاشات حول بداية حقبة جديدة مع ظهور مجموعات مثل إيليت وبيبي مونستر وزيرو بايز ون وكيس أوف لايف. يتجه هذا الجيل نحو مفاهيم أكثر براءة، مع الاعتماد الكبير على إطلالات بسيطة بأزياء مريحة، لا تشبه البهرجة التي كانت تغلب على الفيديو كليبات للجيلين السابقين.