Billboard

الشامي نجم غلاف بيلبورد عربية: خطوات مدروسة لحلم بلا حدود

هلا مصطفى
5 دقائق قراءة24 يناير 2025
يشارك

لربما كان السؤال الأكثر طرحًا في عالم الفن في 2024 هو "ما حكاية الشامي؟". فمن من الجمهور لم يلتقط صعود النجم الشاب طوال أربع سنوات سابقة، وجد نفسه خلال العام الماضي أمام انفجار حالة الشامي، في الإصدارات والأرقام والحفلات الحية والتكريمات والجوائز، وفيما تتبعت الصناعة الموسيقية تسجيل قناة الشامي على اليوتيوب أول مليار استماع مع خمس إصدارات له فقط، وُضع النجم الشاب تحت المجهر فجأة، وبات نجاحه موقع الدراسة والتحليل، وقد أصبح حالة متفردة بين أبناء جيله يتأملها فنانو الأجيال الأكبر بتمعن.

لم تكن هذه مقابلة بيلبورد عربية الأولى مع النجم الشاب، وقد كنا قد شغل اهتمامنا منذ صيف العام 2023 قبل أن نجلس معه في مقابلة تفصيلية في بداية العام 2024. وما بين المقابلة الأولى والثانية، اكتسبنا المزيد من السياق، وتسارعت خطوات الشامي على نحو غير متوقع، فوجدنا أنفسنا ننشغل أسبوعيًا بتتبع أرقامه القياسية وإنجازاته الفنية على امتداد أسابيع العام، ليكون بين الفنانين الذي حصدوا أكبر حصة من عناويننا في سن الثانية والعشرين من عمره!

إنجازات متتابعة لـ الشامي في 2024

 نجح بتصدّر قائمة بيلبورد عربية هوت 100 بعد صدور الهيت الصيفي "وين"، ليصدر عنواننا الرئيسي الأضخم في ذلك الأسبوع "الشامي سوّاها وأصبح أصغر فنان يتصدر القوائم". لم يخرج هو وأغانيه من المراتب الخمسة الأولى في قائمتي بيلبورد عربية الرئيسيتين هوت 100 و100 فنان طوال العام، كما احتفظ بصدارة قائمة أعلى 50 أغنية ليفانتين في معظم الأسابيع. وبالنهاية، خرج من حفل توزيع جوائز بيلبورد عربية بأربع جوائز هي الفنان الأول عن فئة أغنية الليفانتين وأفضل فنان عن فئة أغنية الليفانتين وأفضل أغنية ليفانتين عن أغنيته "صبرا" وأفضل أغنية إندي عربي عن نفس الأغنية، ليكون من أكثر الفنانين تتويجًا تلك الليلة إلى جانب النجمة شيرين عبدالوهاب. 

إلى جانب هذه الإنجازات المفصلية، شهد العام 2024 كذلك صعود الشامي إلى المسرح للمرة الأولى، وبدأ رسميًا بإحياء الحفلات الحية. وفيما يبدو هذا الإنجاز بديهيًا للبعض وخاصة من الموسيقيين الأكبر سنًا منه، إلا أنه لمن يعلم مدخل أساسي لفهم فروقات النشاط الموسيقي بين فناني الجيل زٍد والفنانين من أجيال سابقة، ولحظة الاختبار الفاصلة للفنانين القادمين من عالم تيك توك وسلطة منصات الاستماع، بالمواجهة مع الفنانين الذين تقدمهم شركات التسجيل أو يكتشفهم مدراء أعمال أو برامج مواهب. الغناء الحي واللقاء بجمهور الحفلات، يمثل لحظة الحقيقة لفنانين مثل الشامي، التي تحدد ما إذا كان أسلوب تربحهم مع فريقهم في عالم الفن سينتقل إلى حيز وآفاق جديدة أم سيبقى محصورًا في الكسب عن منصات البث والإنترنت أو أية وسائل أخرى.

وقد كان هذا واحدًا من أبرز الأشياء التي اختلفت في مسيرة الشامي المهنية ما بين مقابلته الأولى معنا حيث كان يشاركنا استعداداته وتحضيراته ليكون على أهبة الاستعداد لبدء تقديم أول حفلاته في بيروت، وبين مقابلة الغلاف هذه التي تأتي بعد انتهائه من جولة عالمية تجاوزت حدود العالم العربي إلى أوروبا وأمريكا وكندا، وبعد أن شهدنا اجتماعه على المسرح مع أساطير موسيقية في بلاد الشام، كما في حفله المشترك في دبي مع سلطان الطرب جورج وسوف. وقد حرصنا خلال هذه المقابلة معه أن نشغل له مقطعًا من المقابلة السابقة ليستمع لتصريحاته القديمة ويعلق عليها، ليقول الشامي: "أنا اليوم بعد 12 شهر تقريبًا عامل 30 أو أكتر من 30 حفلة حول العالم وصارت اشيا مجنونة. لما كنت عم غني بدبي بالقرية العالمية كنت واقف قدامي تقريبًا 35 الف إنسان وعم بطلع عم حاول شوف آخر هاد الجمهور وعم فكر انو من سنة كنت خايف من أول حفلة! فشو عم يصير؟" ويتابع: "أحيانًا ما بعرف اذا حدا بينتبه، بس وأنا عم غني بصفن… بكون عم فكر انو قديش هالسنة كانت مجنونة. كنت بعد أغنية 'يا ليل ويالعين' عم فكر كيف ما بدي كون مجرد فنان أغنية، بل كيف بدي تكون موسيقتي هوية ونمط بينسمع بحد ذاته".

تعاونات قادمة مع نجوم الفن

ورغم أنها لم تكن أغنيته الأولى، لكن "يا ليل ويالعين" كانت الإنطلاقة الرسمية فعليًا نحو الانتشار الأوسع. قبلها كان الشامي يجرب بنفسه بصحبة الأصدقاء في تراكات جمعت تأثيرات الراب والبوب سويًا، يحملها على قناته على يوتيوب، ويبني معها تدريجيًا قاعدة جماهيرية من أبناء جيله عبر تيك توك، حيث يتواصل معهم دومًا ويطل عليهم عبر لايفات كثيفة، ويشاركهم موسيقاه وأحلامه، حتى بات له اليوم آرمي (جيش معجبين إلكتروني) تمامًا كما نجوم البوب والكي-بوب في السنوات الماضية. صناع الموسيقى والفنانون من الأجيال الأكبر وجدوا أنفسهم فجأة أمام نموذج بناء الجمهور أولًا ثم بناء المسيرة الفنية، على عكس ما كانوا هم يفعلون قبل هيمنة وسائل التواصل الاجتماعية وصعود تيك توك.

وكما هي الحال مع كل ظاهرة أو حالة فنية جديدة، نجد أصوات انتقادات، وأصوات احتفاء وترحيب. ولربما مالت الكفة في حالة الشامي نحو التقدير أكثر، وقد رأينا فنانين مخضرمين يثنون عليه وعلى تجربته، وآخرون قطعوا شوطًا أبعد ومدوا يدهم رسميًا للتعاون مع الشامي، وهو ما رأيناه قبل أسابيع في مشاهد في استديو التسجيل جمعت الشامي بالفنان ملحم زين، وهما يضعان صوتهما على ديو جديد من كلمات وألحان الشامي. والخطوة هذه ضخمة لكلا الاسمين، فلربما كان ملحم زين من الأصوات الفريدة من جيل الألفية وصاحب واحدة من التجارب المتفوقة التي تعد على أصابع اليد الواحدة الخارجة من بلاد الشام آخر عشرين عامًا، وها هو يمد جسور التعاون مع تجربة الجيل الأصغر عوض تهميشها أو منافستها. يعلق الشامي على ذلك بقوله: "هو كان متقبل لنمط الموسيقى اللي أنا بقدمها… وقلي جربت تكتب وتلحن شي إلنا. وهي خطوة كتير جريئة منه لأن هو من غير مدرسة" الأمر الذي عدّه الشامي اعتراف من موهبة كبيرة بأن ما يقدمه هو "فن".

كما لمّح الشامي إلى احتمال العمل على ديو آخر مع النجم تامر حسني، وقد انتشرت صورة تجمعهما سويًا بعد لقاء عائلي وخاص، وأحاديث شيقة متنوّعة. الديو هذا إن تحقق فعلًا سيكون حلمًا لشريحة واسعة من الجمهور الشاب من مصر إلى بلاد الشام، فقبل صعود الشامي بعقدين تقريبًا، كان تامر حسني النجم الشبابي الأول بلا منافسة، جامعًا بين عالمي الموسيقى والسينما، حتى بات جمهوره يطلق عليه لقب "نجم الجيل". وقد علّق الشامي على هذا اللقاء قائلًا: "ما بطلع بحياتي (على وسائل الإعلام) مع ناس ما بحبن. يعني غالبًا لازم كون بحبه أنا وبسمعله وبعز عليي لقول انو أنا عبالي التقي بهاد الشخص وعبالي اعمل معه عمل مشترك وعبالي اكتبله ولحنله أنا شي. وأكيد تامر حسني من الأشخاص اللي أنا بحبن" واستكمل شارحًا أنه كان من معجبي تامر منذ بداية شهرته وأنه كان يعلق صورته على الخزانة في منزل طفولته.

ما بين اللقاءين الأول والثاني اللذان أجريناهما مع الشامي، اختلف الحديث كثيرًا، وقد تمحور الأول حول صعود شاب كان في الماضي لاجئًا من أسرته من بلده الأم سوريا إلى تركيا، التجأ إلى الإنترنت وتحديدًا إلى عالم تيك توك بحثًا عن شغفه حتى وجده وأمسك بعدها طرف الخيط نحو الاحتراف. أما في مقابلة الغلاف هذه، فكنا نحاور نجمًا واثقًا تمتد أمامه مسيرة فنية وخطط ومشاريع ونشاط وجولات وجوائز ومحاولات للحفاظ على التوازن والصحة النفسية. وفي الحالتين، بدا الشامي هادئًا ومتواضعًا، وأشار إلى محاورته أنه يرى بيلبورد عربية كـ "عائلته". ولما جاءت إشارته هذه إلى التغطية والدعم التي يتلقاها من منصتنا ومن سواها من وسائل الإعلام المختلفة، إلا أن رادار قوائم بيلبورد عربية وبياناتها الأسبوعية التي لا يغيب الشامي عنها، كانت هي التي قادتنا إلى أغانيه وموسيقاه وتجربته، وقادته هو إلى تحقيق جوائز بيلبورد عربية.

Alshami-Cover-Main-2408x3508

هلا مصطفى
محررة بيلبورد عربية
كاتبة وباحثة سورية، يتركّز عملها الصحفي والتحريري في المجالات الثقافية عامةً والموسيقية خاصةً.
عرض الكل
يشارك