قدّمت نوال الزغبي ألبوم "ماندم عليك" في العام 1998، والذي جاء بعد نجاحات متتالية بدأتها عند بداية التسعينيات أثبتت خلالها مثابرتها، حيث قدّمت مجموعة ألبومات صقلت أسلوبها وكشفت عن موهبتها بتقديم أكثر من لون. اتسمت مسيرتها بالتعاون مع شعراء وملحنين بارزين في الساحة المصرية واللبنانية، وقد حرصت على التأني في خياراتها دائمًا لتقدم صوتها الخاص المختلف عن باقي الساحة وقتها.
بعد أن عرفها الجمهور بأغنية "عايزة الرد" والديو الشهير "مين حبيبي أنا" مع وائل كفوري، كان عليها أن ترفع سقف إمكاناتها الصوتية والبصرية، وهنا جاءت أغنية "ماندم عليك" في هذا الألبوم، والتي كانت النقلة النوعية في مسيرتها وحضّرتها جيدًا للدخول إلى مرحلة الألفية.
من المقدمة تشعرنا الأغنية أن هناك أسلوبًا جديدًا مع الحوار بين الكورال الرجالي والنسائي، قبل أن يباغتهم صوت نوال المفعم بالعرب الثقيلة والنبرة الواثقة. تعتبر هذه الأغنية التعاون الوحيد في الألبوم مع الشاعر صفوح شغالة، والذي أغرقها في ثيمة التحدي. أعطاها جورج مارديروسيان لحنًا صاغه صوت الأورغ، ما أضاف إليها بُعدًا شعبيًا اقترب من إيقاعات موسيقى بلاد الشام، وقد حملت الجمل اللحنية نقلات نوعية تعلق بالأذن بسهولة. أما التوزيع مع طارق عاكف على إيقاع متوسط، فأضاف طبقة مثيرة على جُمل التحدي وأبعدها عن الحزن والندم.
قدّمت نوال لهذه الأغنية فيديو كليب أيقونيًا عادت فيه إلى حقبة الثلاثينيات، حيث صوّرت نفسها بأزياء كلاسيكية وهي تحاول الهرب من عصابة مافيا في مشاهد من إخراج طوني أبي الياس. لم يكن هذا الفيديو كليب الوحيد من الألبوم، فقد قدمت أغنية "قلبي دق" من إخراج ميرنا خياط وانتقلت فيها إلى مشاهد ملوّنة طبيعية ناسبت الإيقاع اللاتيني. جاءت هذه الأغنية كفاتحة تعاونات مع مروان خوري الذي كتب الكلمات وقد كان في بدايته وقتها، بينما لحّنها ووزعها بودي نعوم وأضاف إليها طبقة من الطبول والعيّنات الصوتية التي قربتها من الموسيقى اللاتينية.
أما الفيديو كليب الثالث فهو أغنية "على بالي"، عادت فيه للتعاون مع المخرج طوني أبو الياس في مشاهد حملت تأثيرات الجرافيكس، حيث تنقلت نوال في عالم أحلامها. لطالما اهتمت نوال بوجود كوريجرافي مع راقصين، خاصة أن الأغنية حملت تأثيرات الإيقاع البلدي من توزيع وألحان زياد بطرس.
كان للملحن صلاح الشرنوبي حضور بارز في بداية مسيرة نوال الزغبي، خاصة في ألبومها الثاني "عايزة الرد" الذي فتح باب الشهرة أمامها. حضر اسمه في ثلاث أغنيات من ألبوم "ماندم عليك"، حيث تعاون مع الشاعر وليد زريقة في "العين بالعين" و"لو عايز تبعد"، ومع أحمد شتا في "لا ملامة" وكلها جاءت من توزيع طارق عاكف، ما أعطاها توليفة البوب التجريبي في المشهد المصري واللبناني.
إلى جانب الشرنوبي، أحبت نوال التعامل مع الثنائي الملحن سمير صفير والشاعر نزار فرنسيس في بدايتها، وقدموا سوية أغاني حفرت اسمها في ذاكرة أغاني التسعينيات مثل "نص القلب". قدّم لها الثنائي في هذا الألبوم أغنية واحدة "دق المهباج" التي استعاد فيها الأسلوب البدوي بالكلمات، بينما وزعها روجيه خوري على إيقاع متوسط ما أعطى نوال المساحة لفرد عربها الرشيقة.
في آخر أغاني الألبوم "ما بتتعب دخلك"، انتقلت نوال إلى نبرة العتب لكنها عادت إلى أسلوب المواويل القصيرة في المقدمة، وهو الأسلوب الذي اشتهرت به عند بدايتها في استديو الفن. كتب كلماتها ولحنها الياس الرحباني ووضع فيها روح الرحابنة باللهجة اللبنانية المبسّطة، بالإضافة إلى اللحن المبتكر الذي لاحق صوت الأوف المتعب عن قصد في أداء نوال.
كان ألبوم "ماندم عليك" الألبوم السادس من مسيرة نوال الزغبي، والذي قدّمها للجمهور العربي وقرّبها من النجومية. ما زالت الأغنية الرئيسية حتى اليوم الأغنية الرسمية للبريك آب، وقد تناقلها جيل التسعينيات وبقيت حيّة في الحفلات للرقص عليها حتى اليوم. أما هذا الألبوم فهو الشاهد المثالي على تطور حقبة البوب اللبناني في التسعينيات، خاصة مع الأصوات النسائية التي كان لها الحضور الأبرز، واستفادت من وجود الزخم التجريبي في الكتابة والتلحين مثلما فعلت نوال.