بعد طول غياب، عاد وائل كفوري بأغنية منفردة جديدة ، حملت اسم "الوقت هدية"، وهي من كلمات وألحان رامي شلهوب وتوزيع جمال ياسين. وكانت آخر إصدارات وائل كفوري الأغنية المنفردة، "حالف عالحب"، التي أصدرها الصيف الماضي بعد جملة من الأغاني المنفردة التي أصدرها على فترات مُتباعدة، من بعد آخر ألبوماته سنة 2017.
تبدو الأغنية في افتتاحيتها وكأنها محاورة فلسفية يجريها وائل كفوري مع الزمن؛ يُخاطب الوقت فيها وكأنه الصديق الوحيد القادر على رؤية الحكاية من منظوره، الذي يبدو فيه وكأنه يمتلك المعرفة الشاملة لتاريخ كل البشر: "يا وقت اللي عم يمرق/ على مهلك روق شوي/ عشت وشفت كل البشر/ حافظهن كرجة ميّ". لكن بذرة الحوار الفلسفي سرعان ما تتلاشى، فهي لم تكن سوى مدخلًا لأغنية رومانسية كلاسيكية، وادعاء المعرفة الكلية للبشر ليس إلا وسيلة للتعبير عن استثنائية المحبوبة. أما الكلام عما هو عام وكلي لا يؤدي سوى إلى توصيف ما هو خاص ومنفرد في امرأة واحدة، هي التي تُضفي المعاني على الأشياء والمفاهيم، بما فيها الوقت، الذي تبين معها أن الوقت هدية: "غير البشر كلهن هي/ في شعور جديد عليي/ نظرتها ضحكتها/ علّموني الوقت هدية".
هذه ليست المرة الأولى التي يضع وائل كفوري نفسه في منزلة أعلى من البشر في أغانيه، ففي بعض أغانيه القديمة نجد ارهاصات للفكرة ذاتها، مثل أغنية "عم فتّش ع شقفة كون"، التي يبدو فيها أشبه ببطل خارق، وقادرًا على الخروج من حدود الزمان والمكان للعثور على كون مغاير يتمكن من تكوينه بما يتناسب مع حالة الحب التي يعيشها. وليس من باب المُصادفة أيضًا أن تكون النتيحة في كل الأغاني ذاتها، فما يُقدمه وائل كفوري لا يتعدى أن يكون صيغة مبالغة في التعبير عن قدرات العشق على تغيير مفاهيم الحياة والحب والزمن، مصحوبًا بنزعة ذاتية، ترتفع فيها مشاعر الفخر مع مشاعر الحب أيضًا، لتتضخم الأنا وتُصبح محور الكون.
يضفي فيديو كليب الأغنية، الذي أخرجه دان حداد، طابعًا نوستالجيًا، ففيه يظهر وائل كفوري داخل استوديو تلفزيون لبنان، ليغني من بين المجلدات وأشرطة الفيديو الموجودة في غرفة الأرشيف، لتفيض الأغنية بعبق الذكريات والزمن القديم. وبذلك يدعم الكليب إحساس النوستالجيا الذي نشعر به عند سماع أغنية وائل كفوري الجديدة، التي تُعيدنا بأنغامها إلى أغانيه في التسعينيات وبداية الألفية، والتي يُغلّف فيها الوقت ويُقدمه هدية لنا.