في العام الماضي، دخلت أغنيتا "بالأحلام" لناصيف زيتون و"بلا ما نحس" لعبير نعمة قائمة بيلبورد عربية هوت 100، كما وصلتا إلى قائمة أعلى 50 أغنية ليفانتين. إلى جانب ذلك، شهدنا تألق أغنية "صاحي الليل" لجورج وسوف التي كانت حديث الجميع. وإذا عدنا بالزمن عشر سنوات، نجد أغنية "سهرانين" لكارول سماحة التي تركت بصمة قوية في الساحة الفنية، وأصبحت واحدة من أكثر الأغاني استخدامًا في الاحتفالات.
كل هذه الهيتات التي حققت نجاحًا ضخمًا، بالإضافة إلى العديد من الأغاني الأخرى، يقف خلف إنتاجها الموزع والمنتج الموسيقي سليمان دميان. في هذا الحوار الذي أجريناه معه، كشف دميان عن رؤيته للموسيقى، وكيفية تعامله مع التوزيع بطريقة تجعل من كل أغنية قطعة فنية متجددة تتماشى مع روح العصر. تحدث أيضًا عن سر نجاح أغانيه التي تتحول إلى هيتات تجذب جمهورًا واسعًا، وكيف يرى تطور الموسيقى في المنطقة.
ابتكار دميان الموسيقي
يعرف سليمان دميان بابتكاراته في المزج بين البوب والموسيقى الإلكترونية والروك. حقق شهرة واسعة بعد نجاحه في توزيع أغنية "سهرانين" للفنانة كارول سماحة، مما جعله أحد الأسماء البارزة في الساحة. تعاون مع العديد من الفنانين المعروفين مثل جاد شويري وهيفاء وهبي، ما عزز مكانته كمنتج موسيقي بارز في عالم البوب. كما كان له دور مهم في العمل مع مشهد الإندي وتحديدًا مع فرقة أدونيس، حيث شارك في إنتاج ألبوماتهم مثل "12 ساعة" و"ثقب أسود".
محاولات دائمة للتجديد
يرى دميان أن سوق الليفاتين يشهد تطورًا سريعًا، لذا يحاول دائمًا تقديم بصمة جديدة من خلال استكشاف أصوات متنوعة من جنرات مختلفة، حيث صرّح "ما عندي Formula بالتحديد؛ يعني بجرب كذا شغلة، وبشوف شو اللي بيلقطني أكتر شي واللي بحسه يلقط العالم أكتر". كما عبّر عن حبه للكثير من الأنواع في الموسيقى العربية، وبأنه يستمتع أحيانًا باستخدام الآلات التقليدية في خلق إيقاعات غربية. وقال أنه في أغلب الأحيان، تأتي له المشاريع جاهزة من حيث الألحان والكلمات، ليترك لنفسه مساحة أكبر للتجريب وإضافة لمسته الخاصة على العمل.
يرى دميان أن الملحنين والشعراء والمغنين يجب أن يجازفوا بالموسيقى أكثر، لأن المخاطرة هي ما تميز الفنان وتمنحه القدرة على تحديد اتجاهه وأهدافه من مشروعه. كما أنه لا يفضل العمل فقط مع الأسماء الكبيرة، بل يسعى أيضًا لاكتشاف أسماء جديدة. وفي هذا السياق، صرح قائلًا: "ما فيي أكون محدود بأني بس بشتغل مع أسامي كبيرة عندها إنتاج وراها، لهيدا السبب دايمًا بحاول إني اكتشف ارتيستس جداد، عالم عندها افكار انترستنج ومختلفة". كما أبدى إعجابه بوجود مغنيين يكتبون وينتجون لأنفسهم، مما يعكس تطورًا ملحوظًا في مشهد الفن الحالي.
تجارب مختلفة في عملية صناعة الموسيقى
يسلط سليمان الضوء على نوعين من الفنانين الذين يتعامل معهم. النوع الأول يتميز بالوضوح التام في ما يريده من مشروعه وأهدافه، بينما النوع الثاني يكتشف ذلك تدريجيًا خلال عملية الإنتاج الموسيقي. ويشير دميان إلى أن معظم الفنانين الذين تعاون معهم كانوا يسعون لتقديم شيء جديد، بعيد عن المألوف الذي اعتادوا تقديمه. كما يضيف أنه نادرًا ما يعمل في مشاريع حيث يقتصر دوره على تنفيذ رؤية الفنان فقط دون أن يساهم في تطوير العمل أو ترك بصمته الشخصية عليه.
هذا وأشار أن أغنية "بالأحلام" مع ناصيف زيتون كانت تجربة مميزة، ويقول: "غنية بتاخد العقل، من أول ما سمعتها كتير حبيت الغنية، I wanted to produce it". ويشرح دميان التحدي الذي واجهه في العمل على الأغنية قائلًا: "الفكرة إن الغنية إيقاع مقسوم، والمقسوم لأنه كتير بنستخدمه في الموسيقى العربية صار كتير صعب إن حدا يخلق شي جديد، وهايدا هو اللي كنت بجربه واللي حاولت أهمله بهاي الاغنية".
كما يرى سليمان أن الاستعارة من الموسيقى المختلفة أصبحت سائدة في الوقت الحالي، مشيرًا إلى استخدام جنرات مثل الأفروبيتس والدريل بكثافة في الهيب هوب العربي. ويوضح من خلال تجربته الشخصية أنه لم يعد يفرق بين الإيقاع الأجنبي والإيقاع الشرقي، بل هو فقط يركز على احترام الأغنية التي يعمل عليها واستخدام الأدوات التي تساعد في إيصالها من خلال القالب الموسيقي المختار.
نصائح دميان للمقبلين على الإنتاج الموسيقي
يعتقد دميان أن أي شخص مهووس بالموسيقى ويطمح لأن يصبح منتجًا موسيقيًا محترفًا قادر على تحقيق ذلك باستخدام البرامج الإلكترونية فقط، دون الحاجة إلى معدات موسيقية مكلفة. لكن، يشدد على أن الأمر يتطلب تنمية الذوق الموسيقي وتدريب الأذن على سماع جنرات مختلفة. إذ أن توفر المعدات دون معرفة كافية حول ما يريد المنتج الموسيقي تحقيقه قد يؤدي إلى عدم الوصول لمنتج جيد.
ختم دميان نصائحه بثلاثة نقاط مهمة لكل من يرغب في دخول عالم الإنتاج الموسيقي. أولاً، ينصح بإبقاء الأمور بسيطة، مشيرًا إلى أنه ليس من الضروري أو المحبذ وضع كل الأفكار في أغنية واحدة، بل يجب التركيز على فكرة واحدة وتطويرها وتنميتها بشكل تدريجي. ثانيًا، يجب أن يستمع المقبل على الإنتاج الموسيقي إلى الموسيقى كمستمع" وليس كمنتج"، لأن الأذن الموسيقية الإنتاجية قد لا تتذوق جماليات بعض الأمور التي يتقبلها المستمع العادي. أما النصيحة الثالثة، فهي عدم الاستغراب من الفشل في التجارب الأولى، حيث يؤكد دميان أنه مر بتجارب سيئة لكنه تمكن من تجاوزها وتخطيها بمرور الوقت.