عبر العقود التي تلت صدور "كيفك إنت"، الأغنية التي ألفها الموسيقار زياد الرحباني وقدّمتها والدته السيدة فيروز بصوتها، تحولت إلى أغنية أيقونية يحفظها الملايين ويسمعونها حتى اليوم بلا انقطاع. من يسمع أن لهذه الأغنية قصة، قد يعتقد أنها كتبت لتجسد حالة امرأة تغني لحبيبها السابق، تسترجع من خلالها ذكرياتها معه وتطمئن على أحواله.
أما الواقع، فقد كشف عنه زياد الرحباني في أحد لقاءاته الإعلامية، وروى الحكاية التي بدأت عندما سافر من لبنان، ليتزوج حبيبته وزوجته السابقة دلال كرم، وعاش خارج وطنه فترة طويلة. وعندما قرر زياد العودة لم يخبر فيروز أنه وصل لبنان.
وفي إحدى أيام الشتاء الماطرة كان زياد في زيارة لموعد على الغداء عند أحد أصدقائه، اقترح أن يخرج في الجو العاصف لشراء حوائج، ليلتقي بفيروز مصادفة. وجد زياد نفسه فجأة أمام أمه التي مر زمن دون رؤيتها، في لحظة وصفها زياد بأنها مثل أفلام السينما، لتقول له فيروز في أجمل عتاب الكلمات التي انحفرت بداخله: "كيفك.. قال عم يقولو صار عندك ولاد.. أنا والله كنت مفكرتك برات البلاد." مؤكدًا أن هذه كانت كلماتها بالحرف.
كلمات فيروز لم تكن لتكون مجرد كلمات عابرة في لحظة الموقف، فقد حوّلها زياد إلى أغنية لحنها وسجلها وتوجه إلى بيت جارة القمر، طالبًا منها سماع الأغنية في وقت كانت الكهرباء فيه مقطوعة، لتقول له فيروز أنها ستسمع الأغنية عندما تعود الكهرباء. إلا أن الموسيقار أصر على أمه أن تسمع الشريط بوجوده، وهذا ما حدث، إذ يروي لـ إم بي سي مصر ردة فعل فيروز حينها ويقول: "قالتلي هيدي شو بدنا نعمل فيا.. قلتلا بدنا نغنيا إذا أمكن.. قالتلي هيك بهالكلام؟؟ قلتلا أي شبو هالكلام... قالتلي لا كيف شبو هالكلام.. وهيك بلشنا.. شوفي قديش الجو كان قريب من التحقيق.. قلتلا سمعيا عمهلك وقوليلي".
لم تكن فيروز مقتنعة بالكامل بغناء "كيفك إنت"، متخوفة من عبارة "ملا إنت" وظل زياد يحاول إقناعها لـ 4 سنوات حتى غنتها فيروز عام 1991. ورغم ان انتقادات طالت العبارة التي ترددت فيروز بسببها، إلا أن الأغنية سطرت نجاحًا كبيرًا وتصدرت المبيعات حينها، وما زالت حروفها الموسيقية تُسمع في كل زمان ومكان، تتعاقب عليها أجيال عدة تصغي لكلام قالته يومًا ما فيروز بدافع عتب الأم ليصبح عتب فيروز أغنية "كيفك إنت".