على مدار الشهر الماضي، قام رامي صبري بإصدار ألبومه القصير الجديد "أنا جامد كده كده"، حيث أطلق أغاني الألبوم تباعًا، لتحظى كل أغنية منها بفرصة تفاعل الجمهور معها منفردةً. يتألف الألبوم من 6 أغاني، وافتتح رامي صبري الإصدارات بالأغنية الرئيسية "أنا جامد كده كده". جاءت الأغنية مفاجئة بعض الشيء لجمهوره، نظرًا إلى اختلافها الكبير عمّا اعتادوا عليه منه، لتبدأ خصوصية الألبوم بالأغنية الأولى، التي بدا فيها رامي صبري وكأنه قد قرر تغيير جلده، وتقديم تجربة موسيقية جديدة تبرز روحًا أكثر جرأة وحيوية.
ومن بعد أغنية "أنا جامد كده كده"، توالت إصدارات باقي الأغاني، لتصدر بالترتيب أغاني: "على بالي" و"كنا معديين" و"ما بتحصلش كتير" و"كداب"، قبل أن يختتم رامي صبري الألبوم بأغنية "فيها إيه". كل واحدة من هذه الأغاني حملت بصمة فنية فريدة، لتعكس مجتمعةً التنوع الذي يسعى رامي لتقديمه في هذا الألبوم، وليظهر بروح صيفية منعشة، ما يجعل "أنا جامد كده كده" ألبومًا مثاليًا لفصل الصيف، مع إيقاعاته الحماسية الخفيفة التي تعكس حيوية الموسم. ويأتي ألبوم "أنا جامد كده كده" كثاني ألبوم لرامي صبري في عام 2024، بعد ألبوم "النهايات أخلاق" الذي صدر في بداية السنة وتميّز بستايله الشتوي الكئيب. ومع طرح ألبوم "أنا جامد كده كده"، يؤكد رامي صبري قدرته على التكيف مع مختلف المواسم والمزاجات الموسيقية.
في ظل التطورات الحادة التي شهدها البوب المصري في المدة الماضية، ظلّ رامي صبري مخلصًا لستايله المعروف، وبقي على مسافة من الموجة الجديدة التي شهدها البوب المصري، والتي استوعبت تأثيرات المهرجانات والموسيقى الشعبية، حيث جاءت مواكبة للذوق العام بعد الطفرة التي أحدثتها موسيقى المهرجانات.
مع أن رامي صبري كان من أكثر الفنانين نشاطًا بالفترة الأخيرة، إلا أن خصوصيته تمثّلت بالنجاح رغم الانتماء إلى ستايل موسيقي عاطفي نوستالجي، وبأنه حرص على التمسك بأسلوبه الموسيقي المعروف بـ"البالاد"، الذي يعتبر عمرو دياب من رواده. يعتمد هذا الأسلوب على دمج تأثيرات الموسيقى الغربية مع البوب المصري، ويستخدم لغة بيضاء أكثر شاعرية وتهذيبًا للتعبير عن المشاعر العاطفية في مختلف مراحل الحب، بالمقارنة مع الموجة الجديدة من البوب المصري؛ ليبقى رامي صبري بعيدًا عن الأغاني التي تعبّر عن القوة والجمدان، حتى إصدار ألبوم "أنا جامد كده كده" الذي فاجأ به جمهوره بمواكبته للموجة الجديدة بأغنية الألبوم الرئيسية.
مع ذلك وحين الاستماع للأغنية، لا توحي مقدّمة "أنا جامد كده كده" بأنها ستعصف برياح التغيير، فصوت الأكورديون في المقدمة الموسيقية القصيرة، وصوت رامي صبري وهو يغني على مقام النهاوند في المقطع الأول، يتوافقان مع ستايله المعهود، رغم ضحكة رامي صبري التي يتهافت صوتها في الخلفية بشكل هجين. إلا أن الكلمات التي كتبها تامر حسين حملت بعض بذور اختلاف، وإن أعاد اللحن الذي وضعه رامي صبري بنفسه توجيه الدفة إلى منطقته الآمنة: "بتحب إنت تضحكني/ هاتسيبني هتفرق إيه/ جاي تشككني في نفسي/ بقى ده كلام يترد عليه/ إن إنت تقول هتسبني/ دي لوحدها إيفيه/ اسمعني هقولك ايه".
تتحول الأغنية 180 درجة بعد ذلك في اللازمة، التي يكرر فيها رامي صبري جملة واحدة: "أنا جامد كده كده" بطبقة صوت مختلفة كليًا. ترافق اللازمة جملة من الأصوات التي تعتبر ثورية في تجربة رامي صبري الموسيقية في المجمل، كصوت خرطشة البندقية، والنغمات التي وضعها الموزع الموسيقي جلال حمداوي ليحاكي بها تأثيرات موسيقى المهرجانات والموسيقى الشعبية بطريقته الخاصة.
أكثر ما يلفت الانتباه في أغنية "أنا جامد كده كده"، أنها ثورة قام بها الحرس القديم، فاللحن وضعه رامي صبري بنفسه، والكلمات كتبها تامر حسين الذي لطالما تعاون معه رامي صبري بأغاني رومانسية شاعرية، والتوزيع الموسيقي لجلال حمداوي، الذي سبق أن تعاون معه رامي صبري بواحدة من أجمل أغانيه الدرامية على امتداد مسيرته، وهي أغنية "حياتي مش تمام". جعل ذلك أغنية رامي صبري مختلفة نوعًا ما عن الأغاني التي تنتمي للموجة الجديدة في البوب المصري، والتي تعتمد على أسماء تتكرر في معظم التجارب.
الأمر ذاته ينطبق على الأغنية الثانية "كنا معديين" التي تحمل بعض الاختلاف، والتي تبدو امتدادًا للحكاية التي رسم ملامحها الأولى بأغنية "أنا جامد كده كده"، حيث تبدو تشفّيًا بالحبيب السابق بعد الفراق، وكأنها جولة ساخرة أخرى. الأغنية من كلمات عليم وألحان عمرو الشاذلي وتوزيع عمرو الخضري، وهي أسماء سبق أن تعاون معها رامي صبري أيضًا في أغاني عاطفية ودرامية، كأغنية "بين الحيطان" التي تعتبر أكثر أغاني ألبومه السابق كآبةً ونجاحًا، إذ حضرت لأسابيع طويلة على قائمة بيلبورد عربية هوت 100. بل تعاون رامي صبري مع عمرو الشاذلي كلمات ولحنًا وعمرو الخضري توزيعًا بأغنية درامية في الألبوم الجديد أيضًا، وهي أغنية "كداب" التي تحضر للأسبوع الثالث تواليًا على قائمة بيلبورد عربية هوت 100 هذا الأسبوع، وتحتل المرتبة 45.
بخلاف "أنا جامد كده كده" و"كنا معديين"، فإن الأغاني الأربعة المتبقية في الألبوم تتوافق مع أسلوب رامي صبري المعتاد، وإن كانت جرعة الدراما فيها منخفضة، فأغنية "فيها إيه" يعتمد بها رامي صبري على توزيع هاوس صيفي، وأغنية "ما بتحصليش كتير" يعتمد بها على إيقاع المقسوم، ليُكمل رامي صبري بهما الخلطة الموسيقية المتنوعة والمعتادة في ألبومات نجوم البالاد المصري. لكن رامي صبري الذي صرّح لبيلبورد عربية في بداية العام بأن الأغاني الحزينة تعبّر عنه، ها هو يبلغ ذروة النجاح التجاري بالأغنيتين الدراميتين في الألبوم: "كداب" و"على بالي"، حيث حضرتا مباشرة بعد صدورهما على قائمة بيلبورد عربية هوت 100.