"وكل شئ بينسرق منى
العمر من الأيام
والضي من النني"
بهذه الكلمات عادت أغنية "شجر الليمون" بعد 44 عامًا من صدورها للواجهة مرة أخرى، حيث ظهرت بنهاية فيلم "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو"، حيث يجلس البطل فوق أحد التلال الهادئة على هامش المدينة متأملًا هزيمته وفقده الذي حاول تجنبهما بكل ما أوتي له من محاولات.
الفيلم الذي أعاد أغنية محمد منير للذاكرة
ويدور الفيلم حول حسن، الذي يلعب دوره عصام عمر، والذي يتورط مع كلبه رامبو في حادث خطير دون تعمد، يجعله مطاردًا ومهددًا بالطرد من مسكنه من قبل جاره الميكانيكي كارم الذي يؤدي دوره أحمد بهاء من فرقة شارموفرز.
ومنذ عرض الفيلم بشكل جماهيري في السينمات في بداية الشهر الحالي بمصر، أعاد العديد من المتابعين والجمهور الأغنية لرادار الاستماع بكثافة، مسلطين الضوء على أثرها في توصيف حالة الفقد والخذلان، والشعور بالخسارة. ولكنها ليست أول مرة يتم فيها بروزة الأغنية في سياقات فنية أو اجتماعية، فقد لاقت الأغنية الأيقونية الكثير من التفسيرات التي ربطتها بسياقات مختلفة منذ إصدارها.
إصدار محمد منير لـ "شجر الليمون" في الثمانينات
صدرت "شجر الليمون" لأول مرة ضمن ألبوم "شبابيك" عام 1981، وتميزت موسيقيًا بإيقاعها المعتمد على تتابع الدرامز وسترينجات الجيتار الحادة، بالإضافة إلى قوة الكلمات التي ربطت بين الفقد العاطفي والهجر والأرض والموطن. تكثف هذه الكلمات وصف المعاناة سواء المادية أو النفسية في أبيات "أنا من غيرك/ أنا مش عاقل ولا مجنون " أو"جوايا بندهلك/ يا ترى بتسمعني؟" أو المقطع الذي تم استخدامه في الفيلم "وكل شئ بينسرق مني/ العمر من الأيام/ والضى من النني".
ومنذ إصدارها، وخاصة بعد أن أعاد تقديمها أحمد منيب بأداء مختلف في عام 1989، بألحانه وتوزيع موسيقي لماجد عرابي ضمن ألبومه "يا عشرة"، رُبطت الأغنية بالعديد من السياقات الاجتماعية والسياسية التي منحتها أهمية في الذاكرة والوجدان إلى جانب أهميتها الفنية.
تفسيرات مختلفة لمعاني الأغنية
فبسبب العنوان بشكل رئيسي؛ ربطها الكثيرون بشجر الليمون التي تمتاز به أرض فلسطين، خاصة وأنها تتعرض لفكرة الأرض المهجورة المفقودة من أهلها، والتي تشتاق لها الروح وتطمح في اللقاء الذي لا يتحقق بسبب العدوان.
التفسير الثاني للأغنية ذهب للمغتربين المصريين في الخليج، فمنذ نهاية السبعينات وبداية الثمانينات ازدهر نظام الإعارة، والذي من خلاله سافر العديد من المصريين بعد الانفتاح وسياساته للبحث عن فرص عمل بدول منطقة الخليج العربي. بدت تلك المرحلة بمثابة تغريبة لشباب يترك وطنه وحيدًا أو يهجر أهله من أجل فرص ترقي وحياة أفضل.
بعض التفسيرات القليلة، وخاصة بعد أداء وتوزيع أحمد منيب لها، والذي حمل صوتًا ثقيلًا أكثر رخامة وبلكنة نوبية، وبإدخال آلات نفخ غليظة نوبية، ذهبت لربط الأغنية بقضية تهجير النوبيين الأبرز والتي بدأت مع عملية بناء السد العالي في بداية الستينيات أحد أضخم مشاريع فترة حكم الرئيس المصري جمال عبد الناصر، والذي تسبب في التهجير القسري لآلاف العائلات النوبية.
وسواء كانت الأزمات عاطفية فردية، أو ناتجة عن هم جماعي إجتماعي، أو مرتبطة بقضية سياسية أو اثنية، ستظل "شجر الليمون"، وأغاني منير الموجودة بالذاكرة السينمائية المصرية منذ ظهوره الأول بأعمال كثيرة للمخرج يوسف شاهين، تُستدعى لسنين طوال في سياقات وأزمات مختلفة، مسطرًا بصمته في وجدان الشعب المصري.