في أولى حلقات سلسلة "جلسات بيلبورد عربية"، استعاد أحمد سعد أربعة من أغانيه الأكثر نجاحًا وقدّمها بتوزيع جديد، يعتمد بشكل أساسي على جيتارات الأكوستك، بستايل يميل للرقة والهدوء بالأسلوب اللاتيني الحيوي. تركت التوزيعات الجديدة أثرًا مختلفًا عن النسخ الأصلية من الأغاني التي اتسمت توزيعاتها بالاعتماد على تركيبة صوتية مُعقدة، تستوعب تأثيرات الموسيقى الشعبية وأغاني المهرجانات في أغنية البوب المصرية المُعاصرة، لنسمع خلال هذه الجلسة أغاني "وسع وسع" و"أيه اليوم الحلو ده" و"اختياراتي" بشكل أكثر عاطفيةً ودفئًا. لكن الاستثناء الوحيد ما بين الأغاني الأربعة التي قدّمها أحمد سعد مع بيلبورد عربية هو أغنية "عليكي عيون"؛ لأن النسخة الأصلية منها كانت شديدة الرومانسية أساسًا.
مضى على إصدار "عليكي عيون" سنتان بالضبط، إذ صدرت يوم 23 فبراير/ شباط 2022، وخلال هذه الفترة حققت العديد من الأرقام القياسية، فهي الأغنية الأكثر استماعًا على يوتيوب بين جميع أغاني أحمد سعد، وقد حققت ما يزيد عن 285 مليون استماع، كما أنها لم تغِب إطلاقًا عن قائمة بيلبورد عربية هوت 100 مُنذ استحداثها، لتحضر فيها 11 أسبوعًا متتاليًا، وصلت فيها لأعلى ذروة بتحقيق المركز 47.
وفي سياق تجربة أحمد سعد الفنية، تأتي خصوصية أغنية "عليكي عيون"، التي كتب كلماتها محمد شافعي ولحّنها أحمد سعد بنفسه ووزعها محمد عاطف الحلو مع بيدو أرتيسيت، في كونها التجربة التي عاد فيها أحمد سعد بعد انتفاضته الفنية، ليُقدّم أغنية رومانسية من ألحانه، تبدو امتدادًا لأغانيه في المرحلة المُبكرة من مسيرته. لذلك تعتبر "عليكي عيون" استمرارًا لتوجهاته الفنية السابقة، حيث يستمر فيها باستكشاف مواضيع الحب والعواطف بأسلوبه الخاص، بالاعتماد على الأصوات والأنماط الموسيقية التقليدية التي يجيد اللعب فيها. بدت "عليكي عيون" كخطوة استراتيجية لمد جسر تواصل مع جمهوره القديم ولتعزيز خصوصية الهوية الفنية لأحمد سعد، الذي يجمع بين الأصالة والحداثة.
وما يُميز "عليكي عيون" عن أغاني أحمد سعد في مختلف مراحل مسيرته أنها أغنية غزلية حيادية شديدة الرقة؛ فالكلمات تصف خصائل المحبوبة، بعيونها وكلامها وهدوئها وسلامها وجمالها، ولكن الوصف يُلائم الجميع لكونه انطباعيًا، ويتغزل بالصفات النفسية لصاحبة العيون بدلًا من لونها وشكلها. أما خلال الجلسة فنسمعها بصحبة الإيقاعات والجيتارات الإسبانية، مضبوطةً بخط بايس، لتمنحها التوزيعات الجديدة فرصة الاستماع إليها من جديد خارج قالبها الأساسي الغارق بالرومانسية الكلاسيكية. في هذه الجلسة، وجد الكلام المميز للأغنية طريقة للتعبير عن نفسه ضمن قالب حيوي جديد لا ينقص من سحرها الأساسي، بل لربما يضفي عليه من سحرًا لاتينيًا إضافيًا.