"عمري ما استنيت حد": أغاني شكّلت صوت روبي في بداية الألفية

تركت تجربة روبي في بداية الألفية بصمةً غيّرت في شكل البوب لتلك الحقبة، قبل أن تدخل هي في فترة من الانقطاع عن الإصدار امتدت إلى ثلاثة عشر عامًا
روبي (أربوبلس)
روبي (أربوبلس)
Change Font Size 20

دخلت روبي إلى عالم البوب العربي عام 2003، وتركت بصمة قوية في مشهد الأغنية المصرية. قدّمت أساليب منوعة من الشرقي إلى الهاوس بوب والطرب، وكان دخولها مدويًا لدرجة أنها حققت شهرة من إصدارها الأول في "إنت عارف ليه"، خاصة أنها قدمت أسلوبًا جديدًا في شكل الأغاني والأداء، حيث استمرت هذه المسيرة حتى عام 2008 وقدمت خلالها ألبومين وبعض الإصدارات المنفردة.

 

تطور في هذه السنوات صوت روبي وقدمت أشهر أغاني الألفية من "ليه بيداري كده" إلى "غاوي" و"إبقى قابلني"، ما جعلها من أبرز فنانات عصر الألفية الجديد، عصر رنات الهواتف النقالة والرسائل النصية أسفل القنوات الفضائية الموسيقية التي احتلتها روبي سريعًا. تجمع هذه القائمة أولى تجارب روبي في مجال الغناء، وأبرز التعاونات التي جعلتها واحدة من أهم نجمات الألفية. 

"إنت عارف ليه" 

لا يستطيع أي متابع للقنوات الفضائية الموسيقية عند بداية الألفية أن ينسى المرة الأولى التي شاهد فيها كليب "إنت عارف ليه"، وكيف لاحقت روبي إيقاع الطبلة البلدي في شوارع العاصمة التشيكية قادمة من بين الجموع ببشرتها السمراء. صاغ صوت الأكورديون ألحان محمد رحيم الشرقية، ما أعطى لروبي مساحة تقديم حركات الرقص الشرقي. 

لا تنهي روبي حركاتها بإتقان، بل غالبًا ما تتركها مفتوحة للتجريب وتنتقل إلى الحركة التالية بعشوائية، وقد كان واضحًا أنها صمّمت الحركات بنفسها، حيث صرحت في واحدة من مقابلاتها أن الفكرة جاءت لتأثرها بأيقونات مثل سامية جمال وتحية كاريوكا. تميز الفيديو كليب بصدق روبي وعفويتها أمام الكاميرا، التي كانت معظم الوقت ثابتة مكانها في مَشاهد من إخراج شريف صبري. كما أن أزياءها كانت دائمًا مميزة عن الجميع وحقيقية، إذ ارتدت إلى جانب بدلة الرقص الزهرية ثيابًا اتّبعت النمط البوهيمي ما أعطاها طابعًا غجريًا، وهكذا جاء صوتها عند بداية الألفية حرًا ورحّالًا. 

"عمري ما استنيت حد"

قدمت روبي دور بطولة في فيلم "سبع ورقات كوتشينة" من إخراج شريف صبري عام 2004، وخرج منه عدد من الأغاني جمعتها في ألبوم "إبقى قابلني" لاحقًا. من الجدير بالذكر أن روبي بدأت مسيرتها التمثيلية بالتوازي مع الغناء، وشاركت في أفلام لكبار المخرجين مثل "سكوت حنصوّر" للمخرج يوسف شاهين عام 2001.

 كتب كلمات "عمري ما استنيت حد" أيمن بهجت قمر وأعطاها ثيمة الاستقلالية والتحرر من قيود العلاقات. غامرت روبي بقدرات صوتها أكثر من مرة في محاولة لإخراج عرب خفيفة، ونجحت في إضفاء نبرة واثقة وحزينة بالوقت نفسه. رافقتها ألحان محمد رحيم الذي وضع بصمته الشرقية على معظم أغانيها في هذا الألبوم، بينما وضع خالد عز في توزيعه سولو طبلة عند منتصف الأغنية ما أعطاها مساحة لترقص وحدها، حيث أدت الأغنية في مقهى فارغ إلا من العمال المنشغلين بمهامهم ضمن أحداث الفيلم، وقد ظهرت في أغلب فيديو كليباتها لوحدها وهي ترقص وتغني مع نفسها.  

"مشيت ورا إحساسي"

حملت خيارات روبي المزيد من التنوع في ألبومها الثاني عام 2007، حيث غاب اسم محمد رحيم بينما اشترك شريف صبري مع وائل العقيد ومحمد راجح على تلحينه. قُدمت الأغنية الرئيسية "مشيت ورا إحساسي" من كلمات محمد الرفاعي على إيقاع الهاوس بوب، وقد أحبت روبي هذا النوع من الموسيقى الإلكترونية، واندمج صوتها الذي نضج أكثر مع عيّنات السنث القوية. كما سبق وقدمت في فيلم "سبع ورقات كوتشينة" أغنية "ميّل يا ليل" على إيقاع الهاوس. أخرج شريف الأغنية متّبعًا نمط الفيديو كليبات السابقة، حيث ظهرت روبي بأزياء مختلفة تغني الكلمات بأسلوبها الجذاب، لكن هذه المرة خارج الاستديو ومن أمام الأهرامات وقد بانت ثقتها بنفسها وصوتها أكثر. 

"المانع خير"

لحّن شريف صبري في هذا الألبوم أربع أغنيات منها "المانع الخير"، التي قدمت فيها روبي أسلوبًا مختلفًا عن كل إصداراتها السابقة، حيث أسلوب رائق يقف بين أداء سيمون عند نهاية الثمانينيات وأداء أنوشكا في مرحلة التسعينيات، وكأن صوتها جاء بداية الألفية امتدادًا لتجربتَيهما. افتتحت روبي "المانع الخير" وكأنها تحدّثنا بكلمات الشاعر عبد المنعم الخفيفة مع كوبليه جذاب، وزّعها شريف على موسيقى فانكي وعيّنات إلكترونية، بينما تلاعبت بطبقات صوتها على نغمات منخفضة. اكتسب صوتها خاصية حميمية وهو يلاحق الإيقاع بخفة، وقد ساعدتها القوافي البسيطة على إظهار الدلع والحنيّة في صوتها. 

"مش حتقدر" 

تعرضت روبي في تلك الفترة من مسيرتها الغنائية للكثير من الانتقادات التي طالت شكلها ورقصها وصوتها. لكن في يوم عادي وفي خطوة مفاجئة ظهرت فجأة على التلفزيون المصري في برنامج البيت بيتك، أمام فرقة تعزف التخت الشرقي. للوهلة الأولى قد يصعب توقع كيف لروبي أن تجاري اللحن الطربي بعد المقدمة الموسيقية، لكنها أدخلت صوتها على اللحن بثبات دون أن تتخلى عن نبرتها الشقية لتردَّ على الناقد السلبي: "مش حتقدر".

استمرت الأغنية لمدة إحدى عشر دقيقة وأثبتت روبي أنها فعلًا خطوة ذكية، وكأنها جمعت كل التعليقات السلبية وحولتها إلى وقود يغذي موهبتها. يذكر أن روبي استخدمت هذا الأداء وهذه النغمة من صوتها في أغنية ثانية هي "ليه" من ألحان ياسر عبد الرحمن. بعد هذه اللقطة الجريئة، أعلنت روبي وشريف صبري عن توقفهما عن العمل سويةً، لتبدأ روبي مرحلة جديدة من البحث عن صوتها. 

"يالرموش" 

عادت روبي عام 2008 إلى العمل مع الملحن محمد رحيم بعد أن استقلّت عن شريف صبري، وكانت بصدد البحث عن أغنية جديدة فوقعت على كلمات محمد جمعة بأغنية "يالرموش". طلبت أن تأخذها من رحيم الذي قال لها إنها مكتوبة على أن يكون المخاطِب رجلًا، فأجابته بأنها تريد غناءها لنفسها. قدمتها روبي وتعتبر من الإصدارات القليلة التي تخاطب فيها مغنية بصيغة التأنيث وتتغزّل بنفسها: "قدها يتمايل على كيفها/ وعلى كيفها تسهر ليالي". 

عادت روبي مجددًا إلى الاستلهام من الحضارة الفرعونية في أزيائها، حيث دمجت أسلوبها الغجري من "إنت عارف ليه" بالإكسسوارات المصرية مثل الخلخال والأساور. حمل الفيديو كليب للمرة الأولى توقيعًا غير توقيع شريف صبري حيث تعاملت مع أحمد المهدي. عادت لتقف بين فرقة موسيقية بسيطة حيث رافقها أكورديون رحيم مرة جديدة، وقدمت حركاتها المبتكرة بالرقص الشرقي لتودّع مع هذا الإصدار مرحلة من تجربتها.

انسحبت روبي بعد هذا الإصدار من مجال الغناء فلم تعجبها عقود شركات الإنتاج، خاصة أن تلك الفترة شهدت عددًا كبيرًا من المشاكل بين الفنانين والمنتجين بسبب العقود الاحتكارية. لم تحب روبي أن يقع صوتها تحت هذه العجلة، فعادت إلى التمثيل وغاب صوتها ما يقارب الثلاثة عشر عامًا قبل أن تعود مع أغنية "حتة تانية".

+ اقرأ المزيد عن
أحدث المواضيع