برز اسم يوسف العشري مؤخرًا كأحد الأصوات الصاعدة التي نجحت في جذب انتباه شريحة واسعة من الجمهور بمختلف الأعمار. وكان لألبومه الأخير "آخر ما تبقى من أحزاني" دور كبير في تحقيق هذا النجاح، حيث تمكن العشري من الوصول إلى أكثر من قائمة في بيلبورد عربية لأول مرة. دخل بقوة إلى قائمة هوت 100 في المرتبة 19 بأغنيته "اتنسينا" وذلك بعد مرور حوالي أسبوعين على صدورها، واحتلت الأغنية المرتبة الثامنة في قائمة أعلى 50 أغنية مصري هذا الأسبوع. هذا الانتشار ونسب الاستماع العالية عبر مختلف المنصات أهلته للوصول إلى المرتبة 37 في قائمة 100 فنان لهذا الأسبوع. دفعنا هذا النجاح إلى محاولة تتبع المراحل التي مر بها للوصول إلى هذه المكانة.
الهيب هوب هو البداية
وُلِد يوسف العشري ونشأ في مدينة المنصورة، ثم انتقل مع عائلته إلى القاهرة خلال المرحلة الإعدادية. في تلك الفترة، كان اهتمامه الأساسي منصبًا على كرة القدم مثل معظم الشباب في عمره، ولم يكن على دراية بموهبته الموسيقية. جاء اكتشافه لموهبته بالصدفة عندما استمع لإحدى أغنيات أحمد كامل، وأحس برغبة عارمة في تأليف أغنية خاصة به. ومع انطلاقة مشهد الراب المصري الذي قدَّم العديد من الأسماء البارزة مثل ويجز ومروان بابلو وليجيسي وغيرهم، وجد يوسف في موسيقى الهيب هوب وسيلة للتعبير عن مشاعره. سرعان ما بدأت الكلمات تتدفق معبرة عن أحاسيسه، ليصدر أول أغنية له بإسلوب التراب بعنوان "أوعديني" عام 2021، وهي أغنية تحمل مشاعر عميقة يناجي فيها حبيبته ويرجوها أن تبقى بجانبه.
المثابرة والاستمرارية
واصل يوسف تقديم إصداراته الموسيقية، رغم أن الفترات بينها كانت متباعدة نسبيًا، وقد ركزت معظم أعماله على المشاعر الإنسانية كالحب والانفصال والصداقة والغدر، معبرًا عن تجاربه المختلفة التي نقلها من خلال كلماته. قدم تراكات مثل "عايش" و "زيديني عشقا" و"زميلي"، ورغم أن مشاهدات هذه التراكات كانت متواضعة، إلا أن ذلك لم يزد يوسف إلا إصرارًا وإيمانًا بموهبته، فاستمر في العمل على تطوير أسلوبه والسعي للوصول إلى جمهوره بطريقته الخاصة.
موضوع جرئ يجذب انتباه المستمعين
منذ بداياته، كان واضحًا أن يوسف العشري يختار طريقا مختلفًا عن السائد، سواء في الموضوعات التي يتناولها أو في أسلوبه الغنائي، مما منحه هوية خاصة تمزج بين موسيقى الإندي والهيب هوب. وقف يوسف عند هذا الخط الفاصل بين النوعين، باحثًا عن صوته الخاص. جاءت أغنيته "انتي فاكره نفسك إيه" لتكون خطوة جريئة في مسيرته،حيث تناولت رغبته في الحفاظ على علاقته العاطفية بحرية دون التزامات، وذلك بعد عودة حبيبته إليه بعدما كانت قد تركته من أجل شخص آخر. ورغم أنه ما زال يحمل مشاعر تجاهها، إلا أنه لا يرغب في ربط حياته بها بشكل كامل، مفضلًا أن تظل العلاقة خالية من القيود.
صدرت الأغنية في سبتمبر 2023، وكانت من أوائل أعماله التي حققت نجاحًا حقيقيًا، حيث تجاوزت 2 مليون مشاهدة في وقت قصير. هذا النجاح دفعه لتصوير الأغنية كفيديو كليب وقد صدر في مارس/ آذار 2024، الأمر الذي يعكس اهتمامه بهويته البصرية وسعيه لتقديم أعمال متميزة، رغم إمكانياته المحدودة وقتها.
من التراب إلى الأفروبيتس
منذ عام 2023، بدأ يوسف يولي اهتمامًا كبيرًا وتركيزًا على الموسيقى، التي أصبحت جزءً أساسيًا من حياته، محاولًا من خلالها سرد فصول قصة حب سامة مليئة بالألم والجراح، وسعيه للتعافي من تلك العلاقة. تجلى ذلك بوضوح في تراك "موف أون"، الذي قدمه بأسلوب الأفرو بيت وصدر منذ حوالي ثلاثة أشهر، مما كشف عن تنوعه وقدرته على تقديم ألوان موسيقية مختلفة واستعداده للتجريب والتطوير في مسيرته الفنية.
الصعود إلى الترند
قبل عدة أسابيع، أطلق يوسف ألبومه الأول بعنوان "آخر ما تبقى من أحزاني"، والذي تضمن 7 أغنيات ركز فيها بشكل خاص على أغنية "اتنسينا" التي قام بتصوير فيديو كليب لها. شكلت هذه الأغنية تحولًا كبيرًا في مساره، حيث أداها بأسلوب جديد تمامًا عن الذي عُرف به، وكأنه وجد صوته الذي ينوي الاستمرار به. تناولت الأغنية مشاعر الفراق والألم الناتج عن فقدان أشخاص كانوا مهمين في حياته، وعبرت كلماتها عن الصدمة والخيبة وكيف يمكن للوقت أن يغير العلاقات ويدفعنا للتأقلم مع غياب الأحباب.
كشف الفيديو عن قدراته التمثيلية، حيث كانت مشاعره الحقيقية تنعكس بوضوح، مما جعل تجسيدها يبدو طبيعيًا وسهلًا. وبفضل إحساسه العميق بكل كلمة كتبها، لاقت الأغنية إعجاب المستمعين عبر منصات الاستماع ووسائل التواصل الاجتماعي، حتى أصبحت تتداول بكثرة على تطبيق التيك توك، حيث تم استخدامها في أكثر من 140 ألف فيديو. عبرت الأغنية بصدق عن مشاعر مر بها الكثير من المستمعين، وجاءت الوتريات في مقدمتها وكأنها تعزف على جراح المعذبين، مما ساهم في انتشارها كترند في العديد من البلدان العربية.