عندما ظهر جنجون منذ سنوات، صاحبه احتفاء كبير تزامن بالأخص مع تعاوناته الأولى مع راتشوبر الذي دفعه نحو مساحة جديدة بعيدة عن الشكل التقليدي للتراب، متجهًا أكثر نحو صوت بوب مختلف مطعّمٍ بتأثيرات عديدة أهمها الروك. يحافظ جنجون في إصداره الجديد سنين صعاب على نفس التوجه الذي بدأه منذ أربع سنوات، مستمرًا في أسلوبه الذي يتداخل فيه الغناء والراب.
تبدأ الأغنية بمقدمة وترية توحي بمزاجٍ هادئ، قبل أن تباغتنا إيقاعات ثقيلة تتخللها جمل كمنجات تظهر كجسور لحنية بين مقاطع الغناء. يوزّع جنجون إلقاء لازمته الرئيسية بين الغناء والراب، مسبغاً غنائه بشحنة عاطفية تناسب المزاج السوداوي الذي سيطر على الأغنية. رافقت النبرة الميلانكولية إصدارات جنجون الأخيرة على مستوى النصوص وحتى العناوين مثل "ما نتفارقو" و"مشاو" و"ما تبكي يا عين" و"سكارى" وآخرها "سنين صعاب".
يستمر جنجون في "سنين صعاب" في الحفاظ على لهجته المحلّية من الشمال الغربي التي يستثمرها بشكل جذاب ضمن أدواته الجمالية والأسلوبية، ويعتمد على مقاطع تقترب من أسلوب الشعر الحكمي المسمّى محلّات الشاهد في الشعر الشعبي التونسي الذي يرتكز على الحكم والمواعظ: "ياللي غرّك لون الورد / استحمل دقّ الشوك".
يحافظ جنجون على ثيماته الأسلوبية الخاصة في "سنين صعاب"، ويستمر ضمن مكانته بين أهم الأصوات في الساحة التي تساهم في التشبيك بين مشاهد مختلفة واستقطاب شرائح واسعة من السمّيعة إلى الراب عبر مداخل متنوعة، أهمها المواضيع العاطفية التي يطرحها في أغانيه والتي تلقى رواجًا كبيرًا لدى الجمهور بالإضافة إلى التنوع اللحني والإيقاعي الذي يميّز اختياراته في الإنتاج والتلحين.
ورغم مرور أشهر على آخر إصدارات جنجون مثل "من القلب" و"أراضينا" التي أصدرها تضامنًا مع أهالي غزة، إلا أنه نجح في الدخول إلى قوائم بيلبورد عربية في الأسابيع الماضية، ليحجز مرتبة على قائمة الـ 100 فنان الأكثر استماعًا على مختلف منصات البث لأسبوعين على التوالي.