المراجعة الكلاسيكية: ألبوم "سيدي منصور" لـ الشيخة ريميتي

أطلقت الشيخة ريميتي ألبوم "سيدي منصور" بالتعاون مع موسيقيين عالميين مثل روبرت فريب، ودمجت تأثيرات الراي والروك ما ألهم جيلًا من فناني الراي بعدها
الشيخة ريميتي
الشيخة ريميتي
Change Font Size 20

لمع نجم الشيخة ريميتي في الخمسينيات بعد أن أطلقت ثاني اسطواناتها "شرك قطع"، وصارت من أولى الأصوات النسائية المؤسِّسة في الموجة الأولى من الراي. غنت ريميتي وحفرت اسمها في تاريخ الأغنية الجزائرية، كما عُرفت بكتابتها الحرّة والقوية عبر ثيمات مستلهمة من حياتها الشخصية القاسية، كما غنت للفقراء والمهاجرين والنساء.

انتقلت إلى فرنسا في فترة الثمانينيات بعدما مُنعت من الغناء في بلادها، وهناك تابعت مسيرتها وجابت العالم حاملةً صوتها وإرثها الفني الضخم والعريق. قدّمت بعدها أكثر من ألبوم في تعاونات شقيّة خارج حدود الراي، دمجت التأثيرات العصرية مع الأدوات التقليدية.

شكلت فترة التسعينيات محطة مهمة في حياة ريميتي، حيث أطلقت عام 1994 ألبومها "سيدي منصور" الذي حمل تأثيرات منوّعة من الروك والجاز. اهتمت ريميتي في هذا الألبوم بإدخال عازفين من خارج منطقتها، وتعاونت مع أسماء عالمية مثل الموسيقي روبرت فريب من فرقة كينج كريمسون، بالإضافة إلى عازف البايس فلي من فرقة ريد هوت تشيلي بيبرز. جاء الألبوم من إنتاج هواري طالبي، ويعتبر واحدًا من أبرز اندماجات الروك مع الراي، بعد ما قدمته فرقة راينا راي في فترة الثمانينيات.

في واحدة من مقابلاتها عام 2001، تقول إنها تمنت لو قابلت العازفين لكنها سجلت صوتها في فرنسا، بينما سجلت الموسيقى في لوس أنجلوس بأميركا، وقد حمل الألبوم ثماني مقطوعات. يعتبر هذا الألبوم من أكثر الأعمال غير المتوقعة في مسيرة روبرت فريب، حيث افتتح تراك "سيدي منصور" بعزفه على الجيتار الكهربائي، قبل أن يباغتنا صوت الإيقاع الشعبي البدوي وغناء ريميتي "أنا جيت نزور أعطيني النور".

في أغنية "نغني كيما نبغي" تقول ريميتي: "تعلمت القصبة من وأنا صغيرة". لم تتعلم ريميتي القراءة والكتابة لكنها كانت واحدة من أقوى كاتبات الأغاني في عصرها، كما تعلمت الموسيقى سمعيًا وأدخلت آلات الموسيقى البدوية الجزائرية مثل القصبة في عمق إصداراتها. يظهر في هذا التراك صوت البايس من عزف فلي، بالإضافة إلى حضور الساكسوفون، ما خلق حالة مثيرة اقتربت من الأسلوب التجريبي في بدايات الراي.

دائمًا ما تحكي ريميتي عن أصول تشكيل الراي وكيف صار صوت التمرد بالنسبة إليها وإلى باقي الشيخات والشيوخ، فتعود في "ها راي ها راي" إلى الاحتفال بهذه الجنرا الموسيقية. أظهر هذا التراك الروح الابتكارية لكل من الشيخة ريميتي وفريب. أطلقت صرخات "الداني الدان" من الأسلوب الطربي البدوي المنتشر في جنوب الجزائر، وهو ما ميّز غناءها الريفي المختلف عن اللهجة المنتشرة في باقي مدن الجزائر، بينما وضع فريب لمسته السايكاداليكية على طبقة الموسيقى في الخلفية.

سجلت ريميتي هذا الألبوم وهي في العقد السابع من عمرها، حيث ظهر النضج الخام على صوتها في أغنية "راه جاي" و"ماهيني". حافظت على صوتها الذي كلما عتق زادت حلاوته، حتى أنها لم تبرح مسارح الغناء في آخر أيام حياتها. أبقت على زيّها الريفي الجزائري الملوّن، وتزيّنت بالمجوهرات الكبيرة بالإضافة إلى حذائها الذهبي، كما لوّنت كفَّيها بالحناء في كل إطلالة لها.

عكست كلمات ريميتي في هذا الألبوم الأنوثة والحب والتمرد وامتدت أصالتها من الثقافة البدوية الخالصة، وقد تمّت دعوتها بعد إطلاقه إلى تقديم عدد كبير من الحفلات في أكثر من عشرين مدينة أوروبية. ألهم أسلوبها الجريء في كتابة الأغاني والأداء العديد من الفنانين في جنرا الراي وخارج هذا النوع، كما ابتكر هذا الألبوم شكلًا جديدًا ظهر تأثيره حتى اليوم على مغني الراي في فرنسا والجزائر.

+ اقرأ المزيد عن
أحدث المواضيع