جنرا الأسبوع: إيقاعات الدريل وصدى الشوارع في موسيقى المنطقة

انتقلت موسيقى الدريل من شوارع شيكاغو إلى المنطقة حيث تبنّى الفنانون المحليون هذه الجنرا وأضافوا إليها لمساتهم الفريدة التي عكست واقع الحياة اليومية في المنطقة
No Image
Change Font Size 20

برزت موسيقى الدريل، وهي جنرا فرعية من موسيقى الهيب هوب تتميز بكلماتها الخام والجريئة وإيقاعاتها الثقيلة وألحانها السوداوية، كقوة شديدة في المشهد الموسيقي العالمي. نشأت موسيقى الدريل في شوارع الجانب الجنوبي من شيكاغو في أوائل عام 2010، وكانت بمثابة خلفية صوتية تنقل الحقائق القاسية للحياة في أحياء تعاني من الفقر والعنف ونشاط العصابات. ومع ذلك تجاوز تأثيرها الحدود بسرعة، ووجد صدى في مدن عبر الولايات المتحدة وترك بصمته في نهاية المطاف على بريطانيا وأوروبا قبل أن ينتقل إلى المنطقة العربية.

تميزت موسيقى الدريل بأسلوب عدواني وشعر غنائي صريح، التقت مع جنرا التراب بالاعتماد على إيقاع 808 لكنها تميّزت عنها بعيّنات صوتية ممطوطة ورصّة درامز قاسية وعنيفة مع خط بايس قوي، بينما جاء لحن الميلودي سوداويًا أكثر. هذا وغالبًا ما يكون الديلفري عدوانيًا ومواجهًا، حيث يتبنى الرابرز أسلوبًا أكثر وضوحًا وغير مفلتر في سرد القصص.

في السنوات الأخيرة، انتقل المنتجون والرابرز في المنطقة إلى الاستعانة بأسلوب الدريل، وقدّموا إصدارات اندمجت مع الأساليب المحلية لكن مع الإبقاء على روح الدريل. جمعنا في هذه القائمة أبرز الإصدارات التي صقلت صوت الدريل العربي.

شب جديد والناظر - "متكتك"

يمكننا اعتبار ألبوم "سندباد" لشب جديد والناظر الصادر عام 2019 من الأمثلة القوية على تطور صوت الدريل في منطقة الشام. أسّس الناظر هذا الصوت في تراك "متكتك" عبر تأثيرات الدريل والتي حملت بصمة الناظر بصوت سنث تشاؤمي، رافق أداء شب جديد المليء بالمواجهات الصريحة ونقل أسلوب حياته الفجة والصعبة في أحياء الضفة بفلسطين "من قنابل الصوت بالتخت بتقلب". كذلك قدم الثنائي بالاشتراك مع ضبور تراك الدريل "إن أن" الذي حقق أكبر نسب استماع في تاريخ تسجيلات بلاتنم. أما مع صدور ألبوم شب جديد والناظر الجديد "سلطان" أعلن الناظر أنه لم يعد يرغب بسماع أو إنتاج الدريل، لانتشاره الكبير في السنوات الأخيرة وتحوله إلى ترند على حسب تعبيره، الأمر الذي يرغب كمنتج بالابتعاد عنه كليًا وتلافيه وتقديم صوت أكثر تجريبية، ليعلن بذلك أن بصمة الثنائي في الدريل أصبحت فعلًا ماضيًا وانتهى.

زياد ظاظا - "باشا"

بدأ زياد ظاظا مشواره الفني بغناء المهرجانات، انتقل بعدها إلى مشهد التراب بمساندة أسلوبه الفج والصريح بكتابة بارات. وجد صوت ظاظا طريقه إلى الدريل بسهولة، ساعدته في ذلك بحّة صوته وأداؤه القاسي. قدّم في تراك "باشا" كلمات مستقاة من الحياة اليومية في مصر "ربك كرمني بعد ما كنت معدوم"، لاءم أسلوبه في التبجح إيقاع الدريل المتقن، وأضاف المنتج إسماعيل نصرت عيّنات إلكترونية مضخمة أثقلت البيت.

حسين وفلكس - "شياطين"

انتقل المشهد المصري سنة 2021 من التراب إلى الدريل مع أسماء جديدة مثل فليكس وحسين ووينجي، وأسّسوا سوية معادي تاون مافيا، ما اقترب من مشهد الدريل في شيكاغو الذي ارتبط بحياة العصابات وحمل تسميات مرتبطة بأسماء المناطق والأحياء. ما ميّز أسلوب فليكس هو انتقاء تعابير شعبية من روح حياة الشارع ما جعل للدريل بصمة مصرية، رافقه حسين بالتراك والذي اشتهر أيضًا بإصدار تراكات دريل مثل "7/6". كما ساهم الأسلوب البصري للفيديو كليب مع خالد ابراهيم بتقديم صورة بصرية مميزة، من الأزياء مثل الفانيلا البيضاء إلى السلوك العدائي ومواجهة الكاميرا بالبارات.

سمارا - "ماربيلا"

حملت مسيرة سمارا الكثير من التجريب وانتقل بين جنرات الهيب هوب المنوّعة، لكن صوته اندمج مع إيقاعات الدريل بطريقة جذابة خاصة في تراك "ماربيلا". أضاف المنتجان AbSynapse وPHNX عيّنات بيانو مشوّهة، ما أعطاها طابعًا دراميًا مناسبًا لطبقة الحزن الأوتوتيوني في صوت سمارا. حمل الكليب تأثيرات الدريل البريطاني في مشاهد لسمارا وهو محاط بالشباب، بالإضافة إلى التركيز على الثيمة العصاباتية عبر الملابس والسيارات.

لمهلوس - "مبابيه"

دائمًا ما استطاع لمهلوس تطويع أي جنرا عالمية مع التأثيرات المحلية في صوته وأسلوبه، وهذا ما فعله بالضبط في تراك "مبابيه". تميّز أسلوب لمهلوس بالدليفري المتقن معتمدًا على قوافٍ غير متوقعة متنقلًا بين الدارجة والإنجليزية، وانتقل في الكورس إلى رصّ بارات بطريقة غنائية جذابة، ما أضاف طبقة أصالة مغاربية على الأسلوب الأساسي للدريل. صاغ البيت شوتايم وأضاف عيّنة سنث مشوّهة ناسبت كلمات لمهلوس الغارقة بثيمات التبجح بالقوة والتشبُّه بلاعب كرة القدم الفرنسي مبابيه.

فريك وتوو دوب - "صح ولا لا"

يعدنا تراك "صح ولا لا" من الثواني الأولى بالدخول إلى عالم الدريل، حيث افتتحها المنتج جانغو بالعيّنات الممطوطة، قبل أن يباغتنا صوت فريك الذي تلاعب بصوتيات الأحرف ليشكّل فلو ثقيلًا وجافًا. تبعه توو دوب بأسلوبه المعروف بالإنجليزية محاطًا بآدليبس "غانغ غانغ". أخرج الفيديو كليب واحد من المخرجين البارزين في عالم الهيب هوب بالمنطقة هو عمر ترتوب، وقد ظهر فريك وتوو دوب محاطَين بشباب ملثمين ليقترب من فيديو كليبات الدريل العالمية.

دوليبران - "دريل هود"

قدّم دوليبران في "دريل هود" تراك دريل خالصًا، حافظ على المواضيع الأساسية لحياة الشارع ودمجها مع عالمه الخاص وحياته في المغرب. تعاون في الإنتاج مع سيفماني الذي قدّم بيت مليئًا بالهاي هاتس وأصوات السنث المتوازنة في الخلفية. أضاف الفيديو كليب خطًا أساسيًا في هذا المشروع المتكامل، خاصة شكل الأزياء وحركة المشاهد السريعة.

عكست موسيقى الدريل في المنطقة التقاء الإبداع المحلي مع التأثيرات العالمية، حيث نجح الفنانون في تحويل تجارب حياتهم إلى إصدارات موسيقية تعبّر عن واقعية الحياة اليومية. من خلال هذه الأعمال، برز الدريل كوسيلة تعبير قوية ومرنة، تدمج بين الأصالة الثقافية والطابع العدواني الذي ميّز هذا الجنرا. مع استمرار تطور الدريل في المنطقة، يبقى المستقبل مليئًا بالإمكانات لإنتاج موسيقى تعكس التجارب والقصص الفريدة لهذه المنطقة.

+ اقرأ المزيد عن
أحدث المواضيع