طب سبعة جد: بصمة فليكس مع معادي تاون مافيا

نستعرض في هذا المقال سبع تعاونات بين فليكس وشركة معادي تاون مافيا من أغاني منفردة وتعاونات، لنضع يدنا على البصمة التي حققاها سويًا في المشهد
فليكس
فليكس
Change Font Size 20

إن تقمّص الفنان بيرسونا معينة، فأحد أفضل الخيارات أمامه أن يتقمّصها حتى النهاية دون رجوع. ولعل أحد أبرز الأمثلة على ذلك من المشهد المحلي هو الرابر فليكس، إذ لا ننسى موجة التنمر التي تلقاها هو ورابرز شركة المعادي تاون مافيا بسبب تكنيكه اللغوي أو الصورة البصرية التي تقدمها فيديو كليباته، لكنها سرعان ما قوبلت بموجة ضخمة أحدثوها في وقت قصير، فقط لأنهم قدموا حالة اقتنعوا بها تمام الاقتناع دون مواربة، في أمزجة لغوية تستحق الاهتمام.

يستمر الجدل دومًا حول من أدخل الدريل إلى الهيب هوب سين في مصر. إذ شاهدنا بالطبع هذه الشخصية العنيفة في الأداء مسبقًا لدى موجة الأولد سكول من نهاية التسعينيات وحتى العشرية الأولى من الألفينات، ولا يزال كردي يقدمها تحت تصنيف الجانجستر راب. إلا أن الخلطة الخاصة بفليكس، والتي برزت في تعاوناته مع حسين ووينجي من إنتاجات معادي تاون مافيا كانت مختلفة، ويمكن اعتبارها أحد الألوان التي حملت مشهد الدريل في الهيب هوب المصري مع أسماء أخرى مثل زياد ظاظا وغيره.

في فريستايل "Fubba U Cubba Cubba"، كنوع من الإمعان في الاستعراض اللغوي، يبدأ إمينيم في خلق كلمات جديدة من خارج القاموس، عبر تبديل مواضع الحروف والكلمات في البارات. وفي فيرس شهير، قام باختراع لغة كاملة جديدة لكنها مضبوطة القوافي، وهي خليط بين طريقة ساخرة فيها من المبالغة الفنية، ولغة شعبية خاصة لها كودها الخاص وتعريفاتها. وفي تراك "لوجان" يستعمل فليكس الأسلوب نفسه في بارات مثل: "شنبات ششن اتشافت خيش وقش" أو بار "خربانة مجنوليا" في تراك "ستوب" مع حسين. وقد يسترسل في تلك اللعبة اللغوية ليعيد تدوير الكلمات: "شنبات ششن منايا أشوفلها".

تحضر أيضًا التركيبات التي تستعير من الأسلوب المباشر للأمثال بحزمها وتقريرها، مثل: "حِلك من جو أبو السلكان/ الجدع خاب وأبو عشم مات" في تعاونه مع وينجي "جاية معاكوا ازاي"، أو "فوقلها عشان انت قِدمت/ ومهما تجدد أخوك عمها" في تراك "مسمعين".

ويمكن اعتبار أبرز أسباب الاستعانة باللهجة الشعبية وقاموسها هو لتوظيف الكلمات التي تعطي وقعًا عنيفًا أو قويًا؛ بتأثير بصري أو حسّي صادم يلمس المستمع. يقول في "مسمعين" مع حسين: "هنخلص المجال من الشغث"، ويقصد بالشغث الخضار التي توضع تحت المشويات لامتصاص الدهون، أو "أشقيا واللعبة جاضة منا" في تراك "خمسة جد" مع وينجي، وهو تعبير عن شدة الانزعاج. تظهر كذلك ألفاظ ذات وقع أقوى من مصادر مختلفة في بارات مثل "الولا بنطح ولا حاجة بتبكيني" في "خمسة جد"، أو "من وجع الدنيا بقينا حلاليف" من تراك حسين بمشاركة فليكس "ستوب"، أو "مش بتوع شو بس الأباضاي منكم يجيب ورا" في تراك "شياطين" مع حسين.

ساهم الإيقاع الموسيقي التي تخلقه الكثير من بارات فليكس أو حسين أو وينجي في خلق بيرسونا لغوية غنية، حيث يلعب الثلاثي على وجود تتابع طويل من البارات التي تحتوي على كلمة معينة مكررة. نجد في تعاون وينجي مع فليكس في "جاية معاكوا ازاي" بار: "انا جاي معاكوا اصول/ جاي معاكوا في نوش/ جاي معاكوا في الحالتين/ انتوا جاي معاكوا ازاي؟/ جاي معاكوا في إيه؟"، ويتكرر التتابع: "نتشاف غلط تشوفوا الغلط وغلط على اغلط لا مش غلط"، بوزن طويل لبار واحد يمتد مع النَّفَس الغنائي. بالإضافة إلى الحرص الشديد على الحفاظ على التتابع للوزن نفسه في البار الواحد وعدد الكلمات.

يحرص حسين وفليكس على الحفاظ على هذه الأسلوبية الخاصة حتى في تعاوناتهما الضخمة. في ألبوم حسين الأخير "سويتش"، والذي ضمّ تراك "العاصمة" بالاشتراك من أحمد سانتا وأبيوسف وأبو الأنوار وفليكس، يدخل حسين ببار: "بتحدث بلغات وافرنجب وبعوجها ومخترتش نفسي"، والتي يتبعها بارات من النوع نفسه لحسين وفليكس.

أما من الناحية البصرية، فينتمي الشيكاجو دريل وما تبعه من الدريل البريطاني وغيره إلى تجمعات سكنية أو جغرافية ذات خصوصية، فتغني كل مجموعة دريل عن نفسها ومنطقتها، معبّرة عما يدور في عالمها من مشاكل أو أزمات هوية. يدرك أفراد معادي تاون مافيا والمخرج خالد ابراهيم، الذي أخرج كل فيديو كليبات الثلاثي سويًا، أن النشاطات الخاصة بالعوالم التحتية للمناطق الشعبية المحيطة بحي المعادي، الذي يعدّ من أرقى مناطق القاهرة، تأتي بشكل فردي دون وجود تجمعات حقيقية. بناءً على ذلك، هو يلعب على الجانب الفردي البصري الذي يبرز كل رابر على حدة.

تحضر الجموع غالبًا في الثلث الأخير من الفيديو كليب، بشكل استعراضي ينوّع بين استعمال الدراجات النارية والسيارات الفارهة. ونجد ضمن الإكسسوار استعارات مثل مضرب البيسبول أو الجاكيتات الواسعة المنفوخة التي تعطي إحساسًا بصريًا بالانتماء إلى شريحة واسعة من الطبقات الوسطى من جيل زِد، خاصة في مصر. حتى الإضاءة تحمل بدرجاتها دلالات وعلامات، ففي "مسمعين" لفليكس وحسين يحضر الأخضر المختلط بالأسود، ثم يعود بشكل مفاجئ لإضاءة الشارع الطبيعية التي تعطي إحساسًا بالانفراجة، أو توظيف الأصفر المائل للون الذهبي للتعبير عن الرفاهية.

+ اقرأ المزيد عن
أحدث المواضيع