مراجعة ألبوم "فالهالا" لـ بلاكبي ورهمان ودلالات عنوانه الغامض

مراجعة ألبوم "فالهالا" لبلاكبي ورهمان، الذي صدر على جزئين وتضمّن 35 أغنية، وشهد تعاونات من مشاهد موسيقية مختلفة
بلاكبي
بلاكبي
Change Font Size 20

يفتتح بلاكبي ألبومه الجديد المشترك مع رهمان عبر مشهد درامي مهيب، يقف في بقعة الضوء على مسرح خالٍ، وتُحاصره عشرات الميكروفونات، ليُلقي خطابًا تشريفيًا، يختصر به رحلته في مشهد الراب السعودي التي امتدت لعشرة أعوام، ويتحدث عن نفسه كمُقاتل خاض العديد من المعارك، مع تعداد أسماء ألبوماته السابقة وصولًا إلى ألبومه السابع "فالهالا"؛ التي يُشترط على من يدخلها أن يستشهد، ليُعلن موت بندر (اسمه الحقيقي)، ومواصلة بلاكبي للرحلة في عالم "فالهالا".

تعني كلمة فالهالا قاعة الشهداء في اللغة النوردية القديمة، ولها دلالات مُرتبطة بأساطير الميثيولوجية الاسكندنافية، حيث تُشير إلى قاعة ضخمة مهيبة موجودة في العالم الآخر، يذهب إليها من مات في المعارك ويعيشون فيها بسعادة بضيافة الإله أودين. والمقاتلون في فالهالا يُبعثون للحياة في كل ليلة ليحتفلون.

في ألبوم "فالهالا"، يبدو كل تراك احتفالًا جديدًا بعد البعث للحياة من جديد. يسرد بلاكبي في كل واحد منها حكاية من حكاياته كمُقاتل وصل لمرتبة الأساطير، وتُرافقه الموسيقى التي أنتجها رهمان لتُلائم الأجواء الأسطورية؛ في بعض التراكات يميل للاعتماد على الأصوات المحيطية لرسم أجواء مُهيبة ووقورة، تُلائم بوح الشهيد براب بطيء، وفي تراكات أخرى يعتمد على بيتات تكنو شديدة الإثارة، تُلائم أجواء الاحتفالات الليلية. في كليب الأغنية الافتتاحية، "الرحلة السابعة"، تم تقديم هذه التقلبات بين العوالم برؤية بصرية مُذهلة، من إخراج مشاري، ليعرض الموت والاحتفال بالشخصية الأيقونية لبلاكبي في ومضات بصرية تتبع الإيقاع، وتُصاحب الكلمات الاحتفالية. يحتفي بلاكبي في هذه الكلمات بإنجازاته مع استذكار الكلمات القاسية والشخصيات السلبية التي مرت بالرحلة: "يوم ما قالوا ذا جنون/ محد واثق فينا كان/ يوم ما قالوا إني منفوخ/ ابن الـ**ة تحوّل فان/ جبنا السابع زي ما قلناها/ وصلت لمنصب أنا فيه أتباها/ وتجاوزنا كل الضغط/ كل الخطة مشت غصب/ أهلًا فيكم داخل فالهالا".

ولكن ما هي المعارك التي خاضها بلاكبي والتي استشهد في سبيلها ليتأهل للدخول إلى فالهالا؟ عبر تراكات الألبوم يُشير بلاكبي إلى العديد من المعارك والخصوم، أكثرها تكرارًا هو المعركة ضد بلاكبي نفسه، والتي تبدو المعركة الأقسى بين معاركه جيمعًا. يرد في تراك "مين اللي غروك": "عدوك جوا مرايتك/ تعوض اللي فاتك شكل الجثث في طفايتك"، ويرد في تراك "هاجس": "واللي في المرايا عاكس/ شفته احسه بادي يموت/ صرت أسمعه جوا الهاجس/ كيف أسوي لصوته ميوت". وحتى بعض المعارك الأخرى التي يذكر بها بلاكبي خصوم آخرين، فإن خصومه يتجلون بأصوات داخلية يشك بأن يكون هو من ابتدعها، كما هو الحال في تراك "ويفي": "لحالي ضد الشياطين/ أنا مين؟ أنا القصة هنا وأنا الكاتب".

التعاون بين بلاكبي ورهمان بدأ عام 2016 بتراك "ديابلو"، وبدا التناغم واضحًا بين الثنائي ليستمر التعاون بينهما بالألبومات التالية ويُصبح رهمان توأم مشروع بلاكبي الفني. وفي ألبوم "فالهالا" يُمكن أن نُمايز بين أساليب متنوعة اتبعها رهمان في الإنتاج الموسيقي. في بعض التراكات يميل إلى التراب، مع التركيز على الترددات المنخفضة والبايس، واستخدام الأصوات المحيطية هادئة وعميقة والاعتماد على عينات ممطوطة ومطولة؛ لترسم الموسيقى أجواء مهيبة تُلائم البوح العميق، الذي يأتي كصوت باطني مع الإكثار من استخدام تقنية الأوتوتيون. بينما يُقدم رهمان صوت الدريل في بعض التراكات، ليعتمد على إيقاع الهاي هاتس والأصوات الناعمة في خلق أجواء مُغايرة، يعكس فيها الرغبة بالخروج من العالم الذي ابتكره في الألبوم. نسمع ذلك في تراك "سوبر ستار"، الذي يشهد تحولًا في الأسلوب، بعد سماع صوت بلاكبي من العمق بين الأصوات المحيطية والأصداء، وهو يعلن رغبته بالخروج من القوقعة، قبل أن يتحول الستايل الموسيقي تمامًا.

شهد ألبوم بلاكبي ورهمان الجديد أيضًا تعاونات مع فنانين من مشاهد موسيقية مختلفة، ليُشاركوه احتفالات "فالهالا"، منهم الرابر حليم تاج السر الذي تعاون معه في تراك "مين اللي غروك" والرابر السوداني تقيل الذي تعاون معه في تراك "ويفي". كما تعاون مع الرابرز ليل إيزي ودكتور سليم في تراك "مستاهلة" والرابر "الفايف" في تراك "مش فارق" والرابر فيتو في تراك "أهلا" والمزيد.

من الجدير بالذكر أن ألبوم "فالهالا" يتكون من 35 أغنية، تتوزعان على جزأين، وقد صدر الجزء الآول منه في اليوم الأول من شهر مايو/ أيار 2024، وتضُمن 17 أغنية. وفي 14 مايو/ أيار استكمل بلاكبي ورهمان الجزء الثاني من ألبومهما، ليستكملا سريعًا رحلة "فالهالا" الموسيقية المُثيرة.

+ اقرأ المزيد عن
أحدث المواضيع