بعد ألبومه " آخر قطعة فنية" الذي قدم فيه العديد من الألعاب اللغوية والموسيقية المميزة على مستوى الإنتاج الموسيقي، ودخلت تراكات عديدة منه قائمة بيلبورد عربية هوت 100 لأسابيع طويلة متواصلة مثل "المبدأ" و"مطفتش"، قرر مروان بابلو أن يعود بمشروع آخر مختلف تمامًا سواء في شكله أو عناصره، فـ "PRJKTBLUBEAM" أو "مشروع الشعاع الأزرق" كما أسماه الجمهور للسهولة، افتتح مساحة لعوالم جديدة من التجريب، فظهر لنا بابلو لأول مرة مع سردية كاملة ذاتية يمكن البناء عليها في مشاريع مشابهة. ولأن الألبوم من أربع تراكات، فقد قررنا أن نستعرض أربع ملامح مميزة شكلت هوية "PRJKTBLUBEAM".
التسميات والأكواد
الإيحاء بالصعوبة بالقراءة التي تعطيه أسماء الألبوم "PRJKTBLUBEAM"، و"DÉJÀ VU"، و"RHLFR" و"BNNIT" و"BBLSH"، يشعرنا وكأن كل منها كود لا يراد له التصريح عن الكلمة بشكل مباشر، وإن كانت تعني ببساطة "ديجافو"، و"روح الفريق"، و"بون نوي"، و"ببلاش".
شكّلت التسميات حالة من الغموض تتناسب مع الصورة الهولوجرامية المشوشة لبابلو على غلاف الألبوم، فأسلوب كتابة الأسماء هنا هو تفصيل صغير يتكامل مع رؤية الألبوم كمشروع خيال علمي بكل تفاصيله الصوتية والبصرية. حفّز بابلو عبر هذه التفصيلة، بقصد أو دون قصد، خيال بعض المتابعين التي رغبوا بربط الألبوم بنظريات أكبر، مما جعلها خطوة جريئة فتحت الباب أمام تحليلات مختلفة.
يفرض أيضًا بابلو على نفسه تحديًا جديدًا حتى ولو كان بالإيهام لصعوبة كتابة أو استذكار تلك العناوين، وهو ما يجعل الوصول للتراكات أصعب على منصات الإستماع والعرض، ذلك يضع حالة من التحدي أو الإيهام بالتحدي فيما يتعلق بأرقام ونسب الإستماع الخاصة به.
السردية البصرية المحكمة
ما زال الجمهور يتذكر فيديو كليب "الجميزة" حين ظهر بابلو بقميص أصفر وبني وهو يؤدي التراك في مؤخرة سيارة ربع نقل. بدا كليب "DÉJÀ VU"، من إخراج أبانوب رمسيس، كجزء يتتبع مصير بابلو "الجميزة" في بُعد وزمن آخر. مع حركة كاميرا مشابهة لدخلة "الجميزة" يبدأ فيديو "DÉJÀ VU"، من مساحة خالية ليرصد بابلو من كادر بعيد في مؤخرة سيارته التسلا والتي تنطلق في مسارها في مساحات الصحراء الشاسعة وهو على متنها.
لكن الأمر لم يقتصر على مشاهد السيارة، وقد بدا بابلو لاحقًا واقفًا على سطح طبق فضائي، ليبدو كامتداد يدعم الغرائبية التي تلقى بها الجمهور البيرسونا عند صدور الكليب الأول، بأنه من الأصل فضائي نزل على الأرض لتقديم موسيقاه .
يتطابق أيضًا في الكليبين ميزان الحركة المستعمل في التعبير الأدائي بدقة ملحوظة، وكأن حركة بابلو الراقصة الأدائية لم تتغير، حتى فيما يتعلق بحركة الرأس أو الإبتسام، مع استعراض لطقم الأسنان الفضي في "DÉJÀ VU" كدلالة على الترقي والصعود.
"البضاعة دي من لوشا"
يخصّ بابلو المنتج الموسيقي لوشا بالذكر ببار في تراك "DÉJÀ VU"، وقد حمل الإنتاج الألبوم إلى مساحة مختلفة تمامًا من التجريب الموسيقي، من التكنو وبعض اللمحات من الكلوب، انتقالًا إلى التراب الصافي تمامًا، والذي لا يختلط بأي مؤثرات شرقية، أو الإيقاع المعتاد للسنير. ورغم أنه قد اعتاد إنتاج ألبوماته أو أجزاء منها بنفسه لكنه يترك في هذا المشروع مساحة للوشا بشكل كامل، مقدمًا إياه لمشهد الهيب هوب ضمن مساحة أوسع، وقد تعاون معه من قبل بتراك "الأربع"، متخذًا من القالب الإلكتروني الذي يقدمه جسرًا موسيقيًا نحو بيرسونا بابلو المقتربة من ثيمة الميتا فيرس أو العالم البديل. يحضر الأوتوتيون بشكل واضح في كل تراكات الألبوم، بتشويش مركز يصاحبه في أغلب مقاطع التراكات، كما يستعين بابلو بتقنية الآد ليبس والتي تعطي إحساسًا مختلفًا بالاستقبال.
بارات يسهل أن تتحول لسلانجات
رغم أن الألبوم لا يختلف كثيرًا على المستوى اللغوي عن مشاريع بابلو السابقة ولكن توجد العديد من البارات المرشحة بقوة لتصبح سلانجات، إذ يسهل تخيل تداولها بالشارع سريعًا بعد صدور الألبوم. يمكن أن نبدأها بإستعارته للمثل الشعبي "اللي اختشوا ماتوا" ويتبعه "أنا مش معاهم"، أو "أهلًا بيكوا في التشامبيونز ده الكلاسيكو"، أو "خلاص هدوس حاسس إني جودزيلا"، أو "تحبوا الفانك… بتحبوا الفخر" من تراك "روح الفريق"، أو "أدغال شفت تعابين" من تراك "ببلاش".
كما يربط أيضًا بتلميح ذكي لغوي بين تراكي "الجميزة" و"ديجافو"، حيث يأتي بار "أنا أروح " من "الجميزة"، وبار "هنروح فين" من "ديجافو"، تاركًا لعبة ممتعة لنيردات الهيب هوب.
مشروع يضاف لسجل بابلو في صناعة موسيقى الهيب هوب العربية، ويفسر لماذا مروان بابلو هو صاحب الشعبية الأكبر بين أقرانه في السين المصري، بدءًا من استدراك أبيوسف وهو يغني تراك "باشا اعتمد" مع أبو الأنوار بأحد حفلاته الحية في 2019 بعد بار "جبت أرقامنا/ بتحور اكيد" ليقول "ما عدا بابلو"، أو حتى مؤخرًا عفروتو الذي استخدم تراك "ديجافو" منذ أيام في منشور له على صفحته الرسمية على الإنستجرام منذ أيام بشكل كاجوال كأنه مستمع أو معجب لبابلو.