بعد عامٍ من إطلاقها هيت ما خلاو ما قالو، عادت نجمة البوب الأيقونية منال بنشليخة لتعلن عن اقتراب صدور ثاني ألبوماتها قلب عربي مجروح، عبر فيديو كليب خاطف لتراك المقدمة من توقيع المخرج فريد مالكي، يعمل تراك المقدمة على تشييد العالم الصوتي والبصري لهذا الألبوم السردي المفاهيمي الذي تستهل به منال حقبة جديدة في مسيرتها المتفجرة.
في المقدمة، تجلس منال على حافة فراش الجدة التي توشك على الرحيل، في غرفة تتزيّن جدرانها بالنقوش المغربية، في مشهدية كما الأحلام، تتصاعد السينثات لتخرج من بينها منال بوجهٍ جاد: "ربي اللي كيسامح، أنا ماشي ذنبي"، معلنةً حربها على ركام الحب الذي مضى، بينما تسير في أرجاء الدار.. "ماشي هي اللي تبكي وتبري" تقف أمام مرآتها رافضة دور الضحية، تطلق العنان الأخير لصرخات الحسرة على ما بذلت في ذلك الحب: "من ديما كنت حداك وإنت في البال" في اللقطات التالية، تقتل منال ذاتها القديمة، ثم تمسح بدمها على وجهها، كناية عن توُّحشها. تتعود لتقبّل الجدة وداعًا في فراش احتضارها، وتأخذ عنها إرثها من الدم والأسى لتبدأ هي رحلتها من حيث انتهت الجدة. تحمل خنجرها على صدرها وسامًا، بينما تغني "وقتي فات زمانك" ثم تخرج للعالم بحثًا عن انتقامها.
بعد أيامٍ، تبعت منال المقدمة بتراك مُراك، الأغنية التي تمثل الفصل الأول في سرديتها النسوية، قلبُ عربيٌ مجروح. تنطلق أغنية مُراك تمامًا من حيث انتهت المقدمة، على طبول الحرب ترفع منال رأسها وتنزع الشال الأسود عن جسدها في كبرياء يعلن أنها لن ترثي ذلك الحب المُدمر ولم تعد تقبل بالقيود التي سلبتها روحها. بصوتٍ مكثف تغلِّف منال طبول الحرب بنبرة أخاذة وكأنها تتلو تعويذة تستحضر بها روح كل النساء العربيات المعنفات بينما تسير: "قلبي مات، You know me/مشات لي كانت، It's not me".
تحمل مُراك رمزيات مكثفة عن ما تناعيه النساء من تعنيف وإقصاء في الفضاء العام والخاص، وعن النضال والأسى الذي تتوارثه النساء جيلًا من جيل، تنعكس هذه الرمزيات على موسيقى وصورة مُراك بحالة تمردية احتفالية تتصاعد بينما تصدح منال بثقة "الكية اللي داتني راها مُراك" تزامنًا مع وعيدها المُر بالانتقام من ذلك المحبوب الذي عنَّفها، بينما تلوح بخنجرها وحول عينها آثار التعنيف. مع الوصول إلى اللازمة تلتحم كثافة الطبول المغربية بإيقاعات الأفروبوب من خلفها استخدام محكم للأوتوتيون مع أصوات الهمهمة الثانوية في الخلفية يخلق ملحمية آسرةـ بينما تسير منال انتصارًا في الأسواق القديمة.
تحتفي منال دومًا بتنوع التراث المغربي، فبعد ما خلاو ما قالوا، التي أبرزت جماليات الأفراح الشعبية، ترسم مُراك لوحة جديدة تجمع النساء والرجال، الماضي والحاضر، التراث والمعاصر، في ألوان احتفالية راقصة مختلفة، تظهر فيها منال بشخوصٍ متعددة، فحينًا ترقص بثيابٍ أمازيغية وأخرى تقف في محل الأنتيكا لترقص بين الإسطوانات وأغلفة الأفلام الكلاسيكية، برداء معاصر يبرز جرأة حضورها كنجمة بوب بارزة في المشهد العربي، ويمثل شخصيتها الفنية الأكثر توسعًا في التجريب.
اشتركت منال في كتابة الكلمات مع نيزك كما ساهمت في التلحين مع كلًا من نيزك وبرنزلي وبونكو. عبر أغنيتها الجديدة مُراك، تبشّر منال جمهورها برحلة صوتية استثنائية وسردية ملهمة وإصدار هو الأهم والأجرأ في مسيرتها الإبداعية.