امتدت مسيرة هشام نزيه كمؤلف موسيقي لأكثر من عشرين عامًا، قدم خلالها أكثر من أربعين عملًا دراميًا ما بين أفلام ومسلسلات ومسرحيات. رافقتنا موسيقاه ضمن رحلة متقلبة العواطف ابتدأت في فيلم هيستريا من بطولة الراحل أحمد زكي في ١٩٩٨، وحتى تعاونه مع المخرج محمد دياب لإنتاج موسيقى المسلسل العالمي Moon Knight عام ٢٠٢٢.
غالبًا ما اختبر هشام نزيه أنواع موسيقية متنوعة ليعطي أعماله الدرامية طابعًا مختلفًا. فمثلًا مع الموسيقى التصويرية لفيلم السلم والتعبان ٢٠٠١، اعتمد نزيه على ألحان التانجو ليعرض رومانسية الكر والفر بين البطل والبطلة حيث تجذبهم هذه الموسيقى الراقصة وتفرقهم كما تفعل الأحداث. قام هشام بتوزيع الأغاني الأصلية للفيلم ومنهم أغنية عيش لخالد سليم التي تناقش موضوعًا لم يكن مألوفًا تمامًا في الأغنية المصرية عبر تأملات بطل الفيلم التي أوصلته لاستنتاج أن الطريق إلى السلام النفسي يكمن في حب الناس: "عيش/ حب الناس وعيش/ تلقى الناس بيوت/ فاتحة قلوبها فوت/ حب متتنسيش".
تكررت المواضيع المختلفة عن الدارج في أغنية الحكاية مبتنتهيش فأضاف هشام نسختين منها لفيلم تيتو لتتناسب مع الصراع الداخلي الذي يعيشه البطل؛ حيث توجد نسخة متفائلة في وسط الأحداث تفترض مع الجمهور إمكانية نجاة البطل من ماضيه عندما يغني: "اللي فات ميهمنيش" ونسخة ثانية تأتي في نهاية الفيلم التراجيدية لتحطم هذا الأمل معلنة: "دلوقتي بس عرفت إنه مكتوب على جبيني/ إن اللي فات مبيتنسيش".
يأتي تراك Old Love في فيلم ابراهيم الأبيض ليعبر عن قصة حورية وابراهيم التراجيدية في وسط عالمهم الوحشي، فتبدأ المقطوعة بأصوات عنيفة للمنطقة الشعبية التي يعيش فيها الأبطال حيث يتخبط المجرمين بالأبرياء بصخب، ثم ننتقل تدريجيًا لمعزوفة بتوزيعات البيانو والكمان، وكأن في هذا التباين كناية عن طبقات القصة، حيث مازال حب حورية وابراهيم أبيض نقي تحت كل هذا الدم. يحسن هشام نزيه إذًا توظيف الموسيقى في تورية التناقضات، كما في تتر مسلسل السبع وصايا الصادر في ٢٠١٤ الذي يمزج فيه بين قصيدة ابن عربي لله قوم في الفراديس وبين موسيقى الجيتار الإلكتروني الصاخب، ليصور التباين العنيف بين عالم التصوف وعالمنا المعاصر الجشع.
سواء بتلحين ترانيم فرعونية ترافق موكب نقل المومياوات قبل عامين، أو قصائد صوفية، أو حتى تصوير عالم يعبر بموسيقى التانجو، تمكن الموسيقار هشام نزيه من تطويع موسيقاه في كل مرة لخدمة الحبكة الدرامية، ليكون من بين أبرز الأسماء التي امتهنت بحساسية فن التأليف الموسيقي الأصلي للدراما في مصر.
#هشام_نزيه