في الفيديو التوثيقي لحفل سمارا في قرطاج، تظهر لافتة رفعها الجمهور كُتب عليها بخط عريض ٧٠٥٠، في إشارةٍ إلى الترقيم البريدي لمدينته منزل بورقيبة، والذي تحوّل إلى عنوان للتراك الخامس من ألبومه الأخير كونان. أقام الرابر حفله الرسمي الأول في مهرجان قرطاج أمام حضور جماهيري تاريخي، معلنًا انتصار مشهد الراب المحلي وانتصاره الشخصي الكبير الذي توّج مسيرة متفردة انطلقت من حيّه إلى مسرح قرطاج، الذي يمثل أعظم اعتراف محلي رسمي بمسيرة فنان.
ظهر سمارا قبل ذلك على نفس المسرح مع رابرز آخرين ضمن مهرجان قرطاج لفنون الراب سنة ٢٠١٩، بعد سلسة نجاحات سجلها في تلك الفترة. تابع الرابر الإصدار إثر ذلك بوتيرةٍ متقطعة تخللتها بعض المشاكل والإيقافات التي تعرّض لها خارج تونس، قبل أن يشهد السنة الماضية نقطة تحول وينتقل إلى مرحلة جديدة من مسيرته.
كان قد شهد الراب لسنوات قطيعة من الإعلام الرسمي، تذكرنا بمنع موسيقى المزود خلال السبعينيات والثمانينيات بالرغم من نجاحه الشعبي الكبير. لعب سمارا دورًا حاسمًا في إنهاء تلك القطيعة مع أسماء أخرى مثل علاء، بالرغم مما عاناه في بدايته من حملات تنمر ضده إثر ظهوره في برنامج تلفزيوني، ودسّات بعض الرابرز ضده. شكلت أغنية ألعبي منعطفًا في بواكير مسيرته، أخذ بعدها مسارًا ناضجًا مع نجاح ما دايم والو التي جذبت الجمهور إلى أسلوبٍ خاص محلي الطابع التصق بمدينته منزل بورقيبة. صقل سمارا ما يمكن أن نسميه صوت منزل بورقيبة الذي انطلق من استوديو ٨ ستريتز، واستعرض أسلوب راب أوتوتيوني يطغى عليه الشجن، مع ميلٍ واضح للغناء والتنغيم تحضر فيها سحنة راي. أشبع سمارا كذلك نصوصه بالثيمات التقليدية للتراب التي تطغى فيها الإيجو تريب ونبرة التبجح والعصاباتية، ومستلهمًا من سرديات المزود والراي القريبة من بيئته في المدن والأرياف. صدّر سمارا هذا الأسلوب إلى أسماء أخرى من المشهد المحلي، وانتقل تأثيره إلى مشاهد أخرى مجاورة أهمها ليبيا.
انتقل سمارا إلى مرحلة أكثر نضجًا خلال آخر سنتين، وعزّز ميله نحو الأغاني العاطفية التي تحولت إلى ترندات كاسحة على تيك توك وبقية المنصات. ركّز الرابر بشكل جلي على غزارة الإنتاج إذ رفع وتيرة إصداراته بشكل غير مسبوق خلال السنة الحالية. نزّل الرابر سلسلة من الألبومات والإصدارات المنفردة وتعاونات متعددة من ديدين كانون إلى ياسمين عزيّز، منتقلا بين التراب والدريل والأفرو والكَلب راب والأسلوب الغنائي عبر هيتات متنوعة مثل مينيموم وبارادايز وقلبي. مثّل حفل سمارا المنفرد على خشبة مسرح قرطاج مؤخرًا عنواناً مظفرًا لهذه المرحلة.