طوال الأربعة أشهر الماضية، أثارت منال الحماسة لألبومها المنتظر قلب عربي مجروح، والذي أصدرت منه حتى الآن الإنترو وأغنية موراك. يتنقّل الألبوم بين الماضي والحاضر في إسقاطات على وضع المرأة في الحقبتين ، مستعينًا بالكثير من الرموز الثقافية التاريخية والموسيقية مثل الشاب خالد وأم كلثوم، بالإضافة إلى العديد من الرموز النسائية الأخرى الحاضرة بصريًا.
تأتي بابا كرابع تعاون بصري بين منال والمخرج فريد مالكي، والذي يستمر في استعادة الروح الشعبية المغربية في إصدارات الألبوم، ليختار هذه المرة مطعمًا شعبيًا، تتنقل فيه الكاميرا بين منال وغالي بحركة عرضية. يحرص المخرج على أن تكون عناصر الصورة قليلة ولكن قادرة على ملء كامل مساحة الشاشة، ومع باليتة ألوان تتدرج بين الأزرق والأخضر القاني في المطعم، والأحمر والأسود خارجه. كما قدّم الإنتاج الموسيقي عناصر بسيطة بإيقاع متواصل دون فواصل. اشترك في الإنتاج كل من بونكو وبرينزلي ونيزك ومنال، ليقدموا لحنًا مكوّنًا من الجروف والصاجات مع الدقات الخشبية والطبل البلدي في مقطع منال الأخير في الأغنية.
تعتمد كلمات الأغنية التي كتبتها منال بمعاونة نيزك على سرديتين متناقضتين في العمق وإن بدتا متماثلتان في الظاهر. إذ تمثل مقاطع غالي سردية رجل في مرحلة تحقيق الذات بعد الوصول. أما سردية منال فهي تتحدث عن أنثى في بداية طريقها، اختارت تجاوز مرحلة توجيه اللوم لماضيها وما يرتبط به من صورة الأب وتوقعاته والمضي قُدُمًا في طريقها من قلعة السراغنة إلى إيطاليا. لا تأتي الهجرة هنا بوصفها حدثًا حرفيًا، بل رمزًا للوصول وتحقيق الأهداف. تحاكي هذه الرمزية علامات ورموز مشابهة في كافة إصدارات الألبوم إلى الآن، ، كالفتاة التي تقاوم الغرق في الإنترو، ثم تصعد من الماء امرأةً. مع كل إصدار جديد لمنال في الألبوم تتضح أكثر الثيمة التي تسيطر عليه، سواء على مستوى السردية أو من خلال المزج بين الآلات التراثية الشعبية والموسيقى الحديثة. تأتي هذه العناصر لتكمّل الصورة الجذابة والكادرات المضبوطة برموزها المدروسة، مع الحضور الواضح للميك أب والإكسسوارات في مقاربة تشبه الأسلوب المسرحي التقليدي وتحاكي الخصوصية المغربية وتعبّر عن ستايل منال الخاص، لتبشّر جميع الإصدارات بقطع فنية مغربية أصلية تشكل علامات فارقة في مسيرة لمنال.