تكشف قائمة الـ 50 فنانة الأكثر استماعًا، التي أطلقتها بيلبورد عربية بشكل استثنائي احتفالًا بيوم المرأة العالمي، عن حضور لافت لفنانات جيل زد وما يمثله ذلك من تنوع في الجنرات الموسيقية الرائجة في العالم العربي وشمال إفريقيا.
ففي الوقت الذي حافظ فيه جيل فنانات البوب على الصدارة ممثلاً بأسماء غنية عن التعريف مثل شيرين وأصالة وإليسا ونانسي عجرم، كشفت أرقام الاستماع عن شعبية متزايدة لمجموعة من الفنانات اللواتي لم تتجاوز أعمارهن الخامسة والعشرين مثل دعاء لحياوي وإنيز وإليانا، والتي حلت في المرتبة الرابعة في القائمة متقدمة على أسماء بحجم فيروز.
أبرز بصمات الجيل الجديد هي التنوع الكبير في الجنرات الموسيقية. ففيما ينحصر أثر الأجيال الأكبر سنًا في موسيقى البوب، تقدم فنانات الجيل زد موسيقى تجريبية تتنوع فيها الألوان الفرعية وتتداخل أحيانًا. قد يبدو الأمر مغامرة محفوفة بالمخاطر، غير أن أرقام الاستماع المبهرة تظهر لنا عكس ذلك.
التجارب الموسيقية في شمال إفريقيا هي الأكثر تنوعاً بلا منازع، حيث يتداخل البوب المغاربي بالإيقاعات الشعبية لكل بلد واللمسة المعاصرة للإيقاعات الإلكترونية، فيخرج بمزيد مختلف عن صوت البوب المشرقي التقليدي، كما نجد في أغاني دعاء لحياوي وكوثر.
في الوقت نفسه، ذهبت فنانات أخريات لتبني صوت الآفروبيت، كما نسمع في إصدارات إنيز الأخيرة، خاصةً بعد تعاقدها مع تسجيلات أفالون التي يركز معظم منتجيها الموسيقيون على هذه التوزيعات. لأغاني لمروى لاود التي يتداخل فيها البوب مع الأفروبيت حضور كبير هنا أيضًا.
على الجانب الآخر، مالت التجارب الشابة في بلاد الشام إلى الإندي بشكل واضح. برز ذلك بشكل خاص في تجربة إليانا التي وصلت بصوتها إلى محافل عالمية.
دمجت إليانا لون الإندي بوب مع تأثيرات الألوان التراثية من بلاد الشام والإيقاعات الإلكترونية في بعض الأحيان، كما في تراكات "الشام" و"غريب علي"، وإن كانت أغنيتها الأبرز في 2024 "جنني" أغنية بوب بامتياز. الأمر نفسه ينطبق على زين التي قدمت تراك "أصلي أنا" لتدمج صوتها في الإندي مع التوزيعات الشعبية للدبكة الفلسطينية. وفي حين حافظت غالية دومًا على ألحانها وتوزيعاته في مساحة الإندي المتأثرة بالآلات الغربية، حاولت بيسان إسماعيل في إصدارها الأخير "الحربين" توجيه صوت البوب إلى توزيعات إلكترونية مع المنتج الموسيقي فؤاد جنيد.
كل هذا لا يعني بالضرورة أن جيل زد قد هيمن على المشهد الموسيقي بأكمله، فقد أظهرت القائمة أن جيل البوب لا يزال حاضرًا بقوة من خلال أسماء من بينها عبير نعمة وأميمة طالب وغيرهن من الفنانات اللاتي نجحن في تقديم إصدارات لا تزال تحظى بشعبية كبيرة.
لكن القائمة لم تخلو من مفاجآت، لعل من أبرزها هو غياب جنرا الهيب هوب عنها. فرغم تعدد فنانات هذا اللون على امتداد العالم العربي وكثافة إصداراتهن خلال العامين الماضيين، من بيري وللافضة ومابين في مصر إلى أصايل وجارا في الخليج ورجاء مزيان وختك في المغرب العربي، إلا أن أرقام الاستماع التي يحققنها لا تزال أقل نسبيًا من جنرات البوب والأفروبيت والإندي.
ونعتقد هنا أن الأمر لا يرتبط بشعبية جنرا الهيب هوب بمختلف تفرعاتها. إذ يعتبر مشهد هذا الجنرا نشطًا بصورة واضحة، كما نرى من خلال قائمة بيلبورد عربية أعلى 50 هيب هوب عربي. لكن الإجابة قد تكمن في الهيمنة الذكورية على المشهد، حيث تتمحور أبرز ثيمات الأغاني حتى الآن حول التفاخر والتبجح بشكل أساسي.
كل هذا قابل للتغيير بالطبع، خصوصًا مع دخول المزيد من الشابات بقوة للمشهد بين الحين والآخر، كما شهدنا مؤخرًا مع أصايل ودارين وسابين سلامة وثورة وغيرهن.
*تعتمد القائمة على بيانات مستمدة من خدمات البث الصوتي والمرئي في 200 دولة في آخر 12 شهر، تمامًا كما هو الحال مع جميع قوائمنا، ولا يستند إلى آراء تحريرية أو تصويت المعجبين.