شهد حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024 لحظات فنية لا تُنسى، جمعت بين التنوع الثقافي والأداء الموسيقي المبتكر في العرض المذهل الذي حوّل ضفاف نهر السين في باريس إلى مسرح يحتضن الرياضة والثقافة والفنون. وخلف المشهد هناك الكثير من المعلومات المثيرة للاهتمام التي نلخّصها لكم في هذا المقال:
الثورة الفرنسية بطعم الميتال والأوبرا
شهد افتتاح أولمبياد باريس حدثًا موسيقيًا غير مسبوق في تاريخ حفلات الأولمبياد، إذ قدّمت فيه الفرقة الفرنسية غوجيرا نسختها الخاصة من الأغنية الثورية الفرنسية "Ah! Ça Ira" بالتعاون مع مغنية الأوبرا مارينا فيوتي، لتكون أول أغنية ميتال في تاريخ الأولمبياد. تمّت تأدية العرض من نوافذ كونسيرجيري في باريس، في مبنى السجن والمحكمة السابق الذي تحوّل إلى معلم تاريخي، ليضفي المكان جوًا مهيبًا على الأغنية التي تعبّر عن روح الثورة الفرنسية. وقد كان العرض مثيرًا ومليئًا بالطاقة، لا سيما أن الأغنية مزجت بين موسيقى الميتال العنيفة والأداء الأوبرالي الأثيري.
تُعتبر غوجيرا من الفرق الفرنسية القليلة في مجال الميتال والروك التي حققت نجاحًا عالميًا، حيث تحظى بدعم من أسماء كبيرة مثل ميتاليكا وغانز آند روزيس، وتحظى بشعبية كبيرة في جولاتها العالمية. ويبدو خيار الفرقة بالتعاون مع مارينا فيوتي مثاليًا، فهي مغنية الأوبرا التي كانت عضوة في فرق ميتال سابقًا، قبل أن تهجرها إلى الموسيقى الكلاسيكية. وبهذا التعاون والأداء التاريخي، تمّ بناء جسر ردم الهوة بين عالمين موسيقيين مختلفين، ليضيف بُعدًا جديدًا لحفل افتتاح الأولمبياد الذي استعرض انفتاح باريس وتنوعها الثقافي، ويؤكد على إمكانية التقاء الأساليب الموسيقية المتباينة في إطار إبداعي واحد.
آية ناكامورا تمثل البوب الفرنسي؟
في حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024، تميزت النجمة الفرنسية-المالية آية ناكامورا بتمثيلها للبوب الفرنسي، وعرضها الذي حظي بإعجاب كبير من المتابعين حول العالم. لكن رحلتها إلى هذا الحدث لم تكن سهلة إطلاقًا، حيث إن المغنية التي وُلدت في عاصمة مالي عام 1995، واكتسبت الجنسية الفرنسية بوقت لاحق، أثار اختيارها للمشاركة في حفل افتتاح أولمبياد باريس جدلًا واسعًا، حيث تعرضت لهجمات عنصرية وانتقادات من بعض السياسيين الفرنسيين والجماعات اليمينية.
لم يكن اختيار آية ناكامورا لتمثيل البوب الفرنسي في الحفل مجرد ورقة سياسية لإظهار التنوع الثقافي في الهوية الفرنسية الجديدة، التي تستوعب جميع الأعراق والثقافات، بل يبدو خيارًا منطقيًا وفقًا لمسيرة آية ناكامورا الفنية التي بدأت عام 2014 بأغنية "Karma"، وسارت بعدها بخطوات تصاعدية في سلّم النجومية لتصل إلى العالمية، وتصبح الفنانة الفرنسية الأكثر استماعًا دوليًا بحلول عام 2023 عقب إصدارها ألبومها الرابع "DNK".
ورغم الانتقادات والعبارات العنصرية التي انتشرت، أعربت آية عن فخرها وثقتها بنفسها، وواصلت الرد على الانتقادات بشجاعة عبر منصات التواصل الاجتماعي. وقدمت آية ناكامورا في حفل الافتتاح مزيجًا من أغانيها الخاصة وأغاني شارل أزنافور، مؤديةً دورًا بارزًا في إضفاء طابع مميز على الحفل، لتنجح بتقديم واحدة من أبرز اللحظات الموسيقية في الحفل وتقدّم صورة رائعة للبوب الفرنسي، بفضل موهبتها ودعمها من فنانين آخرين وسياسيين، مثل وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي التي أكدت أن التميز الفني لا يتأثر بالانتقادات العنصرية.
الراب الفرنسي بأصول عربية
لم تكن آية ناكامورا الوحيدة بين الفنانين الذين مثّلوا فرنسا بحفل الافتتاح من أصول أفريقية، فالأمر ذاته ينطبق على ريم-كا الذي مثّل الراب الفرنسي بالحفل، وهو رابر فرنسي-جزائري اسمه الحقيقي عبد الكريم براهيمي، ويبلغ من العمر 46 عامًا، وله تأثير كبير في مشهد الراب الفرنسي من خلال ما قدّمه بالفرقة التي أسّسها ببداية الألفية مافيا كا 1 فري، وبمسيرته المنفردة بعد أن تمّ حلّ الفرقة عام 2007. وفي حفل الأولمبياد قدّم أغنية "King" كما قدّم الراب الفرنسي بطريقة عصرية شديدة الجاذبية.
أجور الفنانين المشاركين في الاحتفال
انتشرت العديد من التقارير التي تدّعي أن الفنانين المشاركين بافتتاح أولمبياد باريس حصلوا على أجور باهظة، تصل إلى 2 مليون يورو مقابل تقديم سيلين ديون أغنية واحدة. لكن المتحدث باسم الأولمبياد نفى هذه الشائعات، وأوضح لموقع Page Six قائلًا: "النجوم المشاركون في حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024 لم يتلقوا أي أجر عن أدائهم". وأشار إلى أن قرار الفنانين بالمشاركة من دون مقابل يعكس رغبتهم في أن يكونوا جزءًا من حدث تاريخي لفرنسا ولعالم الرياضة، وأن اللجنة المنظمة لم تغطِ سوى تكاليف الإنتاج التقني والأداء، بما في ذلك الأزياء والديكورات والراقصين المساعدين.