تُعد الفنانة الراحلة، عتاب، واحدة من أبرز الأصوات النسائية في تاريخ الموسيقى السعودية، وواحدة من أوائل المطربات اللواتي اقتحمن الساحة الفنية السعودية، إلى جانب الفنانة ابتسام لطفي والمطربة الشعبية توحة. وُلدت في الرياض عام 1947، واشتهرت بكونها أول سعودية تقريبًا تنطلق في عالم الغناء الاستعراضي، مما جعلها رمزًا للمرأة السعودية في السبعينيات. عرفت بتقديمها أغانٍ باللهجة السعودية بأسلوب استعراضي، ونجحت في فرض هذا اللون الفني في مصر والعالم العربي. تميزت عتاب بقدرتها على المزج بين الطرب والاستعراض حيوي، مما جعلها تحظى بشعبية كبيرة، وساهمت في فتح الباب أمام الأصوات النسائية الخليجية لاحقًا. بفضل شجاعتها الفنية وإصرارها على هويتها، استطاعت أن تترك بصمة خالدة في عالم الغناء الخليجي والعربي. إليكم أبرز المحطات في مسيرتها
المحطة الأولى: اكتشافها على يد طلال مداح
بدأت مسيرة عتاب الفنية عندما اكتشفها الفنان الكبير طلال مداح وهي في سن الثالثة عشرة، وذلك عام 1959. في تلك الفترة، كانت عتاب تغني في الحفلات والمناسبات الاجتماعية، خاصة الأعراس، وحققت شهرة محلية واسعة بفضل صوتها القوي وحضورها الاستعراضي المميز. قام طلال مداح بتقديمها للجمهور وغنّت العديد من الأغنيات التي سجّلت في السعودية ولبنان، مما شكّل انطلاقتها الأولى نحو الساحة الفنية.
المحطة الثانية: التفرغ للفن
في عام 1972، اتخذت عتاب قرارًا حاسمًا بتفرغها الكامل للفن. في هذه الفترة، بدأت تظهر بشكل مستمر في الجلسات الفنية والغنائية، وشكّلت ثنائياً مع الفنان حيدر فكري، حيث كانا يقدمان أداءً استعراضيًا مميزًا جذب انتباه الجمهور السعودي. خلال هذه المرحلة، ازدادت شهرة عتاب وتجاوزت المحلية، ممهدةً الطريق نحو نجوميتها العربية.
المحطة الثالثة: انطلاقتها العربية عبر عبد الحليم حافظ
في أوائل السبعينيات، حدثت نقلة نوعية في مسيرة عتاب عندما قدّمها الفنان المصري عبد الحليم حافظ في إحدى حفلاته في القاهرة. هذا التقديم الرسمي للجمهور المصري والعربي جعل منها نجمة وفتح لها آفاقًا جديدة في العالم العربي. وقد استطاعت بفضل هذا الظهور أن تحقق نجاحًا باهرًا، حيث حافظت على هويتها الفنية السعودية في جميع أغانيها، وتمسكت باللهجة السعودية، رغم الشهرة التي حققتها في مصر.
المحطة الرابعة: الانتقال إلى مصر
بعد أن صدر أمر ملكي من الملك خالد - رحمه الله - بإبعادها عن السعودية بسبب طبيعة غنائها الاستعراضي، انتقلت عتاب إلى القاهرة عام 1980 لتبدأ هناك مرحلة جديدة من حياتها الفنية. عام 1985 أطلقت أغنيتها الشهيرة "جاني الأسمر"، التي ساهمت بشكل كبير في انتشارها الفني. تعاونت مع ملحنين مصريين كبار مثل محمد الموجي في أغنية "فك القيود"، واستمرت في تقديم أغاني طربية سعودية باللهجة الخليجية، رغم نجاحها في مصر.
المحطة الخامسة: السنوات الأخيرة والعودة إلى الخليج
عاشت عتاب في مصر لمدة عشرين عامًا، حيث أسست لنفسها مكانة قوية في الوسط الفني العربي، ولكن بحلول عام 2003، قررت العودة إلى الخليج والاستقرار في الإمارات لتكون قريبة من والدتها الإماراتية. رغم محاولتها العودة للساحة الفنية، إلا أن حالتها الصحية بدأت تتدهور بعد تشخيص إصابتها بالسرطان في نهاية التسعينيات. تراجعت عن الأضواء بشكل تدريجي، وعانت من ظروف مادية صعبة، حتى توفيت في القاهرة عام 2007 بعد رحلة علاج طويلة، لتُدفن في مدينة 6 أكتوبر.