عندما بدأ زياد ظاظا مسيرته الفنيّة اعتمد على عامل أساسي وهو التجريب أولًا، ميّزه ذلك عن باقي معاصريه، إضافةً إلى أنه قادم من منطقة الفيوم وهذا ما كسر مركزية القاهرة والإسكندرية باعتبارهما من أكثر المدن المصرية التي خرج منها فنانو هيب هوب في السنوات الماضية. عاند ظاظا في البداية صوته وقدم مهرجانات بقيت في درج مغلق، وقد أثر انطلاقه من هذه الجنرا على أدائه لاحقًا وأسلوبه بالتعاطي مع الموسيقى.
انتقل ظاظا إلى عالم الهيب هوب ومعه حمولة كافية من المعجم اللغوي للشارع، وكشف الستارة عن أسلوب كتابي على مبدأ السهل الممتنع مع اعتماده الأكبر على هذه الثقافة التي شكلت جزءًا لا يتجزأ من هويته. وفي الوقت الذي بدأ فيه المشهد المصري بإعادة تشكيل نفسه بعد أن احتلت جنرا التراب أجهزة المنتجين، كان ظاظا حاضرًا للتجريب بالموجة الجديدة للدريل.
لم يكن تراك "كريته صريفه" نقلة نوعية في مسيرة ظاظا فحسب، بل كان حبة الكرز التي وضعت على رأس مشهد الدريل في مصر والمنطقة. بدايةً من الفلو والأداء غير المتوقعين إلى الكلمات المرصوصة بأسلوب هجومي معادي، وأخيرًا بحة الصوت المفتعلة في بعض الأحيان دون أي جهد. كل هذا أدخل ظاظا اللعبة بقوة وجهوزية عالية، بينما رافقه المنتج محرم الذي تلاعب بإيقاع الدريل مضيفًا لمسته مع صوت سنث درامي وعيّنات إلكترونية ممطوطة.
اعتبر ظاظا أن الدريل قريب من المهرجانات، خاصة في صوت الهاي هاتس التي تقترب من العيّنات الإيقاعية في أغاني المهرجانات، بالإضافة إلى طريقة الكلام بعشوائية وعدائية أحيانًا، ما فتح له مساحة للتعبير عن نفسه. ظهر بوضوح تأثير المهرجانات على أكثر من جانب في إصداراته، خاصة في مشاهد الفيديو الكليب بانضمام شلّة الحيّ وحركات الرقص مثل التعقيب.
أطلق ظاظا ألبوم "الريس" في ٢٠٢٢، والذي حمل المزيد من التجريب في إصدارات مثل "خمسة بس بالحب" و"بنت" من انتاج ليل زوز و15. قدم في هذا الألبوم فيديو كليب لتراك "أهلًا بيك في الدايرة"، وانتقل فيه إلى مستوى جديد من تأسيس هويته البصرية بتعاونه مع تسجيلات بيتروت. أخرج الكليب wed وقد أغرقه بمؤثرات بصرية عالية، بينما ظهر ظاظا مرّة جديدة مع شلته لكن هذه المرّة بجودة أعلى وإمكانيات احترافية.
يعتبر تعاون زياد ظاظا مع إسماعيل نصرت واحدة من الثنائيات القوية في المشهد، فقد قدّما مجموعة هيتات أظهرت التفاهم الواضح والتواصل القوي والكيمياء مثل تراك "باشا". استوحى ظاظا الكلمات من حياته اليومية وغاص في حديث قد يبدو غير مفهوم من المرّة الأولى، أما البيت فكان مليئًا بعيّنات الدريل الممطوطة مع الهاي هاتس التي رافقت أدائه الغاضب. قدم ظاظا في كليب هذه الأغنية خيارات جريئة بالأزياء، وحمل مشاهد تمثيلية اختلفت عن ما سبقه.
خرج ظاظا من تحت مظلة الدريل في ألبومه الطويل "ظاظا الوسيم" سنة ٢٠٢٣، وقد قدم تعاونات غنيّة في عدد من إصداراته، منها تعامله مع الوايلي في تراك "البلد بلدنا". كما قدم مع رف وكريم أسامة تراك "قول يا بابا"، بالإضافة إلى "سامحيني يا غالية" مع علي لوكا. ما ميّز هذا الألبوم أن ظاظا قدَّم في كل إصدار مزاجًا وجوًا مختلفًا من الأفرو إلى التراب والدريل، وكشف عن طبقات جديدة في صوته وأدائه دون أن يخاف المغامرة والغوص أكثر في داخله وإخراج كلمات جديدة على السين.
سرعان ما اكتشف جمهور ظاظا أنه لا يمكن حبسه في جنرا واحدة أو أسلوب واحد، وقد ظهر هذا واضحًا في تراك "نايس" من إنتاج إسماعيل نصرت التي تداخلت فيها إيقاعات الهاوس. كما عاد في ذكرى ميلاده هذا العام وأطلق ألبومًا قصيرًا بعنوان "525"، حمل تعاونات جيدة مثل "جابولنا الحكومة" مع زين و"إنت بترشد" مع عمر كيف. كما أخرج منه كليب لأغنية "البي إم بكام دلوقتي؟" الذي حمل مشاهد حادة من حيث الإضاءة والنقلات السريعة.
حاورت بيلبورد عربية ظاظا بعد إطلاق هذا الألبوم، وتكلم خلال المقابلة عن بدايته وتأثيراته وعن صناعة ألبوماته وإصداراته، وتحديدًا ألبوم "525" حيث صرّح: "مبدئيًا الإي بي ده ما كانش هينزل، بس حسيت الناس أولى إنها تسمعها، وفيها حاجات هتنفهم بعدين، وحسينا أنا والتيم إنو يكون إي بي هدية للناس، وفعلًا عملنا كل حاجة بأسبوع وفي ثلاث تراكات في التريندينغ".
أثبت زياد ظاظا من خلال تجاربه الجريئة والمتنوعة قوته في المشهد المصري، انتقل من المهرجانات إلى الدريل وأنواع أخرى من الموسيقى، معتمدًا على معجم لغوي ثري وتعبيرات صادقة عكست حياته اليومية. كشفت تعاوناته المثمرة وإصداراته الغزيرة عن حبه للتجريب والتطوير، وبرزت قدرته على التأقلم والتطور باستمرار في ألبوماته.
تابعوا المقابلة الكاملة مع زياد ظاظا في الفيديو أعلاه.