جنرا الأسبوع: موسيقى الكاليبسو القادمة من الكاريبي

نُبحر هذا الأسبوع إلى البحر الكاريبي، للتعرّف على تاريخ جنرا الكاليبسو الموسيقية، التي نشأت في ترينيداد وتوباغو، قبل أن تشُق طريقها إلى العالمية.
مطربو موسيقى الكاليبسو
مطربو موسيقى الكاليبسو
Change Font Size 20

موسيقى الكاليبسو هي نوع من الموسيقى الكاريبية التي نشأت في ترينيداد وتوباغو في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وانتشرت في بقية جزر الأنتيل بحلول منتصف القرن العشرين. تعود أصول إيقاعاتها إلى غرب إفريقيا، وبالتحديد إلى موسيقى الكايسو والكانبولاي، التي جلبها العبيد الأفارقة إلى جُزر الكاريبي، حينما قام الفلاحون الفرنسيون باستقدامهم للعمل في مزارع السكر هناك. وقد استخدم الأفارقة الكاليبسو للسخرية من أسيادهم وللتواصل فيما بينهم. كما لعبت موسيقى الكاليبسو دورًا مهمًا في نشر الأخبار في ترينيداد وتوباغو؛ ليعتبرها السُكان مصدرًا موثوقًا للأخبار، وقد غطّت في البدايات مُعظم الموضوعات التي تتعلق بالحياة اليومية والسياسة والفساد. واستخدم مُبتكر الكاليبسو الكلمات ذات المعاني المزدوجة، ليُضمّنوا في أغانيهم انتقادات لاذعة، وينجوا من القمع والرقابة المفروضة عليهم.

ظلّت موسيقى الكاليبسو وسيلة للتعبير عن النقد الاجتماعي والسياسي خلال فترة الاستعمار البريطاني؛ لتحتل موسيقى الكاليبسو مكانة خاصة لدى سُكان ترينيداد وتوباغو، لكونها الموسيقى التي تُعبّر عن النضال اليومي وعدم المساواة العرقية والاقتصادية، ولأنها لعبت أيضًا دورًا في الحركة الاستقلالية في ترينيداد وتوباغو، حيث عبّرت عن الرغبة في الاستقلال والعدالة الاجتماعية. وحتى بعد انتهاء الاستعمار البريطاني عام 1962، استمرت الكاليبسو في كونها وسيلة للتعليق السياسي وانتقاد الفساد بالحكومات المحلية؛ بل إن بعض السياسيين استخدموا الكاليبسو للترويج لأجنداتهم، واتكأوا على إرث هذا النوع الموسيقي لتعزيز الوحدة الوطنية.

وكما هو حال غالبية الجنرات الموسيقية التي اقترنت بداياتها بطقوس العمل في الفلاحة حول العالم، فإن الغناء الجماعي له مساحة خاصة بأغاني الكاليبسو، التي كانت تُغنى أولًا بالكريولية الفرنسية، ويقودها مُنشد يُسمى بالجريوت، وهو الذي يؤدي بعض المقاطع المنفردة. ومع تطور الكاليبسو، أصبح دور الجريوت يُعرف بالشانتويل ثم بالكاليبسيوني؛ وذلك بالتزامن مع تطوّر صناعة موسيقى الكاليبسو في نهاية القرن التاسع عشر، حين بدأت تتشكل بعض الفرق الموسيقية الاحترافية التي تُقدم هذا اللون الموسيقي، منها فرقة لوفي سترينغ باند، التي تأسست سنة 1890، والتي انتقلت إلى أمريكا لتُسجّل سنة 1912 أول موسيقى كاليبسو في التاريخ، "Mango Vert". وفي سنة 1914 تم تسجيل أول أغنية كاليبسو باللغة الإنكليزية، "Iron Duck in The Land" لشانتويل جوليان وايتروز. إلا أن غالبية تسجيلات الكاليبسو اقتصرت خلال سنوات الحرب العالمية الأولى على الموسيقى، وكان لفرقة لوفيز سترينغ باند النصيب الأوفر منها. وظلّت التسجيلات شحيحة حتى بداية العصر الذهبي للكاليبسو في ثلاثينيات القرن العشرين.

في حقبة الثلاثينيات والأربعينيات، عاشت الكاليبسو عصر الازدهار على يد الجيل الشاب من الكاليبسونيين من ترينيداد وتوباغو، الذين وُلِدوا في أول عقدين من القرن العشرين، وشهدوا خلال طفولتهم تسجيلات الكاليبسو الأولى، التي وجهت أحلامهم ورسمت درب عملهم، مثل لورد إنفادِر وذَ غرولر؛ الذين اتجهوا إلى أمريكا لتسجيل أغانيهم.

تميزت إصدارات هذا الجيل بمحاولتها لمجاراة موسيقى الجاز، والذي جعل مساحة أداء الكاليبسوني تتسع على حساب مقاطع الجوقات الجماعية. كما أن الكثير من الأغاني حافظت على الطابع الوطني رغم تقديمها باللغة الإنكليزية، فتضمنت العديد من عناوين الأغاني كلمات مثل: ترينيداد وتوباغو وكاليبسو، ليبدو أن التعبير عن الانتماء والتعريف بثقافة ترينداد وتوباغو هو إحدى القضايا الأساسية التي حمّلها نجوم هذه المرحلة للكاليبسو. مع العلم أن المواضيع كانت تزداد بتنوعها مع مضي الزمن، وبتأثير الأنماط الموسيقية الأخرى التي تحتك بها. ولكن تأثير الكاليبسو كان هو الأبرز في الكثير من الأحيان، لتنقل أغاني الكاليبسو إلى أمريكا أدواتها بالنقد السياسي والتلاعب بالمفردات، التي تزيد من جمالية الأغاني وخصوصيتها، كأغنية "Rum and Coca-Cola"؛ التي سُجّلت منها نسختان، الأولى بصوت لورد إنفادِر، والثانية قدمتها الفرقة الأمريكية ذَ آندروس سيستر؛ لتعمّق ثقافة الكاليبسو وموسيقاها وتُساهم بنشرها في الولايات المتحدة.

+ اقرأ المزيد عن
أحدث المواضيع