كما تضج لندن، بأندية كرة القدم التنافسية مثل تشيلسي وأرسنال وتوتنهام وويستهام وغيرهم، فإنها أيضًا تزدحم برابرز بارزين مثل سكيبتا وستورمزي وليتل سيمز وديف وغيرهم، والذين يسكنون إما في الشمال أو الجنوب، الأول غني بالموارد، والثاني حيث نسبة الفقر الأعلى والتجارب الأقصى، موزعين للمركزية الهيب هوب - ية بينهم.
أما الغرب الأقل وجودًا تحت الضوء، مسقط رأس نادي تشيلسي الإنجليزي، فيحتضن اسمًا استطاع وضع نفسه على خريطة الراب، خارجًا عن التقلدية -تمامًا كأشهر نادي في منطقته- وبقصص فريدة تخص مسقط رأسه، ومساحة للتعاون مع أسماء عالمية مختلفة.
لا يكمن تميز سنترال سي في كونه لاعب لغوي بارع يستطيع خلق سرديات قوية فحسب، لكن أيضًا لأنه لا يستند في تجاربه على موسيقى الدريل فقط، بل يدمج معها ألوانًا أكثر انتشارًا، من الجيرسي للكلوب، للجنرات اللاتينية وحتى الأفروبيتس.
وبرغم اعتماده على أساليب الإنتاج الموسيقي المعتادة في الراب مثل السنير المتتالي المضغوط وإيقاع الـ 808، فإنه يحرص على إضافة خطوط وطبقات نغمية، أو سامبلز لحنية، ما يجعل مركز التراك هو كلماته وحكيه المباشر.
كما أنه لا ينتظر المستمع ليصل إليه، فهو لاعب ذكي يعرف كيف يستغل وسائل الترويج المختلفة ومنصات الاستماع والعرض بشكل دائم وأنيق. يملك ذوقًا صعب التكرار في ملابسه وإكسسواراته، وملامح تعكس خلفيته المختلطة، ما يشعرنا أنها محمّلة بتجارب وحكايات مرتبطة بفئات اجتماعية واسعة، كما أن محتواه وموسيقاه تكشف عن شخص مسلٍ وترفيهي للغاية في نفس الوقت!
عمل مع منتجين موسيقيين مختلف النمط مثل 808 ميلو ويوشي، ليأخذوا أعماله إلى مساحات أوسع. وفتح أيضًا مجالًا لتعاونات مع منتجين موسيقيين جدد مثل آرثر بين الذي عمل معه على ألبومه "Can't Rush Greatness"، والذي استطاع تحقيق معادلة صعبة للغاية بين صنع هيتات تُلعب بالأندية الليلية، وفي نفس الوقت لها مواضيع جادة خارجة من الأحياء الفقيرة.
"Commitment Issues”
وفي عام 2021 أصدر سينترال سي "Commitment Issues” وعبرت عن موضوع عاطفي بمشاعر واضحة، عكس فيها بين وضعين متضادين بين الغنى والفقر، مضيفًا لها تقنية الأصوات المعدلة بالأوتوتيون بالبداية، لتكون إضافة شبيهة بتراكات الآر-أند-بي الشاعرية.
وفي مطلع 2022 بعد نجاح تراكه "Khabib"، قدم تعاونًا شمل سبعة رابرز من مناطق مختلفة من أوروبا، وهم راندو داسوسا وبيبي جانج وإيه تو أنتي ومراد وبيني جونيوروآش 22 وقريز كورليوني.
"Euro Vision"
أتت "Euro Vision" لتحمل عنوان المسابقة الموسيقية الشهيرة التي تقام بين موسيقيين أوروبيين لاختيار أغنية واحدة تعتبر الأبرز بالقارة، وقُدمت كمانفيستو تعريفي لكل رابرز الشوارع القادمين من تجارب مختلفة بين الطبقات العاملة الكادحة. التراك تميز بسلاسة في الانتقالات بين الفيرسات لكل رابر بلا فواصل واضحة، والصوت الأوبرالي المشتت في الخلفية.
"Doja"
في كل إصدار تلو الآخر وجد سنترال سي نفسه تدريجيًا يخرج لمساحات أكثر لعبًا ومرحًا، أبرزها "Doja" والتي قدّمت بارات ساخرة تهكمية، ولحن مسمبل من تراك إيف "Let Me Blow Ya Mind" والذي عكس مسحة من الروح اللعوب لأعمال بداية الألفينات.
بالإضافة لتعاونه مع صانع النجوم الرابرز الشباب كول بينيت، والذي ركز فيه على الألوان الحية الباردة، والزوايا المبرزة لمباني الضواحي السكنية المميزة بشققها الملتصقة ببعضها البعض، والتي تعتبر ملمحًا جماليًا جذابًا ذو هوية، بالإضافة إلى البورتريهات الملونة التي أبرزت تفاصيل وجه سي.
وقد أصبحت لعبة السمبلة تسيطر على أعماله، ليقدم بعدها وصلة تبجحية شاعرية في نفس الوقت، تجمع بين فقدان الحبيبة والاستعراض، على لحن دريل مطعم بإيقاع "Let Her Go" لباسينجر.
"Band 4 Band"
هذه النوعية من الأنغام ضمنت له تنوع مع نجم قوي من مدينته وهو ديف في "Sprinter"، المعتمدة على الدريل المطعم برتم الأفرو في التوزيع، والتتابع السلس في الفيرسات، بحيث تتمازج قصة المكافحين وهم يناقشون كيف يشعرون بالامتنان لرحلة صعودهم ولكن في نفس الوقت يشعرون بالخوف من تهديدات وغدر المستقبل.
بعد نجاحه المتكرر أصبح سنترال أكثر جاهزية للعب في سوق أوسع، وهو سوق الهيب هوب الأمريكي، حيث قدم تعاونين متنوعين، الأول وقف فيه وجهًا لوجه بتبجحه ذو اللكنة البريطانية أمام التبجح الأمريكي في "Band 4 Band" مع ليل بيبي، مقدمًا تجربة كان سر حيويتها في معادلة مزيج الدريل البريطاني والتراب الأطلانطي.
أما الثاني فاختار فيه آيس سبايس كشريكة في قصة حب معقدة عبر تراك "Did It First" ، والذي استعمل فيه الجيرسي الخالص ليجابه أسلوب سبايس شديد الإيقاعية.
كل تلك التجارب جعلت من ألبوم سنترال سي الصادر منذ أسابيع "Can't Rush Greatness"، تجربة منتظرة بترقب، وكأنه نجم مخضرم ظل لسنوات غائبًا عن إصدار الألبومات تاركًا جمهوره في شوف كبير، وليس موهبة لم يمر على صعودها أكثر من أربعة أعوام. شمل الألبوم 18 تراك جديد، وتعاونات ملفتة مع نجوم عالميين مثل 21 سافاج لتؤكد هذه التجربة أن الرابر الشاب لا يستعجل العظمة، ولكنها تأتي معه بالتدريج، بعدما أكد لنا أنه لا يحدد لنفسه سقفًا بالتجريب.