قبل أن تدخل نادين لبكي لعالم السينما والأفلام -سواء بالكتابة أو بالتمثيل أو الإخراج- وتحقق إنجازات غير مسبوقة بأفلامها والتي كان آخرها "كفر ناحوم" الصادر عام 2018 والذي حصد العديد من الجوائز منها جائزة لجنة التحكيم بمهرجان كان واستطاع الوصول لترشيحات جوائز الأوسكار عن أفضل فيلم بلغة اجنبية، شقت نادين طريقها في البداية عبر بوابة الفيديو كليب. حققت ذلك مع مجموعة من أبرز نجوم الوطن العربي، حتى أنها كونت ثنائية لا تنسى مع نانسي عجرم في بدايات ظهورها على الساحة الفنية في بداية الألفية. نجحت نادين بأفكارها غير الاعتيادية في رسم صورة مميزة قريبة إلى حد كبير من الصورة السينمائية، فضلًا عن تنفيذ كل فيديو كليب كأنه فيلم قصير، في وقت شهد اهتمامًا كبيرًا من قبل النجوم والمخرجين بجودة الفيديو كليب، حيث أنه أصبح واحدًا من الركائز الأساسية لنجاح ورواج الأغنية بشكل عام.
يمكننا أن نصف أسلوب نادين الإخراجي بالسهل الممتنع، فدائمًا ما تأخذنا في رحلة إلى عالمها الذي تتخيله، تتعمق وتسرد وتهتم بتفاصيله فيشعر المشاهد بالألفة والانبهار في آن واحد. أحبت نادين الرقص والاستعراضات الموسيقية، وظهر ذلك جليًا في العديد من أعمالها. في باكورة أعمالها مع باسكال مشعلاني في أغنية "يا طير الغرام" حرصت على وجود عنصر نسائي يتمايل بخفة على الإيقاع الشرقي الحزين. ومع نظرة متأنية لبقية أعمالها الإخراجية، لاحظنا حبها وتفضيلها للحقب الزمنية القديمة عندما كان الرقص والاستعراض جزءًا من الثقافة الشعبية فيرتاد الجمهور المسارح لتذوق الفنون المختلفة. ظهر ذلك بوضوح في تعاونها مع يوري مرقدي بأغنية "بحبك موت" التي امتلأت بملابس وإكسسوارات براقة من حقبة العشرينيات، كما صورته كنجم يغني في أحد الكازينوهات مع تهافت الجمهور عليه وتعالي صياحهم بمجرد رؤيته. لم يكن هذا العمل الوحيد الذي يأخذنا في رحلة إلى زمن قديم، فقدمت أيضًا مع ماجدة الرومي فيديو كليب "اعتزلت الغرام" الذي امتلأ بالاستعراضات الفنية التي تشبه الاسكتشات المستوحاة من فترة الستينيات. بالطبع، لم يكن من السهل تقديم نجمة كبيرة بحجم ماجدة الرومي في رؤية استعراضية، ولكن رؤية نادين بمعاونة مصممة الرقصات إليسار كركلا القادمة من مسرح كركلا العالمي، جعلت كل لقطة في الفيديو تشبه التابلوهات، فيما جاءت الملابس من تصميم نيكولا جبران.
كان لنانسي عجرم نصيب الأسد من التعاونات مع نادين لبكي، فقدّما سويًا حوالي ثمانية كليبات، منها الكليب الأيقوني لأول هيت في مسيرة نانسي "أخاصمك آه"، ثم تلاه "يا سلام" التي أطلت من خلاله نانسي كنجمة استعراض من حقبة ماضية، مع التركيز على تفاصيل المحيطة بها بمكان عملها. ورغم أن كلمات الأغنية مليئة بالحب والغرام إلا أن نادين بذكائها جعلت الفيديو يدور حوّل نانسي ومشاعرها إلى أن تلتقي بحبيبها في نهاية الفيديو.
كان آخر تعاون بين نادين ونانسي عبر أغنية "في حاجات" الصادرة عام 2010 والتي أكملت بها ثلاثية فيديوهات بدأتها مع "ياي" ثم "لون عيونك" وعرضت من خلالهم تطور الحب والإعجاب إلى زواج ثم تناقش مشكلات ما بعد الزواج. لم تكن تلك المرة الأولى التي عمدت فيها نادين إلى مناقشت قضايا المرأة، فسبق ذلك تناولها لمشكلات الأزواج من وجهة نظر أنثى، بأغنية "اطلع فيي" التي قدمتها مع كارول سماحة عام 2004 ولاقت جماهيرية كبيرة.
كما تعاونت مع نوال الزغبي في عز تألقها في فيديو كليب "بعينك"، وكان من الأعمال المميزة لنوال من النواحي البصرية، رغم أنها جسدت فيه طبيعتها كمغنية شهيرة تحيي حفلًا وسط جمهور عريض ويصاحبها على المسرح بضعة أشخاص يقدمون رقصات تعبيرية.
ورغم مسيرة نادين الحافلة بالنجاحات، إلا أنها قررت عام 2010 أن تبتعد عن إخراج الفيديو كليبات لتتبع شغفها، أو بالأحرى لتتفرغ له، والذي يتمثل بالإخراج السينمائي.
