ظهر اسم عبد الحليم حافظ الأسبوع الماضي لأول مرة على قوائم بيلبورد عربية، حيث سجّل دخولًا قويًا إلى المركز 61 على قائمة 100 فنان، وبقي حاضرًا هذا الأسبوع في المركز 89. لا يختلف اثنان على قيمة عبد الحليم الفنية والتاريخية، ولكن ما حدث بدا مفاجئًا، فكيف ارتفع معدل الاستماع إلى أغانيه القديمة على منصات الاستماع المختلفة؟ وأي أغنيات تحديدًا كانت السبب وراء هذا الارتفاع؟
بالتحليل السريع لتريندات وسائل التواصل الاجتماعية في الأسابيع الماضية، لاحظنا انتشار فِلتر يرسم تصورًا افتراضيًا لأشكال الأشخاص لو كانوا يعيشون في السبعينيات أو الستينيات. اقترن تصميم هذا الفلتر مع أغاني عبد الحليم حافظ في الخلفية، إذ يُمثل صوته بالنسبة إلى الكثيرين رمزًا لتلك المرحلة الزمنية. انتشرت مع انتشار الفيديو مئات الفيديوهات على تيك توك التي تبين التغيرات بين شكل المستخدمين الحالي وبين أشكالهم الافتراضية في السبعينيات، واستخدموا أغاني عبد الحليم كخلفية موسيقية للمشهد، وجاءت أكثرها استخدامًا أغنية على حسبي وداد قلبي، وبالتحديد المقطع الذي يغني فيه: "ضيعت عليه العمر يا بوي/ وأنا ليا معاه حكايات".
لا يمكن بالطبع اختزال مسألة حضور صوت عبد الحليم حافظ في المشهد الموسيقي العربي الحالي، بارتباطه بتريند على تيك توك، فعلاقة الجمهور بهذه الأيقونة الفنية عميقة ومستمرة بعد عقود على رحيله، وحضوره دائم على منصات الاستماع تمامًا كفيروز وأم كلثوم. وحتى على تيك توك، تحجز أغاني عبد الحليم ركنًا ثابتًا، إذ كثيرًا ما تُستخدم أغانيه كمرجع عندما يُراد التعبير عن علاقات الحب النقية والصافية، وحين يُراد القول بأن علاقة الحب تُشبه بتفاصيلها الزمن الجميل. يكفي أن تبحث على تيك توك عن استخدامات أغنية مثل أول مرة تحب يا قلبي لتدرك انتشارها الواسع،ليس لأن أغاني عبد الحليم تُصبح فجأة تريند أو ما شابه، بل لأن لصوته مكانته في الذاكرة ومطبوع باللاشعور الجمعي لأجيال.
تحضر أيضًا أغاني عبد الحليم دائمًا في الحفلات الجماهيرية الكُبرى التي يقيمها نجوم البوب في العالم العربي، فكثيرًا ما يقوم النجوم باستعادة أغانيه بأصواتهم، وتحظى بنسبة عالية من الاستماعات. يظهر أبرز مثال على ذلك في الحفلات التي أُقيمت مؤخرًا لتكريم كبار الملحنين، الذين كان لهم نصيبًا وافرًا من التعاونات مع عبد الحليم، كحفلة روائع بليغ حمدي والموجي. برزت من هذه الحفلات العديد من الأغاني، مثل زي الهوى التي غنتها أصالة وموعود التي غناها صابر الرباعي ورسالة مع تحت الماء التي غناها ماجد المهندس. تساهم فهذه الكوفرات في انتشار هذه الأغاني في أوساط الأجيال الجديدة، التي تعثر لاحقًا على سحر خاص عند الاستماع للأغاني الأصلية بصوت عبد الحليم نفسه.