في واحدة من مفاجآت قوائم بيلبورد عربية الجديدة، دخلت أغنية "نور العين" لعمرو دياب في قائمة بيلبورد هوت 100 لأسبوعين على التوالي؛ وتأتي هذا الأسبوع في المرتبة 52. تبرز الاغنية حتى اليوم بين أشهر هيتات التسعينيات وأكثرها انتشارًا عالميًا، وهي من كلمات أحمد شتا ولحّنها ناصر المزداوي ووزعها حميد الشاعري؛ علمًا أنها كانت التعاون الأول مع الملحن ناصر المزداوي الذي اكتشفه عمرو دياب بالصدفة، والذي لم يتعاون معه عمرو دياب لاحقًا سوى بأغنية "كمل كلامك"، بعد عشرة أعوام.
غامر عمرو دياب حين اختار "نور العين" لتكون الأغنية الرئيسية في الألبوم، وذلك لأن تجربته السابقة مع تعريب البوب اللاتيني في ألبوم "ويلوموني" سنة 1994 لم تلقَ النجاح ذاته بالمُقارنة مع "راجعين" سنة 1995، أو حتى مع الألبومات السابقة لها مُنذ "ميال"؛ فالجمهور لم يكن قد استساغ بعد تأثيرات البوب اللاتيني على الأغنية العربية. وفي حديثه عن كواليس صناعة أغنية "نور العين"، أشار عمرو دياب إلى أن شركاءه في صناعة الألبوم، بمن فيهم حميد الشاعري ورياض الهمشري ومجدي النجار ومدحت العدل وأحمد شتا، قد نصحوه جميعًا باختيار أغنية أخرى لافتتاح الألبوم بها وتصوير فيديو كليب لها، خشيةً من العودة لخيبة "ويلوموني" بعد نجاح "راجعين". أما عمرو دياب فكان متأكدًا من حدسه، وواثقًا أن "نور العين" هي الهيت التي ستحقق النجاح، الأمر الذي تحقق فعلًا.
حكاية عمرو دياب مع البوب اللاتيني تعود إلى ما قبل "ويلوموني"، إذ انعكس إعجابه بهذه الجنرا الموسيقية في تجاربه المُبكرة، حيث جرّب الصيحات اللاتينية في مقدمة أغنية "كلام العين" سنة 1987، وعرّب لحن أغنية "Lambada" بأغنية "ليلي" سنة 1989؛ لكن الذائقة العربية الموسيقية العامة لم تكن مهيأة بعد لاستقبال هذه التجربة. لكن الأمر اختلف في التسعينيات، حين انتشرت المسلسلات المكسيكية المدبلجة، وبدأ الجمهور يتعرف على الثقافة اللاتينية وتتسلسل موسيقاها إليه عبر مسلسلاتها، وبعد أن نجح مسلسل "كساندرا"، صار المناخ العام جاهزًا لاستقبال البوب اللاتيني المعرب أكثر من أي وقتٍ مضى. جاءت حينها "نور العين" في تلك المرحلة، لُيقدّم لها فيديو كليب من إخراج طارق العريان برؤية بصرية مستوحاة من أجواء تلك المسلسلات، لترتدي النساء في الكليب ثياب الغجريات في مسلسل "كساندرا" ويظهر عمرو دياب بإطلالة جديدة، ويبدو مظهره شبيهًا ببطل المسلسل "راندو".
على عكس ما حدث بأغنية "ويلوموني" التي لم يترك الكليب الخاص بها أي أثر يُذكر، فإن الكليب لعب دورًا إيجابيًا في تجربة "نور العين"، وساهم بانتشار الأغنية على أوسع نطاق، في زمن كانت قد بدأت تنتشر فيه المحطات الفضائية العربية التي تعرض الكليبات على مدار الساعة، مثل محطة ART. لكن الفارق بين التجربتين لا يقتصر على العنصر البصري؛ ففي "نور العين" تلافى عمرو دياب كل الأخطاء بتجربة "ويلوموني"، ولاسيما على صعيد التوزيع الموسيقي، حيث قام موزع الأغنيتين حميد الشاعري بإجراء العديد من التعديلات المؤثرة. اتبع أسلوب تبسيط عناصر الأغنية الموسيقية وتدريجها، ليبدأ بالإيقاعات قبل أن يُضيف تدريجيًا جيتارات الكوردات وباقي العناصر الموسيقية، وكذلك استعانة بالأكورديون لعزف الصولويات بدلًا من الاعتماد على الجيتارات الهوائية بشكل كامل.
في صيف العام 1996 نجحت "نور العين"، وغيرت من بعدها وجه موسيقى البوب العربية، لتبدأ أغاني البوب اللاتيني من بعدها بسحب البساط من تحت أغاني المقسوم تدريجيًا، حتى بداية الألفية. وفي سنة 1997 أصبحت "نور العين" هيت على المستوى العالمي، وقام عمرو دياب بإصدار ألبوم كامل ترجم فيه "نور العين" لعدة لغات وقدمها بتوزيعات متنوعة، ولكن النسخة العربية بالتوزيع الأصلي بقيت الأكثر انتشارًا وتفضيلًا، عربيًا وعالميًا. ولم يكن عمرو دياب وحده من أعاد تقديم "نور العين" بنسخ متعددة، فظلَّ العديد من الفنانين الآخرين يحاولون تقديم نسخ مطورة عنها حتى العقد الثاني من الألفية الجديدة، مثل أغنية "يا نور العين" لمساري ومايا دياب وفريش مونتانا، والتي صدرت سنة 2018.