من إيبيزا، المكان الذي احتضنها لمدة 17 عامًا، انتقلت القمة الموسيقية الدولية إلى وطنها الثاني دبي لإطلاق فعالياتها الممتدة ليومين في 14 و15 نوفمبر/ تشرين الثاني في فندق دبليو دبي بالميناء السياحي. وفي نسختها لهذا العام، جمعت القمة قادة القطاع من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ونظرائهم من دول العالم لمناقشة مجموعة من القضايا التي تمس موسيقى الرقص العالمية، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر بناء المجتمع والابتكار التقني والمرأة في عالم الموسيقى.
قدّمت القمة الموسيقية الدولية المنعقدة في دبي هذا العام مزيجًا من الفعاليات المُلهمة، بما في ذلك حلقات النقاش والكلمات وعروض الأداء التي جمعت قادة القطاع والمبدعين والفنانين لإستكشاف مستقبل الموسيقى الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
بكلمات حماسية وحضور مميز، أعلن مضيفا القمة بيت تونغ وروان الزيد عن انطلاق فعاليات القمة الموسيقية الدولية لهذا الموسم. ومن ثم تفضلت مها النبوي، مديرة تحرير بيلبورد عربية بإلقاء كلمة افتتاحية، ملهمة تحدثت فيها عن تاريخ المنطقة المتأصل في الموسيقى الإلكترونية والذي غالبًا ما نغفله أو نتغاضى عنه. كما أكدت مها على قدرة هذا النوع من الموسيقى على توحيد الناس وجمعهم على تفكير موحد.
رؤى من القطاع وديناميكيات إقليمية
تطرّق برنامج القمة المتنوع إلى النمو سريع الوتيرة للموسيقى الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث ناقش أعضاء مثل بدر عسيري من مدل بيست وجيمس كرافين من لايف نيشن الفرص والتحديات أمام بناء قاعدة لهذا النوع من الموسيقى في منطقة ذات تنوع ثقافي كبير. ومن الأفكار الرئيسية التي خلُصت إليها القمة، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعيدة كل البعد عن وصفها بمنطقة متجانسة، فكل دولة فيها تنسج هويتها الموسيقية الخاصة بها.
من جهة أخرى، ناقشت الجلسة بحضور بيت تونغ وصوفيا كيرني من He.She.They، العلاقة المتطورة بين دبي وإيبيزا ودور المدينتين في تعزيز التبادل الإبداعي والحفاظ على الهوية المتفردة لكل منهما.
ويب3: ما وراء الضجة
لدى الوصول إلى موضوعات الويب3/ التمويل، انتقل الحديث إلى التطبيق العملي، حيث شارك فنانون مثل أغوريا أفكارهم عن دور تقنيات البلوك تشين في رسم ملامح التعاون بين مختلف الجهات المعنية. وسلّطت كذلك لجان أخرى الضوء على دمج الألعاب الإلكترونية مع الموسيقى بمشاركة شخصيات رائدة في هذا المجال مثل ميليسا هندرسون. وتحدث المشاركون عن الشركات الناشئة المتألقة في مجال مسرعات الأعمال والتي تهدف إلى إحداث نقلة نوعية في القطاع عبر تقديم حلول تقدمية تواكب المستقبل.
دور المرأة في قيادة الحركة الموسيقية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
ومن أكثر جلسات القمة تأثيرًا وقوة كانت جلسة نساء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عالم الموسيقى، والتي قدّمتها منصة ليتل بينك بوك لتحتفي بإسهامات المرأة في قطاع الموسيقى بالمنطقة. كما ناقشت كريمة ضامر وليليانا أبودلو من بيليف برفقة فناني الدي جي كوزميكات وساليا موضوعات متنوعة عن المرأة في الموسيقى ودور المجتمع وأهمية النجاح الأفقي وتبادل المعارف وغيرها من القضايا.
مغامرات مسائية ونغمات صوتية لا تُنسى
مع حلول ساعات الليل، دبّت الحياة مرة أخرى في معالم دبي. بدءًا من جلسات التواصل في الهواء الطلق في فاراغو ووصولًا إلى مجموعة Beatport في سوهو غاردن التي شارك فيها أيقونات فنية مثل كوزميكات وستاير في، لتتحول المدينة إلى ساحة إبداع وترفيه للفنانين والحضور أيضًا. واختُتمت القمة بجلسة Beatport Sunset مع إطلالة رائعة على دبي مارينا بمشاركة الفنان &فريندز [SG1] تخللها تبادل للأفكار وتعارف بين الحضور، وذلك قبل الحفل الختامي مع بيت تونغ وديب ديش وإيكونوميست.
نظرة إلى المستقبل
لم تكن القمة الموسيقية الدولية في دبي مجرد مؤتمر، بل كانت احتفالًا بالقدرات الكامنة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودورها في تشكيل مشهد الموسيقى الإلكترونية العالمي. وإلى جانب فرص النمو، تطرّقت القمة إلى بعض الجوانب التي تحتاج إلى تحسين. ونجحت القمة كذلك في توفير مساحة حرة لجميع الأطراف المهتمة بهذا القطاع لاستكشاف المشهد الموسيقي النابض بالحياة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع التركيز في الوقت نفسه على الغياب الملحوظ لدور الفنانين العرب في تصدير مواهبهم وأصواتهم إلى المسارح العالمية. إذ هناك حاجة ملحة إلى مواصلة استعراض المواهب الفنية العربية وضمان وصول أصواتهم للعالمية.
من خلال بناء هذا الزخم ومواجهة التحديات المترتبة عليه، يمكن للأجيال القادمة ابتكار منصة أكثر شمولية وتأثيرًا. وبالنظر إلى حجم الإبداع والشغف الذي شهدناه خلال اليومين الماضيين، فإن مستقبل الموسيقى الإلكترونية في المنطقة لا يزال واعدًا والرحلة أمامنا لا تزال طويلة ولكنها تستحق.