ظهرت هيفاء للمرة الأولى في الساحة الفنية عبر فيديو كليب جوليا بطرس يا قصص سنة ١٩٩٤، ثم شاركت مع جورج وسوف في كليب إرضى بالنصيب سنة ١٩٩٦. انتقلت بعدها من مجال عرض الأزياء وتقديم الإعلانات إلى الغناء، لتكون واحدة من أولى العارضات اللواتي حققن شهرة واستمرارية حتى اليوم في المجال الفني. كسرت هيفاء بدخولها هذا قواعد اللعبة للفنانات النساء تحديدًا، وفتحت باب التجريب للأصوات الخفيفة بعد غياب ظاهرة نجمات الاستعراض لسنوات طويلة عن العالم العربي.
تحولت هيفاء وهبي في بداية الألفية إلى ظاهرة فنيّة ونجمة استعراض، قدَّمت تجربتها الفنية الخاصة في كليبات وتعاونات حققت ملايين المشاهدات والاستماعات. نعود في هذا المقال إلى بدايات هيفاء لنرصد خياراتها الفنيّة ونلتقط أبرز ما قدّمته عبر مسيرتها المستمرة حتى اليوم.
أقول أهواك
لم تكن أقول أهواك الأغنية الأولى التي سجلتها هيفاء، فقد سجلت قبلها إصدارًا مع شركة منتجة لكنه لم يبصر النور، وانتقلت للعمل مع روتانا. افتتحت أقول أهواك مسيرة هيفاء الغنائية بألحان لاتينية وإيقاعات شرقية صاغها طارق أبو جودة، وسمحت لها بتقديم صوتها الذي أدركت أبعاده جيدًا ولم تخاطر بإخراجه من قالبه الطبيعي إلى درجات مرتفعة. افتتحت وقتها موجة جديدة من الغناء الخفيف الذي يندمج مع الأسلوب الاستعراضي، ويعطي متعةً من نوع ثاني بعيدًا عن العرب والتلاوين اللحنية. حملت كلمات طوني أبي كرم الثيمة الأبرز في أعمالها القادمة وهي التحدي والقوة عبر التغلب على جراح الحبيب ورفض العذاب، لتفتح ملحمة طويلة استمرت لأكثر من عقدين. بَنَت هيفاء منذ الكليب الأول صورة بصرية مميّزة في مشاهد مليئة بالحركة والرقص، حيث كشف سليم الترك عن جرأتها أمام الكاميرا وتحديها للكثير من المعايير النمطية المرتبطة بطريقة تحرك المغنية وتقديم أنوثتها. خرجت هذه الأغنية ضمن ألبومها الأول كما عرفت باقي الإصدارات أيضًا شهرة كبيرة مثل وحدي وقالولي عنه.
ألبوم بدي عيش
على الرغم من الانتقادات التي طالت هيفاء على صوتها وأدائها، إلا أن شهرتها بعد الألبوم الأول جعلها تلتفت فقط للجمهور الذي أحب ما قدمته، وأن تأخذ عملها بجدية لتقديم ألبومها الثاني. حمل ألبوم بدي عيش عددًا من الأسماء البارزة في مشهدي البوب اللبناني والمصري، لتثبت أن الوسط الفني أعطاها أحقية الغناء عبر تعاونات مثمرة. تعاملت مع الياس الرحباني في بدي عيش ومع جان صليبا في أنا هيفا، لتقدم في هاتين الأغنتين فلسفتها عن الحياة وتجيب النقاد على أنغام إلكترونية عصرية. حققت معظم أغاني الألبوم شهرة ضخمة في المنطقة، وجاء كمحطة مهمة في مسيرتها الغنائية خاصة أنها قدمت أغانٍ جديدة بأسلوب مختلف عن كل ما سبقها في رجب وفاكرني، والتي كشفت خلالهما عن طريقة أداء لافتة وظفت فيها صوتها الطبيعي الخفيف. كما كشف كليب رجب من إخراج هادي الباجوري عن الجانب التمثيلي في شخصية هيفاء وذلك قبل خوضها غمار التمثيل بسنوات.
ألبوم بيبي هيفا
في مقابلة خاصة، تحدّثت هيفاء عن طفولتها الصعبة التي قضتها في مدرسة داخلية بعيدًا عن أهلها وإخوتها، وكيف تعلمت خلال هذه السنوات أن تحمل مسؤولية نفسها ما صقل شخصيتها القوية والمستقلة على حساب طفولتها. خرج ألبوم بيبي هيفا عام ٢٠١٠ كهدية منها إلى الأطفال أولًا وإلى طفولتها الصعبة ثانيًا، وقد حمل أصوات وتأثيرات حالمة مع ثيمات مرتبطة باللعب والمرح. انحدرت هيفاء من أم مصرية ووالد لبناني، ما جعلها تقف بين الثقافتين في أغلب إصداراتها، وقد قدمت في هذا الألبوم أغاني أطفال من الثقافة المصرية في أكلك منين يا بطة ومن الثقافة اللبنانية في بقوسي. أما أكثر الأغاني شهرة والتي قدمتها على طريقة الكليب بمشاركة الأطفال هما بوس الواوا من إخراج إميل سليلاتي كلمات داني يونس وألحان وسام الأمير، وبابا فين من كلمات وألحان مصطفى كامل ومن إخراج ليلى كنعان.
توتة
شكلت توتة مرحلة جديدة من مسيرة هيفاء، خاصة وأنها انشغلت خلال الفترة التي سبقت هذا الإصدار بالتمثيل، وقدمت عددًا من بطولات الأفلام المصرية مثل دكان شحاته وحلاوة روح. جاءت توتة سنة ٢٠١٨ ضمن ألبوم "حّوى" أولى ألبوماتها التي أنتجتها بنفسها بعد أن تركت شركة روتانا. قدمت فيها أسلوبها الحذق بإظهار نفسها المرأة القوية باعتبارها السردية الأبرز في مسيرتها الغنائية. حملت الأغنية إيقاعات إلكترونية راقصة وأعطاها بلال سرور لحنًا جذابًا، بينما نقلت كلمات شادي نور مراحل تعامل الفتيات مع المشاكل العاطفية. جسدت هيفاء هذه المراحل في كليب من إخراج سليم الترك، من الرياضة إلى البلوك وسهرة الصبايا، وظهر فيها اهتمامها المستمر بالموضة وحرصها على تقديم لوكات مميزة دائمًا. لاتزال توتة بعد خمس سنوات من خروجها ترند على مواقع التواصل الإجتماعي، وقد ابتكر الجمهور خطوات راقصة مخصصة ما ساهم في انتشارها أكثر خلال الفترة الماضية.
لو كنت
تختصر بارات لو كنت شخصية هيفاء الفنيّة وكيف بنت هذه الصورة خلال عقدين من الزمن. كتب الأغنية وشاركها في الغناء أكرم حسني، واتبع مع هيفاء فلو تراب قرّب الإصدار من جنرا الهيب هوب. ظهرت معالم النضج على صوتها الذي بقي بعد كل هذه السنوات واثقًا من قدراته، بعيدًا عن مغامرات خطرة لا يحتاجها، خاصة وأن ما ميّز أداءها هو طبقة الدلع الطبيعية دون عناء ونطق الأحرف بطريقتها الخاصة. استعرضت هيفاء في مشاهد من إخراج حسام حسني أزياء عصرية منوّعة، كما قدمت مشاهد راقصة وبدلت لون شعرها أكثر من مرة، وكأنها استوحت من شخصيات المسلسلات التي قامت ببطولتها في السنوات الماضية مثل كارما والحرباية.