المراجعة الكلاسيكية: ألبوم شبّاك الحب لـ وائل كفوري

بالتزامن مع صعوده على قوائم بيلبورد عربية مع أحدث إصداراته، نعود لنتذكر ألبوم وائل كفوري الذي بات الآن من كلاسيكيات الليفانتين بوب
وائل كفوري (مزيكا)
وائل كفوري (مزيكا)
Change Font Size 20

نعود في المراجعة الكلاسيكية هذا الأسبوع إلى صيف العام 1998، حين أصدر وائل كفوري واحدًا من أبرز الألبومات على امتداد مسيرته "شباك الحب". مثّل الألبوم نقلة نوعية في مسيرة النجم وقد أصبح حينها قدوةً لجيل الشباب، الذي تعلّق بحكاياته العاطفية والشخصية، ولاسيما تلك الحكايات التي غنّاها في مرحلة الخدمة العسكرية، والتي سيطرت على الألبومين السابقين لـ "شباك الحب"؛ ونقصد ألبومي "أنا رايح بكرا عالجيش" 1996 و"12 شهر" 1997.

عند صدوره، انتشر ألبوم "شباك الحب" باسمين؛ حيث كانت بعض الكاسيتات تعنون الألبوم بـ "الحب فنون" أيضًا. وفي كلتا النسختين احتوى الألبوم على ثمان أغاني، خمسة من بينها باللهجة اللبنانية. كما استحوذت ثلاثية الشاعر نزار فرنسيس والملحن سمير صفير والموزع طارق عاكف على أربعة منها، وبدت منسجمة مع هوية وائل كفوري الفنية التي رسمها بعناية بعد أن تخرّج وائل كفوري من برنامج "ستوديو الفن" للمخرج سيمون أسمر سنة 1993، عبر ألبوماته الخمسة الأولى السابقة لـ "شباك الحب". في حين بدا وائل كفوري في الأغاني الثلاثة المتبقية يسعى إلى تحقيق انتشار أكبر على المستوى العربي، بتقديمه الأغنية المصرية "قلب وجرح وشوق" التي كتبها مدحت العدل ولحّنها رياض الهمشري ووزعها حميد الشاعري، بالإضافة للأغنية البدوية الفولكلورية "الشوق"، فضلًا عن أغنية "الحب فنون" التي قدمها باللغة العربية الفصحى، وهي من كلمات أنور سلمان وألحان وجدي شيا وتوزيع فراس شاتيلا.

كانت الميزة الرئيسية في أغاني وائل كفوري منذ البداية أنها تعتمد على السرد؛ يكمن جمالها بأنها تروي حكاية واضحة غنية التفاصيل لموقف بحد ذاته، قد يكون لحظيًا وشديد الإثارة، كما هو الحال في "ليل ورعد" أو قد يكمن جماله بأنه موقف يستحضر تاريخًا عاطفيًا في مشهد تُصوره الكلمات، كما هو الحال في "البرنيطة". تقديم وائل كفوري لأغاني حكائية، جعلت كُل ما يُقدمه من حكايات في أغانيه يمتلك قابلية التصديق بشكل أكبر. لذا فإن استقبال الجمهور لأغاني ألبوم "شباك الحب" كان محكومًا بهذه المعادلة، فكان السؤال حينها: هل يُغني وائل كفوري مجددًا من وحي تجاربه الشخصية؟ تاهت إجابة السؤال ما بين السرد الواقعي التفصيلي في الأغنية الافتتاحية "من دون قصد"، وما بين الأغنية التي حملت اسم الألبوم "شبّاك الحب"، والتي يكسر بها وائل الكفوري القاعدة عندما يؤنسن الشبّاك ويحاوره. أسست هذه الأغنية إلى السرد الخيالي الذي سيسيطر على نسبة كبيرة من أغاني وائل كفوري، في أغاني مثل "عم فتّش عشقفة كون" وحتى أحدث أغانيه "الوقت هدية". لكن في تلك اللحظة، كان الجمهور أكثر ميلًا لـ "من دون قصد"، ففيها عثروا على الحكاية الواقعية المنطقية التي ينتظرونها من وائل كفوري.

هكذا انتقل وائل كفوري من دراما الشباب في الخدمة العسكرية الإلزامية، إلى دراما الحب والخيانة بأغنية "من دون قصد"، التي تصدرت المشهد حينها. تميزت أغنية "من دون قصد" ببنائها الدرامي المتماسك، حيث تبدأ الأغنية بموقف درامي بسيط في الكوبليه الأول، وما نجم عنه من ردود فعل عنيفة تم تداركها سريعًا. أما الكوبليه الثاني، "كذابة عرفتك كذابة"، ففيه ينتقل وائل كفوري إلى تقييم الموقف وعلاقة الحب بتروي أكبر، ليخرج بنتائج منطقية، قبل أن ينتقل إلى المواجهة المباشرة في الكوبليه الأخير: "لو ما أنتي بدلي كنتي وتبادلنا بالأدوار"، الذي نصل إليه بعد فاصل موسيقي مختلف وفريد، يهيئنا لاستقبال لحظة الذروة التي ينتصر بها البطل ويتحقق التطهير الدرامي.

بخلاف الدراما الواقعية في "من دون قصد" تأتي دراما "شبّاك الحب" بالكثير من التخيلات، لنستمع فيها لحوار يدور بين وائل كفوري والشبّاك الذي يُلاقي حبيبته عنده كل ليلة؛ حوار يتوسع بالكوبليهات الأخيرة ليُصبح القلب طرفًا فيه. رغم غرابة فكرة الأغنية، إلا أنها تعكس الكثير من الجوانب المثيرة بشخصية وائل كفوري الفنية، التي تعتمد على المبالغات والتهويل للتعبير عن المشاعر الرقيقة والمرهفة؛ ففي "شبّاك الحب" يدور ما يدور من حوارات بسبب خشية وائل كفوري من إزعاج حبيبته النائمة، التي يكتفي بتأملها من خلف الزجاج.

صيغة المبالغة نجدها أيضًا في واحدة من أبرز هيتات الألبوم "برج فرنسا"، التي يُعدد بها وائل كفوري عجائب الدنيا السابعة، ويُصنف رقصة محبوبته وضحكتها بأنها الأعجوبة الثامنة. بخلاف ما يوحي عنوان الأغنية "برج فرنسا"، فهي أغنية عروبية بامتياز؛ فبعد الموال الغزلي واللازمة الرئيسية التي يُعدد بها عجائب الدنيا، ينتقل وائل إلى توصيف جمال محبوبته، والذي يجمع من كل قطر من أقطار الوطن العربي خصلة؛ لتكون الأغنية بالمحصلة تغزلًا بالجمال العربي.

ومن الملاحظات المثيرة حول ما قدمه وائل كفوري في الألبوم أن الأغنية المصرية "قلب وجرح وشوق"، والتي جرّب فيها المقسوم المصري بنسخة حميد الشاعري، قد تمَّ تقديمها بقالب خاص، يجمع فيه بين جماليات البوب المصري والبوب الشامي؛ حيث سبق الأغنية موال مُثير على الطريقة الشامية، كان بلا شك أجمل مقاطع الأغنية وأكثرها تميزًا.

+ اقرأ المزيد عن
أحدث المواضيع