تصدّرت أغنية "غصن رمان" للفنانة مريم شهاب قائمة أعلى 50 أغنية إندي، بعد أدائها التصاعدي على قوائم بيلبورد عربية على مدار الشهر الماضي. الأغنية، التي صدرت في نهاية عام 2024، لاقت انتشارًا واسعًا بين محبي الموسيقى المستقلة، بفضل مزيجها الفريد بين الكلمات الشعرية واللحن، فأغنية "غصن رمان" هي قصيدة للشاعر العراقي سرمد السبتي، كتبها باللهجة المحكية، ولحنتها مريم شهاب بنفسها.
من هي مريم شهاب؟
أما مريم شهاب، فهي موهبة شابة، لم تدخل عالم الموسيقى كمهنة رئيسية، بل بدأت كمجرد هواية إلى جانب عملها كطبيبة أسنان. بدأت رحلتها الموسيقية قبل نحو عشر سنوات عندما كانت لا تزال طالبة في المدرسة الثانوية، حيث قامت بتلحين قصائد عربية قديمة مستمدة من المناهج الدراسية، قبل أن توسع نطاق اهتمامها إلى قصائد من التراث العربي الغزير.
قامت بتلحين وغناء قصائد لشعراء مثل أبو العتاهية وحاتم الطائي والمتنبي وأبو نواس ونزار قباني، مستخدمة آلات غربية تُجيد العزف عليها، كالجيتار والبيانو. في الآونة الأخيرة، اتجهت مريم إلى البحث عن قصائد باللهجات المحكية، بهدف الوصول إلى شريحة أوسع من الجمهور، وكانت "غصن رمان" أولى هيتاتها.
قصيدة تتأثر بثيمات الشعر العربي
تتميز كلمات "غصن رمان" بجمالية شعرية صارخة، تستمد تعبيراتها من لغة الشاعر المحكية والمرجعيات الثقافية العربية الأصيلة والميثيولوجيا، تعبّر الأغنية عن رغبة العاشق الجامحة لاستعادة محبوبته، مع تقديم مُغريات واستعارات من الجنة: "تعالي بسرعة يا فلانة/ حبيبج عينه ذبلانه/ عسى الله لا ينومني/ واتركج ليلة زعلانة/ أنا مولّع أنا ملوّع/ أنا العاشق أنا الولهان/ لامد إيدي على الجنة/ وانزلك غصن رمان".
وتتكرر ثيمة في الشعر العربي الأصيل ضمن أغنية "غصن رمان"، حيث ترسم صورة للعاشق المستعد لكسر التقاليد والعادات من أجل الظفر بمحبوبته، وتُعيد تشكيل السياق البطولي والعزلة التي تُلازم العشاق في الشعر العربي، لتبدو الأغنية، ورغم اعتمادها على اللهجة العراقية المحكية، تعتمد على جماليات الشعر العربي الأصيل الذي يختلف جملةً وتفصيلًا عن السائد في الأغنية العربية: " اجي لهلج واقللهم/ أحبن بنتكم الحلوة/ وإذا ما يردوا ينطونج/ أبوقج بوقه بالقوة/ أعادي الكل على شانج/ عمامج أهلج اخوانج/ وأجيب الدنيا وافضحكم/ وأنام بوسط شارعكم".
تطويع لحن يليق بالكلمات
اللحن الذي وضعته مريم شهاب للأغنية يحمل طابعًا بسيطًا لكنه ساحر، حيث استخدمت تركيبة موسيقية خفيفة تعزز من وقع الكلمات على المستمع. طريقة نُطقها للكلمات تُضيف لمسة خاصة تعكس صدق العاطفة في الأداء، كما أن اللحن يسير بانسيابية متناغمة مع الكلمات، مما يجعل الأغنية سهلة الحفظ والترديد، وهو أحد أسباب انتشارها الكبير بين الجمهور.
إلى جانب النسخة الأصلية، أصدرت مريم شهاب "غصن رمان" ضمن ألبوم قصير تميز بفكرة مبتكرة، حيث أعادت تقديم الأغنية بخمس نسخ مختلفة. بالإضافة إلى النسخة الأساسية، تضمنت المجموعة نسخة مسرعة ونسخة مُبطأة ونسخة تعتمد على الغناء فقط من دون موسيقى وأخرى للموسيقى فقط دون كلمات.
بهذا النجاح، تثبت مريم شهاب مجددًا أن الموسيقى المستقلة في العالم العربي لا تزال تملك مساحة واسعة للنمو والتطور، وأن الأصوات الجديدة التي تحمل لمسات فنية خاصة يمكنها الوصول إلى قلوب المستمعين، تمامًا كما فعلت مع "غصن رمان".