أحيت المملكة من تاريخ 5 إلى 14 ديسمبر / كانون الأول أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة، وهو حدث موسيقي استثنائي يجمع نخبة من الفنانين والمتخصصين في مجال صناعة الموسيقى، متضمّنًا عدة جلسات حوارية ملهمة، من ضمنها جلسة "السياحة الموسيقية: صناعة العروض الحية وتأثيرها الإقليمي من منظور دول مجلس التعاون الخليجي".
وخلال هذه الجلسة، حاور راي أحمد، مدير تطوير الأعمال في شركة PopArabia، كلًا من رمضان الحرتاني، الرئيس التنفيذي لمدل بيست، وراجيت مالهوترا، الشريك في منصة Sole، وخديجة البنّاوي، رئيسة قسم الفنون الأدائية في دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، ودانة السعد، نائبة الرئيس التنفيذي لهيئة البحرين للسياحة والمعارض وعضو مجلس إدارة مسرح بيون الدانة، حول كيفية تعزيز مكانة دول الخليج كوجهة عالمية للموسيقى والسياحة الموسيقية.
إبراز الهوية الثقافية من خلال الفعاليات الموسيقية
بدأ راي أحمد حديثه بتسليط الضوء على المواهب الشابة الموجودة بالمنطقة، والتي أصبحت بيئة حاضنة للفن والإبداع، قائلًا: "بفضل وجودنا هنا والتعاقد مع فنانين في السعودية، اكتشفنا مجموعة كبيرة من المواهب في المملكة وفي مختلف دول مجلس التعاون الخليجي"، عاكسًا التحوّل الكبير الذي تشهده صناعة الترفيه في دول الخليج.
تبرز أهمية هذا التحوّل أيضًا في التعاون الخليجي المشترك الذي أتاح لهذه المواهب فرصة الظهور والتألق وأسهم بشكل جوهري في جذب الاهتمام العالمي للمنطقة، كما أشارت السعد قائلةً: "عملنا بالشراكة مع دول مختلفة على ترسيخ مكانة المنطقة كوجهة رئيسية للجولات العالمية، في خطوة تمثل تحولًا جذريًا في المشهد الفني". ومن هنا، تهدف هذه الرؤية إلى تحقيق عوائد اقتصادية مباشرة وتعزيز الترابط الثقافي والاجتماعي وتسليط الضوء على هوية المنطقة عبر الفعاليات المُقامة على أرضها.
وفي هذا السياق، شارك الحرتاني تجربته بالمهرجانات التي أقامتها مدل بيست في جدة قائلًا: "الحدث الذي نقيمه في حي البلد بجدة، المنطقة التاريخية المُدرجة ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو، يُمثل تجربة فريدة ويُسلط الضوء على المواهب المحلية. ورغم أن المكان يحتفظ بأصالته، إلا أنك ستكتشفه بطريقة جديدة تمامًا. إنه مكان فريد من نوعه، وهذا التفرّد هو ما يجذب الناس ويجعل التجربة لا تُنسى".
المواهب الشابة: محرك الإبداع في الساحة الموسيقية
إن المواهب الشابة هي حجر الأساس للمستقبل الموسيقي بالمنطقة، وتتضح تلك الصورة أكثر في وجود الفعاليات الحية التي أصبحت مصدرًا للإلهام للجيل الصاعد، إذ يكتشف هذا الجيل من خلالها فرصًا مهنية متنوعة تفتح أمامه أبواب الإبداع. وتؤكد السعد ذلك قائلةً: "تلهم الفعاليات الحيّة جيل الشباب لاستكشاف مجالات مهنية متنوعة، حيث يتعرفون عن قرب على آليات تخطيط الفعاليات وتنفيذها وشبكات التوريد الواسعة التي تدعمها، مما يُشعل شرارة الإبداع في أذهانهم."
وتحدثت البنّاوي عن أهمية دعم الفنانين بتوفير قاعدة متينة وداعمة، مصرّحةً أن: "قيادتنا تتمتع برؤية مستقبلية، وينعكس ذلك على الاستثمارات الكبيرة لتطوير بنية تحتية قوية ودعم المواهب المؤهلة لإدارة المهرجانات والمسارح بكفاءة، لكننا نحتاج أيضًا إلى الاستثمار في الفنانين، حيث يشكّل دعم حقوقهم ركيزة أساسية في هذه المنظومة". ولا شك أن تلك الاستراتيجية أسهمت في تعزيز مواهب المنطقة لتصبح قوة ثقافية مؤثرة عالميًا.
مستقبل الموسيقى في الخليج العربي: رؤية مشتركة نحو الريادة
إيمانًا بتكاتف الجهود والتعاون المشترك الذي يشكّل ملامح مستقبل موسيقي واعد؛ قدّم المتحدثون خلال الجلسة حلولًا ومقترحات مبتكرة لتطوير المشهد الموسيقي في الخليج، مستندين إلى رؤية مشتركة تهدف إلى تحويل المنطقة إلى مركز عالمي لصناعة الموسيقى.
وكشاهدٍ على نجاح التجربة، شارك الحرتاني دور الهيئة السعودية للسياحة في تعزيز القطاع الترفيهي، والتي بدأت جهودها في 2019 بتسهيل الوصول إلى الفعاليات الموسيقية والترفيهية عبر التأشيرات السياحية، مما وضع المملكة على خريطة الفعاليات العالمية وعزّز عوائدها الاقتصادية والثقافية، ومن جهتها، شدّدت البناوي على أهمية دعم حقوق الفنانين والاستثمار في البنية التحتية لتطوير المواهب، بينما أوضح مالهوترا أن تقديم تجارب استثنائية هو المفتاح لجذب الزوار وتعزيز مكانة الخليج كوجهة ثقافية عالمية!
تعرض كل هذه المقترحات رؤية واضحة ومتكاملة لتعزيز مكانة دول الخليج في صناعة الموسيقى العالمية، إضافةً إلى جذب السياح من حول العالم وتأسيس مشهد موسيقي مستدام.